لم تدخر قيادة المملكة على مدار الأعوام الماضية جهداً في خدمة بلاد الحرمين الشريفين والإسلام والمسلمين، ومنحت الحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة رعاية كاملة واهتماماً بالغاً وخصصت لها مليارات الدولارات طمعاً في أن يؤدي المسلمين شعائرهم في أمن وأمان، لكن إيران كان لها رأي آخر، إذ كانت دائماً وأبداً تستغل دخول مواطنيها إلى أرض الحرمين تحت غطاء "أداء المناسك" من أجل تحقيق اهدافها الدنيئة التي تسعى من خلالها لنتفيذ أعمال تخريبية وإثارة للمشاكل والفتن، إذ لم تحترم على مدار الأعوام الماضية قدسية المكان ولا الزمان، ولا الأخوة في الإسلام ولا العلاقات الدولية الثنائية بين البلدين، والتاريخ يشهد على الممارسات الإيرانية المليئة بالتخريب والفتن، حتى وهم إلى جوار الكعبة المشرفة قبلة المسلمين. وظهر الحقد الإيراني على المملكة في مكة المكرمة، عن طريق الأعمال الفوضوية للحجاج الإيرانيين بين فترة وأخرى إذ كانت تلك الأعمال تفضح نواياهم، من خلال تحويل الحج إلى ساحة للصراع السياسي، وقتلوا بذلك الأبرياء، ولم تكن قيادة المملكة تجهل تصرفاتهم، ولا تخشى من الرد عليهم، لكنها في كل مرة كانت تواجههم بالحكمة والصبر حتى يؤدي الحجاج مناسكهم في أمن واستقرار، والعجيب أن ايران على الرغم من كل افعالها المشينة التي لم تحترم فيها الإنسانية أخذت دور الدولة التي تتباكى على دماء المسلمين والحريصة أكثر من المملكة عليهم. وتمتلك ايران تاريخاً أسود عنوانه "الفتنة والدماء"، إذ لا يكاد أن يمر موسم للحج دون أن يضع الإيرانيون بصمتهم فيه، سواءً كان ذلك معلناً من قبل حكومتنا، أم تتعامل معه بسرية وحكمة بحثاً عن عدم الشوشرة على الحجاج. "الرياض" تستعرض الملف الإيراني "الأسود" في مكة المكرمة على مر التاريخ وذلك من خلال التقرير التالي: في السابع من شهر شوال عام 1403ه دحض وزير الداخلية الأمير نايف بن عبد العزيز -رحمه الله- مزاعم إيرانية حول عدم استجابة المملكة للطلبات الإيرانية المتعلقة باتخاذ إجراءات لضمان راحة الحجاج الإيرانيين وأن هذا الموقف معناه إلغاء سفر الحجاج الإيرانيين، وأكد بأن المملكة تضع كل إمكانياتها من أجل راحة الحجاج. وصدر بيان عن وزارة الداخلية جاء فيه: "إن مسالك بعض الحجاج الإيرانيين قد بدأت تنحرف عن الغاية الأساسية لأداء فريضة الحج إلى أهداف سياسية خاصة ودعائية غوغائية تتعارض مع التعاليم الإسلامية بشأن فريضة الحج، فقد وجد مع بعض الحجاج الإيرانيين أسلحة يدوية وسكاكين مع كميات من المنشورات والبيانات الدعائية للخميني وفيها مضامين التهجم الصريح على المسؤولين في المملكة، وكذلك قيام بعض هؤلاء بالتظاهر وإطلاق الهتافات بكلمات تتنافى مع كلمات التوحيد مثل «الله أكبر -خميني إمام- الله أكبر»، ومحاولة دخول المسجد الحرام ببعض الأسلحة النارية الصغيرة وقد ضبطت سلطات الأمن هذه الأسلحة عشرات المرات". نظام الملالي حوَّل شعائر الحج ميداناً لإثارة الفتن والفوضى وفي ال24 من شهر ذي القعدة في ذات العام عثر مع 21 إيرانياً على منشورات دعائية وصور وشعارات، وتبين أن قدومهم لم يكن بغرض الحج وقال بيان لوزارة الداخلية: "تم اعتقال هؤلاء الأشخاص وصودر ما في حوزتهم من منشورات وصور تمهيدا لإعادتهم إلى بلادهم". وفي اليوم الثالث من شهر ذي الحجة في عام 1406ه تم إيقاف مجموعة من الحجاج الإيرانيين كانوا يحملون أشياء ممنوعة من مواد لصنع المتفجرات إلى منشورات وكتب وصور دعائية، كما قامت المجموعة بأعمال تظاهر، وتم التحقيق مع هذه المجموعة ومصادرة ما تحمله، وتم تفتيش حقائب الحجاج الإيرانيين على متن تلك الطائرة والتي بلغ عددها 95 حقيبة، وكانت المفاجأة أن جميعها فيها مخازن سفلية ملبسة بمادة شديدة الانفجار إذ بلغ وزنها 51 كيلوغراماً. واعترف كبير ركاب تلك الطائرة الحملدار محمد حسن علي محمد دهنوي أنه ومجموعته كلفوا من قبل القيادة الإيرانية باستخدام تلك المتفجرات في الحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة، ومعظم ركاب تلك الطائرة لم يكونوا على علم بما في داخل حقائبهم إذ قدمت لهم عند السفر دون أن يعلموا ما بداخلها. المملكة بحكمتها لم تعلن عن شيء من ذلك خلال موسم الحج، وكأن شيئاً لم يحدث من قبل الإيرانيين، لكن ما حدث من قبل الإيرانيين في العام التالي وبالتحديد 1407ه أجبر القيادة السعودية على كشف حقيقة الإيرانيين للعالم الإسلامي أجمع، ولا يمكن للمسلمين نسيان أحداث الحج في عام 1407ه وبالتحديد بعد صلاة الجمعة من اليوم السادس في شهر ذي الحجة، بقيام تجمعات من الحجاج الإيرانيين بتشكيل مسيرة صاخبة أشاعت الفوضى والاضطراب بين حجاج بيت الله الحرام وأوصدت منافذ الطرقات وعرقلت مسالك المرور وحالت دون تمكن الحجاج والمواطنين ساعات طويلة من الانطلاق إلى مصالحهم وشؤونهم وأفسدت على الطائفين والقائمين عبادتهم في المسجد الحرام، وحاول بعض المواطنين والحجاج الآخرين المحتجزين التدخل والتفاهم السلمي معهم لإفساح الطريق أمام النساء والأطفال المحتجزين، إلا أن الإيرانيين أصروا على مواصلة المسيرة، وسط هتافات توجه المتظاهرين إلى بيت الله الحرام، وقاموا بدفع المواطنين بالقوة والعنف، حينها حاول رجال الأمن التدخل للحيلولة دون اصطدام المواطنين وبقية الحجاج بالإيرانيين حرصاً على سلامتهم ودرءاً للشرور، لكن الإيرانيين لجأوا للعنف من خلال ما يحملونه في أيديهم وجيوبهم من العصي والحجارة، وصدرت الأوامر بالتصدي للمسيرة فوراً، وعلى إثر ذلك تراجع المتظاهرون في اندفاع فوضوي إلى الخلف وهو ما تسبب في تساقط العشرات من النساء الذين كانوا وسط المسيرة تحت أقدام المتظاهرين، كما تساقط العشرات من الرجال الطاعنين في السن الذين زج بهم قسراً في الأعمال الإجرامية، واختلط بعدها بلحظات رجال الأمن والمواطنين والمتظاهرين الإيرانيين الذين احرقوا السيارات والدراجات النارية وحطموا عربات الأمن والمواطنين وحاولوا تحطيم بعض المباني وإشعال النيران، لكن رجال الدفاع المدني تدخلوا في الوقت المناسب مع رجال الأمن، وتم فض المتظاهرين وفتحت الطرقات أمام ضيوف الرحمن. وأثبتت التقارير الأمنية والوثائق المسجلة صوتاً وصورة أنه لم يتم إطلاق رصاصة واحدة من قبل رجال الأمن او المواطنين على أي متظاهر، على الرغم من تعرضهم للطعنات في البطن والصدر من الحجاج الإيرانيين، وراح ضحية هذه الأعمال الغوغائية الإيرانية 402 شخصاً، من بينهم 85 مواطناً ورجل أمن سعودي، و42 من بقية الحجاج الذين تدخلوا للتصدي للمسيرة، أما المصابين فبلغ عددهم 649 جريحاً من بينهم 145 رجل أمن ومواطن، و201 حاج غير ايراني. وفي موسم الحج عام 1409ه حدث انفجاران الأول في أحد الطرق المؤدية للحرم المكي والآخر فوق الجسر المجاور للحرم المكي، ونتج عن ذلك وفاة شخص واحد وإصابة 16 آخرين، ثم ألقت الشرطة السعودية القبض على 20 حاجاً كويتياً، اتهم منهم 16 بتدبير التفجير وعرضت "اعترافات" لهم على التلفزيون السعودي، وكانت ايران كعادتها خلف هذا العمل الإرهابي إذ نُفذ العملان بالتنسيق مع دبلوماسيين إيرانيين في السفارة الإيرانية لتدبير التفجير وقاموا باستلام المتفجرات من الباب الخلفي للسفارة الإيرانية بالكويت ثم نقلها إلى داخل السعودية إذ قاموا بزرعها وتفجيرها، وكان التلفزيون السعودي قد عرض تقريرا قصيراً عن تلك الحادثة. الإرهاب الإيراني وإيذاء حجاج بيت الله الحرام تواصل في عام 1410ه من خلال أحداث نفق المعيصم بمكة المكرمة في يوم عيد الله الأكبر، عندما اطلق ارهابيون كويتيون ينتمون ل"حزب الله الكويتي" بأوامر إيرانية غازاً ساماً في النفق وراح ضحيته قرابة 5000 حاج كانوا يرددون "لبيك اللهم لبيك". وفي موسم حج 1436ه ارتبط اسم ايران بحادث تدافع الحجاج بمنى الذي راح ضحيته مئات الحجاج، وتحوم الشبهات حول قيام أعداد كبيرة من الحجاج الإيرانيين المجندين من قبل الحرس الثوري بتعمد إغلاق الشارع الذي وقع به الحادث، حتى يحدث ما حدث. وبالتأكيد أن ذلك ليس ببعيد عن دولة عرفت بمحاولاتها المتكررة وبتاريخها الأسود في الإخلال بأمن الحج دون أي اعتبار لقدسية المكان ولا الزمان.