فيما تتفاعل الدوائر والأوساط المختلفة على الساحة محليًا وعربيًا وإقليميًا ودوليًا لما وقع من اقتحام همجي وغير مبرر من جانب ميليشيات ايرانية على السفارة السعودية في طهران والقنصلية السعودية في مشهد بإيران، والذي أعقبها رد فعل سريع من القيادة السعودية بقرار صدر مساء الاحد - أمس الاول - بقطع العلاقات من جانب السعودية مع إيران، جاء قرار مملكة البحرين أمس - الاثنين - بقطع العلاقات الدبلوماسية مع إيران ردًا على التدخلات الإيرانية السافرة في الشؤون الداخلية للمملكة ومن قيامها بإيواء وتدريب عناصر إرهابية للقيام ما من شأنه ترويع شعب البحرين الآمن، ورفضا للممارسات الايرانية وما قامت به تجاه السفارة السعودية في طهران والقنصلية السعودية في مشهد، ودعمًا للموقف السعودي انطلاقًا من وحدة المصير الخليجية. وقد ساد الارتياح بين العديد من الاوساط والتيارات والتوجهات المختلفة لقرار مملكة البحرين بقطع العلاقات والذي اتفق الجميع على انه قرار شجاع وجريء، فيما رأى آخرون أن القرار جاء متأخرًا وأنه كان يجب اتخاذه منذ فترة، بينما أكد فريق ثالث على ضرورة اتخاذ قرار خليجي وعربي موحد بقطع العلاقات مع إيران والتصدي لصلفها وغرورها، كما دعا البعض إلى ضرورة عقد اجتماع قمة عربية طارئة على مستوى القادة والزعماء لدراسة الاجراءات والتدابير الواجب اتخاذها تجاه إيران وتفعيلها وعدم النظر إلى المصالح الضيقة بين بعض الدول الخليجية والعربية مع إيران، وشدد دبلوماسيون على ان إيران لم تراع أي اتفاقيات أو اعراف دولية أو القانون الدولي أو اتفاقية فيينا الخاصة بحقوق معاملة السفارات والقنصليات وأعضاء السلك الدبلوماسي الممثلين لدى أي دولة والحفاظ على أمنها وامن أعضائها وعائلاتهم. وقد استطلعت الأيام آراء عدد من الفعاليات الوطنية من اتجاهات مختلفة عن قرار مملكة البحرين بقطع العلاقات مع إيران وأيضا حول الهجمة الإيرانية الشرسة على السفارة السعودية وقرار السعودية بقطع علاقاتها مع إيران. في البداية يقول د. عبداللطيف آل محمود.. رئيس تجمع الوحدة الوطنية: منذ ثورة الخميني عام 1979 وتظهر إيران وجه العداء ليس لمجموعة أو لدولة أو لدولتين وإنما للتيار الاعظم للمسلمين، وهذه الثورة أعلنت من البداية أنها لا تريد الاسلام، إنما تعمل من اجل المذهب والطائفية، وقد نص دستور إيران على ان دين الدولة هو المذهب الجعفري الإثني عشري. وتابع: ومن البداية أعلن الخميني تصدير الثورة وبذلت إيران محاولات مستميتة بالنسبة لدول الخليج لزعزعة الانظمة سواء في السعودية أو البحرين او الكويت، وقد باءت محاولاتها بالفشل واستمرت في حركاتها العدائية لأهل السنة على وجه الخصوص وهم الذين يمثلون التيار الاعظم للمسلمين وهم قادة الحضارة الإسلامية. وزاد: وتحاول الدول العربية وخاصة الخليجية منها عدم التصعيد في العلاقات مع إيران غير انها لم تبال بهذه المعاملات والعلاقات التي تقوم على اساس وحدة المسلمين ومنع التنازع بينهم، وتحركت تحركات من اجل إشاعة الفتن بين اتباع المذهب الجعفري الإثني عشري من ناحية وبين اهل السنة من ناحية اخرى بكل الوسائل، ولكن النظام الإيراني منذ عام 2001 وضع يده في يد الصهيونية العالمية والصليبية المحافظة في الولايات المتحدة الامريكية لإثارة النزعات بين السنة والشيعة على مستوى العالم، وظهر ذلك جليا في التعاون بين نظام ولاية الفقيه وبين أمريكا لضرب افغانسان وفي احتلال العراق وفي الدخول بسوريا، وفي اليمن إضافة إلى ما ظهر واضحا من التنسيق العدائي بين نظام ولاية الفقيه والولايات المتحدة الامريكية في البحرين، وإيران تعمل اليوم وبالامس وغدا على إثارة العداء بين أبناء المذهب الإثني عشري وبين من يعيشون معهم سواء كانوا أقلية او اكثرية مهما بلغت نسبتهم. وأشار آل محمود إلى أنه في هذه المرحلة عندما وقفت السعودية ومعها دول الخليج وعدد من الدول العربية ضد مخططها الاجرامي في التنسيق مع الولايات المتحدة الامريكية في اليمن، أصبحت المعركة ظاهرة على كل الاصعدة السياسية والاقتصادية والعسكرية، مضيفا ومن هنا تثور ثائرة نظام ولاية الفقيه إذا اكتشفت أسرارهم وولاءهم، وبالتالي فإنهم يستشعرون أن مخططاتهم في طريقها إلى الفشل وأن الشعوب والدول الاسلامية اصبحت واعية بهذا المخطط الذي يغلفونه بغلاف الإسلام. وبيّن رئيس تجمع الوحدة الوطنية أن ما حدث من اعتداء على السفارة السعودية في طهران وايضا على القنصلية السعودية في مشهد تدل على روح العداء، ومعربا عن اعتقاده بأن السعودية بقطعها علاقاتها الدبلوماسية بينها وبين نظام ولاية الفقيه إنما تستخدم حقها الدولي في الدفاع عن نفسها، وفي الرد على هذه الاعتداءات. ودعا د. آل محمود جميع دول مجلس التعاون الخليجي والدول العربية إلى اتخاذ موقف جماعي حتى يظهر التلاحم بين الدول العربية أمام الهجمة الصفوية التي يقوم بها نظام ولاية الفقيه، وحتى يستشعر الشعب الإيراني ان نظام ولاية الفقيه هو نظام يعمل على تقطيع الاواصر بين المسلمين. واعتبر آل محمود ان موقف البحرين مشرف لاتخاذها قرار قطع العلاقات مع إيران، ومعربا عن تأييده لأي دولة تقطع علاقاتها مع إيران وذلك بعد ان استفحلت الامور ووصلت إلى حد لا يمكن السكوت عنه، ومشيرًا إلى ان إيران لازالت تعتمد على أتباعها من دول الخليج بتصدير المشاكل عن طريقهم لدول الخليج، ومطالبا بوقفة حازمة على مستوى الدول العربية صفًا واحدًا امام الاعتداءات التي يقوم بها نظام ولاية الفقيه ضد الدول العربية والاسلامية. اجتماع طارئ للجامعة العربية ومن جانبه، دعا السفير حمد العامر وكيل وزارة الخارجية للشؤون الإقليمية ودول مجلس التعاون سابقًا إلى ضرورة عقد اجتماع طارئ لجامعة الدول العربية لاتخاذ موقف عربي موحد أمام العربدة الإيرانية - حسب وصفه - ومشددًا على ضرورة القيام بعاصفة دبلوماسية وسياسية عربية على غرار عاصفة الحزم لوقف هذه التدخلات الايرانية التي لا تتم في دول الخليج فقط بل كافة الدول العربية وذلك لدعم ومساندة الموقف السعودي دبلوماسيًا وسياسيًا. وتابع: ولكل دولة عربية طبيعة خاصة ومصالحها فلابد من اتخاذ موقف أيًا كان حتى ولو بتخفيض درجة التمثيل الدبلوماسي مع إيران من سفير إلى قائم بأعمال أو استدعاء لسفيرها او القائم بالاعمال لدى الدولة العربية التي يوجد فيها وتسليمه مذكرة احتجاج على ما قامت به بلاده في السفارة السعودية بطهران. ومن منظور تاريخي أوضح العامر ان الصراع الديني بين السنة والشيعة يعود إلى أكثر من 1400عام، وأن هذا الصراع يتجدد عبر التاريخ بصور وأشكال مختلفة واحيانا يختلف حسب الظروف السياسية التي تمر بها الدول العربية، ومضيفًا أن هذا الصراع خلال الثلاثين عاما الاخيرة منذ اندلاع ثورة الخميني وقيام الجمهورية الاسلامية بنظام الولي الفقيه، حيث تعتبر اول دولة شيعية بعد الدولة الفاطمية والتي تأسست تقريبًا عام 909 ميلادي، لكن مشكلة إيران أنها وجدت مدًا كبيرًا في الدول العربية السنية، ولكي تحافظ على هذه المكانة واستمرار نظام ولاية الفقيه وتصديرها للخارج اعتمدت على ركيزتين الاولى: دعم التجمعات الشيعية بالدول العربية وخاصة الملاصقة لحدودها مثل السعودية والعراق والبحرين، واستقطاب أكبر قدر من العناصر الموالية لها من أبناء هذه الدول لإثارة المشاكل لتحقيق الهدف الاساسي وهو نشر التشيع ونظام ولي الفقيه بحيث يعم العالم أجمع. وتابع: وقد قامت إيران بتغيير مذهب جماعة الحوثيين في اليمن، حيث كانوا تابعين للمذهب الزيدي فقاموا بتحويلهم إلى المذهب الاثني عشري، أما حزب الله في لبنان فتقوم إيران بدعمه ماديًا ولوجستيًا وأصبح اليد الطولى إعلاميًا وعسكريا لإيران في المنطقة، حيث تقوم بتدريب العناصر في معسكرات وقد تضررنا في البحرين، حيث استقطبوا شبابًا وقاموا بتدريبهم في معسكرات بالعراق ولبنان. وزاد: أما الركيزة الثانية وهي أن إيران كانت تريد اعترافا للمجتمع الدولي بنظام ولاية الفقيه كنظام إقليمي لابد من الاعتراف به فلجأوا إلى البرنامج النووي بدعم من كوريا الشمالية وروسيا الاتحادية، وقد ساعدهم البرنامج النووي على ان تقوم اوروبا وامريكا بالبحث عن مخرج من هذه الازمة لما لهذا البرنامج من مخاطر على الامن والسلم العالميين، ودخلت بمفاوضات وتأكدت من دخولها النادي النووي بعد 15عامًا وتخصيب اليورانيوم وبذلك تحقق لها ما كانت تهدف اليه في دور إقليمي مؤثر الآن. وأضاف، وأعطت أوروبا وامريكا إيران ضوءا اخضر فمنذ إعلان السعودية قطع علاقاتها معها أمس الاول والتهديدات الايرانية، الغرور الايراني من خلال التصريحات لا تتوقف بل كشفت عن أطماعها بأنهم يقولون حاليًا انه لابد ان تسير المنطقة في فلك السياسة الايرانية. واعتبر العامر أن قرار قطع العلاقات الدبلوماسية بين السعودية وإيران جاء متأخرًا لأنها عانت أكثر مما تعاني منه البحرين والكويت، وخلال العشرين عامًا الاخيرة شهدت العلاقات بين البحرين وإيران مد وجزر، حيث حاولت إيران في الثمانينات دعم البعض للقيام بانقلاب على الحكم، كما حاولوا في عام 2011، ومؤكدا ان قرار قطع العلاقات الدبلوماسية السعودية مع إيران جاء بعد نفاد صبرها لان الإيرانيين لهم سياسة مختلفة واطماعهم واضحة للجميع، وان ما تعرضت له السفارة السعودية في طهران يمكن ان تتعرض له أي دولة خليجية او عربية اخرى. قطع العلاقات الدبلوماسية مع إيران ضربة قاضية لها ومن جهته أكد د. الشيخ خالد بن خليفة آل خليفة.. نائب رئيس مجلس امناء مركز عيسى الثقافي أن الاعدامات التي تمت ضد الارهابيين المجرمين في السعودية من أي طائفة كانت، سببت ارباكًا كبيرًا لإيران جعلها تتصرف تصرفات غير مسؤولة، فقد ركزت منذ عدة شهور وحذرت من أن إعدام المدعو نمر النمر سوف تكون له عواقب وخيمة، كما هددت بمختلف الطرق من خلال آلياته الإعلامية سواء في حزب الله بلبنان أو أدواتها في العراق او سوريا أو اليمن. وتابع: ولذلك فإن مفاجأة إعدام هؤلاء المجرمين الإرهابيين أربكت السياسة الإيرانية داخليا وخارجيا ودفعها لاستخدام الباسيج الايراني لمهاجمة السفارة السعودية في طهران والقنصلية في مشهد، ومعتبرًا ذلك أنه اكبر خطأ يرتكب بحق الدبلوماسية والأعراف الدولية والقانون الدولي وسبب ذلك الخطأ هو الارتباك والمفاجأة والغرور الإيراني تجاه المنطقة واعتقادها ان دول الخليج لن تتمكن من دحر النوايا الطائفية الإيرانية. وزاد: وخطوة قطع العلاقات بين البحرين والسعودية من جهة وإيران من جهة اخرى تعتبر ضربة قاضية تتلقاها إيران دبلوماسيا ودوليا وتوضح للعالم مدى الاخطاء التي تقوم بها إيران ومدى رايتها للإرهاب والإرهابيين والدفاع عنهم على مختلف المستويات. واعتبر بن خليفة أن قرار القيادة البحرينية قطع العلاقات مع إيران هو من اهم الاولويات للدبلوماسية والعلاقات الخارجية للمملكة، والتي من خلالها ستعمل على تامين هذا الجانب والحد من الخطر الإيراني، فضلاً عن تقلص النفوذ الإيراني محليا، ونحن لسنا في حاجة إلى هذا البابا الذي لم يأتِ منه سوى الشرور والفتنة والطائفية وسوء النية، وداعيًا الدول الخليجية والعربية ان تحذو حذو السعودية والبحرين في قطع العلاقات مع إيران لكي يأمنوا الشر الإيراني. موقف البحرين شجاع وصائب وقرار جريء ومن ناحيته اعتبر د. أحمد الفرحان.. الامين العام السابق للمؤسسة الوطنية لحقوق الانسان أن قرار قطع البحرين للعلاقات الدبلوماسية مع إيران موقف شجاع وقرار صائب وجاء في وقت مناسب ليضع النقاط على الحروف وليؤكد مدى قوة المساندة والدعم بين دول اعضاء مجلس التعاون الخليجي وتفعيل المصير المشترك والوحدة المشتركة، ومضيفًا وقد جاء هذا القرار متأخرًا، وذلك لان الخارجية عانت الكثير وتجرعت مرارة كبيرة من النظام الإيراني الذي لا يحترم دول الجوار ولا العلاقات الدبلوماسية المتعارف عليها مع الدول. وتابع: وتعاني البحرين من التدخلات السافرة من إيران بل لا يقتصر الامر على البحرين فقط بل يمتد إلى دول عربية اخرى التي تعاني من التصرفات الإيرانية اللاأخلاقية، وان هذا التشنج الإيراني فيما يتعلق بإعدام عدد من الإرهابيين ينطبق عليهم القانون السعودي، وفي المقابل عندما تقوم ايران بإعدام المئات بل الآلاف من المعارضين ومن أبناء إقليم الاحواز أو من البلوشستان او التركمستان لم نسمع أي صوت دولي او استياء او استنكار من أي دولة. وشدد الفرحان على أن إيران بدأت تتخبط في مجال السياسة الدولية وأنها تفقد أصدقاء وحلفاء لها في المنطقة العربية وهذا دليل على عدم وضوح السياسة الإيرانية، ومشيرًا إلى ان التفاعل الدولي مع موقف السعودية في قرارها بقطع علاقاتها مع إيران دليل أيضا على موقف ثابت في الحق وان تدخلات إيران سافرة في شؤون المنطقة. مهاجمة إيران للسفارة السعودية يناقض اتفاقية فيينا أما السفير السابق سعيد الفيحاني.. فرأى أن إيران لم تسلك سلوك الدول في احترامها لدول الجوار بل انها سلكت سلوكا لا يتلاءم مع دورها الإقليمي بل وساندت الإرهاب والإرهابيين، ومطالبا الدول العربية باتخاذ خطوات صارمة للتصدي لممارسات إيران، ومعربا عن أمله ان تقوم بقية الدول الخليجية والعربية بقطع علاقاتها مع إيران او اتخاذ إجراءات من شانها تعبر عن الغضب العارم في الشارع العربي. وتابع: وايران لها باع طويل في التدخل في شؤون البحرين، ومؤكدا ان مهاجمة السفارات والقنصليات يناقض اتفاقية فيينا عام 1961، وكما قال وزير خارجية السعودية عادل الجبير إن إيران لها تاريخ طويل في مهاجمة السفارات وهذا اسلوب إرهابي وليس حضاريًا وعدم احترام وتقدير للدول التي تمثل لديها. المصدر: أشرف السعيد