نشرت صحيفة الحياة (20 ديسمبر) نتائج استطلاع عن أسباب تأخّر الزواج لدى شريحة واسعة من الشباب، فتبيّن أن السكن هو السبب الأول، لا لقلة المتوفر منه، ولكن بسبب ارتفاع أسعاره، مقارنة بضعف الرواتب -غالبًا- من حيث قوتها الشرائية التي تتآكل يومًا بعد يوم، في ظل ارتفاع أسعار مستمر للسلع والخدمات. والزواج ليس خدمة يمكن الاستغناء عنها، ولا سلعة يمكن تأخير اقتنائها إلى حين دون ثمن لا يمس الفرد وحده، وإنّما سائر المجتمع. فمثلاً ذكرت صحيفة المدينة (2 يناير) أن بطلات حالات الهروب المتزايدة إنّما هُنّ صبايا سعوديات، وبنسبة (96%)، وأن أكثر من ثلثهنّ من طالبات المرحلة الثانوية، أيّ بالغات في سن الزهور. ومهما ذُكر من أسباب هذا الهروب، فهي تندرج تحت بند الوسائل. أمّا الغاية فتظلّ في عمومها مرتبطةً بالجنس الآخر، عبر طرق (غير سليمة) بالنسبة للأنثى وأسرتها، بل والمجتمع كله. ولعلّي لا أذيعُ سرًّا إن ذكرتُ أنَّ ما يُعلم من حالات الهروب أقل ممّا لا يُعلن، أو يُعرف، لغير ذوي الأنثى. وباب آخر لا يدخل في خانة الهروب، ولكن يفتح على وادٍ سحيقٍ هو وادي العلاقات المحرّمة، التي تستمر لأيام، وربما لشهور دون علم الأسرة الغافلة. ومعظم ذلك مردّه إلى معضلة تأخّر سن الزواج، الذي بات هاجسَ العمر للشباب على وجه التحديد، فإن هو تجاوز عقبة المهر المرتفع، فغالبًا ما سيعجز عن تجاوز عقبة المسكن الجيّد، والأثاث الجيّد، والسيارة الجيّدة، والشغالة الجيّدة، وقبل ذلك كله (غصّة) حفل الزفاف الفاخر تشبُّهًا بحفل زفاف فلانة وعلانة. وتلك غالبًا هي قاصمة الظهر، ومانعة الزواج والستر. لتأخّر سن الزواج أبعادٌ كثيرة متشابكة، يصعب فصل كل منها على حدة، أو الاستفراد بوضع حلٍّ لكلٍّ منها بمعزل عن الآخر. قضايا الإنسان العاطفية، والروحية، والوجدانية مترابطة؛ لأنّها تتأثّر بالآخرين، وتؤثّر فيهم، مع تفاوت هنا وهناك. ولكن يظلُّ الأثرُ باقيًا، بل ومتراكمًا. فإن كان سلبيًّا ظلَّ ينخرُ في المجتمع ببطء ملحوظ، إن لم يتم التصدّي له، ومواجهة أسبابه بشفافية، وقوّة، وتجييش للمجتمع بأسره. salem_sahab@hotmail.com