لا يوجد شخص عاقل يظن أن الدولة عندما ترسم وتضع خطط الميزانية والموازنة، أنها تستهدف الإضرار بالمواطن بالدرجة الأولى، وأن همها الأول هو سحب الأموال من خزينته؛ وبالتالي فنحن أمام استراتيجية بعيدة المدى ترسمها الدولة مقدمة للمواطن كل خير. لا أظن أن هناك شخصاً عاقلاً يعتقد أن المواطن سوف يكون سعيداً عندما يرتفع البنزين! ولا أشك أن هناك شخصاً ناضجاً يعتقد أن زيادة الكهرباء تجعله مبتهجاً مشعاً من الفرح! ولا أعتقد أن هناك إنسانا بكامل قواة العقلية سوف يرقص طرباً عندما تلغى عليه الدرجة الأولى للطيران!! هذه ردود البشر الطبيعية ونحن أيضاً نقدّر للدولة هذه الرؤية التي لم تأت من عبث وربما لن تستمر طويلاً، ومع هذا نضع أيدينا في يد الدولة ونقول: نحن معكم في السراء والضراء! لكن المؤلم والمؤسف عندما يأتي من يزايد على الوطنية ويقول: إن هذا القرار يبث الفرح والسرور بين المواطنين ويكتب ويغرد بأن «المواطن العادي» في قمة الابتهاج، وهو الذي امتلأت أرصدته بالملايين بطرق ملتوية! وهناك من يأتي ويقول أيضاً أن رفع سعر البنزين لم يكن كافياً، ويطلب بأعلى من ذلك ظناً من أن الناس كلهم دكاترة وأعضاء في مجلس الشورى! والأتعس من ذلك من يأتي ويقول إن الدولة «دلعتنا» منذ عقود، وهو الذي دلعته الدولة بالقروض الميسرة والأراضي المنبسطة والتسهيلات المتعددة، فمن ياترى هو المدلع؟ ومع هذا لم يقدم ما يذكر لخدمة المجتمع! العقلانية والنضج في الطرح هو المطلب في هذا الوقت، والدولة تعرف جيداً من يمارس «الهياط» في محاولة بائسة للتقرب من ذوي النفوذ، لأن ما يقال هو عكس الواقع! نعلم جيداً أن القرارات ليست في صالح المواطن ولكنها في صالح الدولة، ومع هذا فالمواطن قادر على أن يتجاوز هذه المرحلة في ظل الظروف الراهنة.. اللهم بارك لنا في ميزانيتنا واكتب لنا فيها الخير والصلاح.