×
محافظة المنطقة الشرقية

نجوم القادسية الأكثر حضورا بقميص المنتخب

صورة الخبر

@ في ليل يناير أنت على موعد مع هدوء عالي النبرة قبل لحظة الانتقال من الوعي إلى اللا وعي على فراشك وبين ألحفتك ووساداتك..! @ أجهزة التكييف أطبقت فاها تمامًا.. عطسة في أي حجرة ستُسمع بوضوح وما أكثرها..! مواء قطٍ شوارعي مما يُنرفز جدًا.. تكتكة ساعة الحائط عذاب نفسي.. وأمّا ما لن تستطع معه صبرًا فهو أزيز بعوضة قررت أن تتناول وجبة عشاءها الأخير مِنك دونًا عن كائنات الكرة الأرضية جمعاء من حولك..! @ ذاتَ ليل.. صمتَ فيه الصوت كليًا فوجدتني منتقلاً من اليقظة إلى ما قبل المنام وتحديدًا في تلك المنطقة التي نفقد فيها الوزن تمامًا فنترنح ما بين فكرة وسكرة يذرو بنا الظلام كما قشةٍ تاهت وما مِن مُستقرٍ لها..! @ وجدتني أستمع لمكالمة تلفونية صوتها لعاملٍ قرر أن يُجريها تحت نافذة حجرتي تمامًا..! @ وعلى الرغم من بُعد الارتفاع بين رأسي الذي توسط الوسادة ورأسِه المثرثر إلا أن كمية الهدوء بيننا أوصلت لي ملامحه الصوتية وكأني أراه..! @ رأيت فيه الحُنق والكدر والإحباط والغضب وكأنه الهم قد تقمص رجلاً..!!! @ تنقل بي من مكتب العمل للجوازات للتأمينات مرورًا بمعاناته مع كفيله ومدرسة أبنائه والمستشفى التي تراجعها زوجته و... @ مكالمة تنفيس فيها ما فيها من زفرات وتأففات وكثير من الوجع والآهات..! @ مكالمة قطعت مشوار نومي تمامًا وأوقدت مصباح التأمل في معاناة رجلٍ خرج عن توقيت نومه إلى ردهة فضفضة قارصة البرد قد خلت تمامًا إلا منه..! @ وكم من مُعانٍ في هذه الدنيا غلبه الهم فاستل نومَه من غِمده وأبدله بسياط جلد اليقظة..! @ وقتها استصغرت تأففي من هدير ثلاجة حجرتي.. وزنزنة إشعارات موبايلي الصامت.. وطقطقة قطرات الصنبور الذي آجلت إصلاحه.. واستوقفني هدوء يناير الذي ساقني للإنصات لمعاناة آخرٍ لا أعرفه وكأني به القائل: )لا تدع ضجيجك يُفقدك الإحساس بمن حولك(..! @ كم مِن قريب جدًا لك يتألم وربما منك وأنت لا تعلم..! وكم من مُستحق لالتفاتة إصغاء تولّيت عنه وربما عبست..! وكم من وقفةٍ كانت لزامًا عليك إلا أن ركضك أفقدك رؤياها..! @ هدوء يناير درس لي ولك مفاده: هناك أصوات غيّبها ضجيج حياتنا وآن الأوان أن نلقي لها السمع والبصر والفؤاد..! نهاية: إياد عبدالحي "إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى"