يعشق الترحال وما فعله هو أقرب إلى الخيال حيث استطاع أن يتسلق قمة جبل كلمنجارو على الجمال. ومما نمى لديه حب السفر والترحال نشأته في أسرة تهتم بالصيد، سواء الصقور أو الرحلات البحرية والبرية، ومرافقته لوالده في الرحلات الداخلية والخارجية، مما جعل الترحال واستكشاف العالم على قمة أولوياته، دراسته في أمريكا ساعدته على استكشاف المناطق القريبة، ووجد أن العمل المكتبي الروتيني لا يناسب شغفه، فقرر أن يؤسس فريق رحالة الإمارات، ليجمع كل من لديهم شغف بالترحال والمغامرات في مكان واحد، إنه أحد الرحالة المخضرمين، عوض بن الشيخ مجرن، وكان لنا معه هذا الحوار: } ماذا أضافت لك دراستك في الخارج؟ - درست في أمريكا إدارة أعمال لمدة 6 سنوات، تعلمت منها الكثير، فالتعامل مع الغربة علمتني الكثير الكثير من الأشياء، منها التعامل مع القوانين المختلفة والثقافات العديدة، والاعتماد على النفس والانضباط، ولشغفي بالترحال والاستكشاف بدأت السفر إلى دول مجاورة لأمريكا، كلما سنحت لي الفرصة، للتعرف إلى كل ما هو جديد ويضيف لمعلوماتي. } من أين جاءت فكرة الرحلة حول العالم بالسيارات؟ - قبل سفري للدراسة في أمريكا، أردت أن أفعل شيئاً لبلدي على المستوى العالمي، ولم أكن أعرف ماهيته، وكيفية تطبيقه، ومن هنا جاءت فكرة رحلة حول العالم بالسيارات، وبدأت شعلة داخلية وحماس غير عادي، ولدي أصدقاء مقربين لي، طرحت عليهم الفكرة واستشرتهم، منهم من قال لي: هذا حلم كبير ومن الصعب تحقيقه، وكانت مجازفة كبيرة، ولكنني قررت خوض التجربة والإصرار على إكمالها، ومن هنا بدأت البحث عن فريق عمل متكامل متخصص في مجالات مختلفة في السفر والترحال، وخططنا للرحلة، وأعددنا برنامج من البداية، ولكن مع التنظيم والتخطيط الجيد، تكون هناك مفاجآت أثناء الرحلة، وكانت المرحلة الأولى للرحلة التي استغرقت ستة أشهر، وشملت أوروبا وبلاد الشام وأمريكا الشمالية وأمريكا الجنوبية، وكان من حسن حظنا، وجود الشيخ زايد رحمه الله في أوروبا في إحدى رحلاته، وقابلناه وشرحنا له الرحلة وأهدافها، فبادر بتشجيع الفكرة، وأعطى توجيهاته لكل السفارات لتقديم التسهيلات، وكان لقاؤنا بالشيخ زايد، بمثابة دفعة قوية وحافز على استكمال مشوارنا، وعندما رجعنا من الرحلة، أعدنا ترتيب أفكارنا والتعرف إلى أخطائنا، وأكملنا المرحلة الثانية للرحلة، وشملت شرق آسيا، بدءاً من استراليا إلى الإمارات. } ما هدف مهرجان الرحالة؟ - بدأت فكرة مهرجان الرحالة في العام 2011، ونفذت الفكرة في 2012، ويهدف إلى تجمع الرحالة بشكل سنوي، ليتبادلوا الخبرات مع بعضهم البعض، ويستفيدوا من تجارب الآخرين، وذلك من خلال التحدث عن رحلاتهم والصعوبات التي واجهوها، وكيف تغلبوا عليها، وعرض أفلام وثائقية عن رحلاتهم، وكذلك تكريمهم لأن الرحالة لا يوجد اهتمام بهم في معظم البلدان، رغم دورهم الكبير في نقل ثقافة بلدانهم، والتعريف بها، لذلك جاء المهرجان ليعزز من أهمية الرحالة والتعريف بدورهم ومدى الصعوبات التي يواجهونها. } كم رحلة قمت بها؟ - إلى الآن قمت بزيارة 100 دولة، ما بين العربية والأجنبية، سواء بالطائرة أوبالسيارة أو بالجمال، وأنا أؤدي واجبي نحو وطني بطريقة مختلفة من خلال هذه الرحلات، وذلك عن طريق نقل ثقافة وعادات دولة الإمارات إلى البلدان الأخرى، ورأيت أن عملي المكتبي لا أستطيع أن أبدع فيه، وإمكاناتي فيه محدودة، فاتجهت للعمل الخاص ومجال الترحال والمغامرات. } ما الجوائز التي حصلت عليها؟ - حصلت على جائزة الإبداع والتميز من إيطاليا، وبهذه الجائزة أكون أول عربي يحصل على هذه الشهادة من المهرجان الدولي للأفلام الرياضية، وذلك عن الرحلة التي قمنا فيها بتسلق قمة جبل كلمنجارو، أعلى قمة في إفريقيا، وسجلت الرحلة كرقم قياسي عالمي، وهذا التكريم بفضل الله، ودعم شيوخنا، ووجود بقية أعضاء الفريق ودعمهم لي، والذين كان لهم دور كبير في نجاح الرحلة، كما حصلت على الدكتوراه الفخرية من أمريكا، وكرمتنا الدكتورة مناهل ثابت، نائب عميد كلية الموهوبين البريطانية على فكرة مهرجان الرحالة، وأثنت عليها لكونها تجمع الحضارات والخبرات المختلفة معاً. } رحلات الرحالة محفوفة بالمخاطر والمفاجآت مهما كانت مدروسة ومخططاً لها.. ما أصعب المواقف التي قابلتها أثناء رحلاتك؟ - نحن معرضون للموت في أي لحظة أثناء رحلاتنا، ومررنا بصعوبات كثيرة، وتعرضنا في بعض الأماكن للعصابات والانزلاقات الجليدية على الجبال، ومعظم الوقت أثناء الرحلة كان يراودنا إحساس داخلي: هل سنعود أم لا؟، وفي بعض الأحيان نسير في رحلاتنا إلى المجهول الذي لا ندري ماذا ينتظرنا فيه، والمفاجآت التي ستقابلنا، ومن الممكن تغيير خط سير الرحلة إذا شعرنا بالخطر وعدم الأمان، ومن المواقف الصعبة التي تعرضنا لها جو البرد القارس في سيبيريا، حيث وصلت درجة الحرارة إلى ما تحت الصفر، وموقف آخر عندما انقطع إطار السيارة وسط منطقة جبلية، لا يوجد فيها خدمات، واضطررنا للنوم داخل السيارة، ولكن هذه الصعوبات كانت بمثابة تحديات. } ما طموحك في المستقبل؟ - الشباب هم بناة المستقبل، لذلك أطمح في بناء جيل جديد من الشباب، ينقل تراث وثقافة الدولة إلى المحافل العالمية من خلال الرحلات، وأطمح أن يكبر المهرجان ويتطور في كل سنة، لأنه ينقل صورة مشرفة عن العالم العربي، ويمحي الصورة التي ينقلها الإعلام الغربي عن الإسلام والعالم العربي وتشويه صورته. } ما الدروس المستفادة من الرحلات التي قمت بها؟ - زرنا دولاً عديدة مختلفة وتتفاوت من ناحية التطور والأمان وكذلك الفساد، الرحلات والمخاطر التي واجهناها تحتوي على العديد من الدروس المستفادة، فهي تثقل خبرة الإنسان وتضيف إلى معلوماته وتعلمه الشجاعة والإصرار على تحقيق الهدف واحترام قوانين الدول الأخرى، والقدرة على تمثيل بلدك في الخارج، ولا شيء يؤثر في الإنسان ويعلمه مثل السفر، فنشر الدين جاء من خلال السفر وتبادل الخبرات والترفية عن النفس بالسفر، والعلاقات التجارية بالسفر، كما تعلمت من خلال السفر أنه لا يمكن تقييم البلد من خلال العاصمة فقط، بل يجب الذهاب للمدن الصغيرة بداخلها وشمالها وجنوبها، والتعرف إلى عادات الناس وتقاليدهم فيها، ومن ثم يستطيع تقييمها. } من قدوتك؟ - قدوتي في المقام الأول هو النبي محمد صلى الله عليه وسلم، ومن ثم شيوخنا، مثل المغفور له، بإذن الله، الشيخ زايد رحمه الله، وصاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، وصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، ولي عهد أبوظبي، وهم يحفزوننا ونتعلم منهم، ومن التطور الذي نراه في الدولة كل يوم، ووالدي كان له دور كبير في نشأتي وتعليمي وتكوين شخصيتي، من خلال نشأتنا على المبادئ والأسس الدينية، كاحترام الكبير والعطف على الصغير، كذلك النشأة في جو السفر المستمر، ومجالسة الشيوخ من الصغر والتعلم منهم. } ما المواصفات التي يجب أن تتوفر في الرحالة؟ - الرحالة يجب أن يتميز بقدرته على تحمل المسؤولية والانضباط والتسامح والقدرة على التحكم في أعصابه وسلوكياته، ويكون لديه القدرة على تمثيل بلده في المحافل الخارجية، وأن يكون شجاعاً وقادراً على مواجهة الصعاب، ولديه سرعة بديهة يستطيع التصرف فيها بشكل سريع، خاصة في المواقف المختلفة واتخاذ القرار، وأن يكون متواضعاً بعلمه، كذلك يجب أن يكون صاحب شخصية مرحة واجتماعياً، ولديه قبول لدى الآخرين. } كيف توثق مغامراتك ومواقفك في عالم الترحال؟ - الرحالة يجب أن يجيد نقل الصورة الصحيحة عن بلده، والقدرة على وصف الحدث، وكل بلد نقوم بزيارته، نجهز برنامج الأنشطة، الذي يشمل زيارة الأماكن السياحية والمراكز والمتاحف، ونقوم بعمل مؤتمرات صحفية، وتوثيق الرحلات، يكون عن طريق التصوير، وتدوين المعلومات، وإصدار الكتب، والتقاط الصور لأبرز المعالم التاريخية والسياحية، وتدوين المعلومات وحفظ الصور والمرفقات في أرشيف خاص.