كما هو معتاد في الخلط بين السياسي والديني، فبعد إعلان المملكة قطع العلاقات الدبلوماسية مع إيران، وقف البعض على نواصي تويتر وبقية وسائل التواصل الاجتماعي والإعلامي يبثون سمومهم الطائفية ضد المذهب الشيعي، فبدلا من التأكيد على أهمية وقوفنا صفا واحدا في هذه الظروف الراهنة والحساسة، شهدنا بعض المقالات والتغريدات التويترية، فيها جرعات مضاعفة من النكهات الطائفية، فرائحتها المتطايرة تفوح بشكل فاقع، من خلال زج القضية السياسية بالتمايز المذهبي. الموضوع خطير جدا من جانب وسخيف جدا من جانب آخر، وهو قول طالما حذرنا من عواقبه الوخيمة، إن هناك من يسعى في كل شاردة وواردة في اقتناص الفرص وانتهازها لإقحام الجانب الفئوي والطائفي. نعم ليس غريبا أن تجد ألفاظا طائفية تصدر في وسائل التواصل الاجتماعي، فبحكم الذوبان في بحرها يتشجع العامة على التعبير بها دون حذر، فنتوقع منهم أن ينفثوا غضبهم، وأن يبثوا عنصرياتهم، وألا يتوانوا في التعبير عن تطرفهم، لكن الغريب أن يأتي بعض كتاب المقالات في هذه الظروف الحساسة ليشككوا بطريقة مباشرة وغير مباشرة في الولاء الوطني لإخوتنا الشيعة. إنني أتساءل: لماذا يسوغ هؤلاء لأنفسهم إصدار شهادة حسن سيرة وسلوك وشهادات الولاء الوطني على المواطنين الآخرين؟ في الحقيقة أقولها، وبكل صراحة، نحن مجتمعات مقسمة أفقيا وعموديا، وكلما ازداد التقسيم تفككت الأواصر، وتراكمت الأحقاد. ما يعنيني هنا هو على الصعيد العملي، إذ يظل تعزيز الوحدة الوطنية مرتبطا ارتباطا وثيقا بإصدار قوانين تجرّم كل ما من شأنه التحريض على الكراهية، فنحن في أمس الحاجة خاصة في هذه الظروف الراهنة إلى تفعيل الإمكانات القانونية المتوافرة لدينا. وأشير خصوصا إلى المادة الـ12 من النظام الأساسي للحكم التي تنص على أن "تعزيز الوحدة الوطنية واجب، وتمنع الدولة كل ما يؤدي للفرقة والفتنة والانقسام"، فكما أن هناك عقوبات تتضمنها لائحة العقوبات في نظام الجرائم المعلوماتية حيال ما ينشر في شبكات وتطبيقات التواصل تبدأ من سجن سنة وغرامة مليون ريال، وتصل إلى سجن 10 سنوات وغرامة 10 ملايين ريال، وأن المسؤولية القانونية قد تطول حتى مدير "قروب واتساب" في حال نشر أحد أعضاء المجموعة أي مادة تهدد الأمن، أو تُصرّح بارتكاب جريمة، أو نشر وثائق سرية لا يجوز نشرها؛ يجب كذلك إصدار عقوبات رادعة محددة وواضحة للمتلاعبين بالوحدة الوطنية، وكذلك أهمية إنشاء مجلس وطني خاص لمكافحة التمييز العنصري، الذي يعمل على مكافحة كافة مظاهر التمييز العنصري الذي يقوم على أساس العرق واللون والنسب والدين والأصل، مجلس يراقب تطبيق التشريعات والقوانين التي تجرم الطائفية والعرقية ويعاقب عليها بمقتضى القانون، وكذلك يستقبل شكاوى الأفراد، أخيرا أقول: نتناهش جميعا بشكل مثير للدهشة والتقزز، متجاهلين خطورة الوضع الذي نعيشه وعوضا عن تحصننا بالعقل والمنطق، نكشف نحن ظهورنا بطائفيات وعصبيات شديدة الحرقان سريعة الاشتعال ستقضي علينا جميعا.