عانت السعودية من الإرهاب خلال العقدين الماضيين، ولكن أصبحت الخبرة حول الإرهاب في السعودية كبيرة؛ فرغم الضربات الأمنية السعودية القاضية التي تلقاها تنظيم القاعدة إلا أن الأحداث الحاصلة بعد بدء الأحداث الثورية في الدول العربية نفت بعض التوقعات والتحليلات بانحسار القاعدة وإنما لم ينحسر سوى نجمها الإعلامي في بداية الثورات، وكما قد ذكرت آنفاً أن الثورات لن تنه القاعدة بل ستزيدها ضراوة وقوة. فصارت القاعدة لاعباً سياسياً تتفاوض معه أنظمة واستعملتها وتحالفت معها دول. مع بدء الثورات العربية، وبعد أفول نجم القاعدة بمقتل أسامة بن لادن أراد التنظيم إعادة تشكيل نفسه من خلال استغلال الثغرات الموجودة في البلدان التي تعيش حالاتٍ أمنيةٍ منفلتة من خلال استراتيجيات عدّة أحدها أن يكون للقاعدة مناصرين في الدول ذات الأمن المضطرب، بحيث تدخل بكل ثقلها محاولةً العثور على مدنٍ تكوّن فيها إماراتها. والأنصار الذين تريدهم القاعدة حالياً ليسوا بالضرورة مقاتلين، بل تريد أكبر عددٍ ممكن من الممهّدين أو الحلفاء لتمكينها من إقامة إماراتها وفعلاً رأينا كيف تحالفت مع جماعات سياسية أو أفراد من ذوي الطموح السياسي. أشرت أن مشكلة التيارات أنها لا تعيد تشكيلاتها وتحالفاتها إلا في الأزمات. لقد كان لأحداث الثورات العربية رومانسية غريبة، انسحر بها البعض، وكانت مبهجةً للحركيين، أيقظت لديهم رومانسية التغيير الذي يحلمون به، فجاء التحالف الذي تشكّل بين جماعة الإخوان وبعض من ينسبون أنفسهم إلى خطاب الحقوق والإصلاح من الناشطين والناشطات، ومن بعد ذلك التشخيص رأيتُ أن تحليلي قد تشعّب وأصبحت التحالفات بين المنتسبين إلى الحقوق قد أخذت تشقّ طرقاً متعددة. والإرهاب حالة فوّارة ولا يمكن الاستهانة بها وسنّ نظام لجرائم الإرهاب يعني التقدم النظامي في مكافحتها. لكن المشكلة في وهم التشخيص؛ حين يرى البعض في النظام ما يُجرّم ممارسات وسلوك اتجاهاتٍ فكرية يؤيدها بينما سنّ النظام على المعنى القانوني والنظامي لمفهوم الإرهاب الذي شكّل وأثّر على النسيج الأمني خلال 15 سنة الماضية. وهذه وظيفته. الجدير بالذكر في قانون الإرهاب الأميركي الذي أُقر في عهد بوش كان يتضمن مضموناً وعملاً بالإضافة إلى الضمانات المعطاة للمتهم، القبض من قبل الأجهزة الأمنية مباشرةً والتنصت على المكالمات، هذه تعرّف بأنها استثناء من الأصل، بناءً على نظرية ضمن النطاق الأمني أن بعض الأحداث لا يمكن أن تتدارك إلا باتخاذ إجراءات استثنائية. حتى قانون مكافحة الإرهاب في أميركا تم الاعتراض عليه؛ ذلك أنه اتخذ من ترسيخ الأمن أولوية في صياغة القانون. لكن المشكلة في القراءة الشكّية للنظام فقط. اللافت في عداء البعض وردة الفعل الهجومية لنظام جرائم الإرهاب؛ خاصةً الذين يعادون مبدأ وجود أنظمة أصلأً مثل الآخذين بمفهوم الحاكمية الذي تنادي به التنظيمات المسلحة. المشكلة في الرؤية للنظام والقانون على أنه ضد المشروع الإسلامي، مفهوم ”الحاكمية“ الإخواني كان كارثياً من ناحية التخويف من الرؤى التنظيمية! الإشكالية الأخرى هي عدم وعي البعض لمعنى التحريض على المستوى الأمني، ذلك أن التحريض على كل شيء في الدولة يعني سد طريق الأمل وهذا أحد أسباب الإرهاب! النظام جاء لسد ثغرةٍ أساسية في مجال مكافحة الإرهاب؛ المشكلة ليست في الانتقادات، فالانتقادات منثورة ومتداولة في الصحف والمواقع ولم يُجرّم أحد لمجرد النقد النظام جاء بحق ما يهدّد السلم وأمن المواطن والوطن.