في العام1995هز انفجار بسيارة مفخخة مقر بعثة اميركية لتدريب الحرس الوطني في حي العليا بالرياض، دوي الانفجار كان عنيفا ليس فقط بسماعه من المواطنين بل في حدوثه المفاجئ في مجتمع آمن مستقر مطمئن، هذا الجرم الارهابي وجد معالجة أمنية فورية ادت الى القبض على منفذي هذا الاعتداء وهم للاسف اربعة سعوديين، انه امر مستغرب ان يتجه ابناؤنا الى عمل ارهابي مثل هذا، ماذا حدث لهم وما الدوافع ؟ بالطبع كان تساؤلا مشروعا للجميع، ظهرت الاجابة عنه حين ظهر اسم تنظيم "القاعدة" واسامة بن لادن الذي تزعم التنظيم عند تأسيسه في العام 1988م. منذ ذلك الحين بدأت المواجهات بين الارهاب والمجتمع، بين الحق والباطل بين شعب مؤمن يحتذي في جميع تفاصيل حياته بتعاليم الشرع الحنيف، وبين فئة ضالة عن الطريق القويم رأت في العنف والاعتداء على الانفس المعصومة والممتلكات والمكتسبات الوطنية هدفا يحقق لها احلامها المريضة هي ومن يقف خلفها. سلسلة إرهابية تكفيرية برزت آفة الارهاب والتطرف وكشرت عن انيابها فكانت للتنظيم الارهابي جرائم ارهابية اخرى بدأت سلسلتها البغيضة في العام 2003م عندما هزت انفجارات مجمعات سكنية في الرياض تقطنها غالبية غربية جاءت الى هذا البلد الآمن مثلها مثل اي مقيم يهدف لتحسين اوضاعه المادية، والمشاركة في البناء التنموي الذي تعيشه المملكة، كانت نتائج تلك الاعمال الاجرامية استشهاد رجال أمن واصابات مختلفة وذهاب انفس معصومة من اهل الذمة، والجميع يتذكر ما قاله الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين -رحمه الله- عن تفجير العليا عام 1415ه: "اليوم يقاتلون أهل الذمة وغداً يقتلون أهل القبلة". وجد المجتمع برجال أمنه ومواطنيه ومفكريه وعلمائه انهم امام فئة ضالة تعمي بصيرتها الافكار المنحرفة التي تقوم على التكفير للجميع، وبالتالي فما تنفذه من اعمال ارهابية تستهدف المملكة هي امر مشروع في نظر تلك الفئة، فالجميع امامهم كفرة، ولهذا لم يمنعهم شهر رمضان من القيام بهجوم ارهابي وتفجير مجمع سكني في الرياض ما ادى الى وقوع ضحايا بلا ذنب اقترفوه. رجال الأمن كفاءة قدرة ولان رجال الأمن كانت صدورهم في مواجهة الارهابيين كانوا بحق على قدر المسؤولية والاخلاص للدين ثم للوطن وقيادته، لقد كانوا اهلا للمواجهة وتمكنوا من القتل والقبض على اعداد كبيرة من قيادات وعناصر تلك الفئة الضالة الباغية، رغم سعي تنظيم "القاعدة" الارهابي لاستهدافهم وذلك عندما قام بالهجوم الارهابي على مبنى الإدارة العامة للمرور في الرياض في 2004م، اضافة الى استهداف رجال الأمن مباشرة واطلاق النار عليهم غيلة، فيما كانت آخر محاولاتهم اليائسة ضد الامن وقياداته هي المحاولة الفاشلة للاعتداء على مبنى وزارة الداخلية بالرياض، واستهداف مقر مركز تدريب قوات الطوارئ الخاصة في الرياض. وتواصلت جرائم "القاعدة" الارهابية ضد المقيمين والمدنيين ورجال الامن، اذ اقتحم مسلحون أحد المواقع الصناعية في مدينة ينبع، وقتل 5 أشخاص (أسترالي وأميركيان وبريطانيان) بالإضافة إلى رجل أمن، وإصابة 14 من زملائه، كما قامت مجموعة مسلحة باقتحام مجمع الواحة السكني في مدينة الخبر، واحتجاز 45 رهينة، وقتل العشرات من ساكنيه، وتمكنت قوات الأمن من اقتحام المبنى وتحرير الرهائن، كما حاول التنظيم الإضرار بالاقتصاد الوطني السعودي، ولكن السلطات الأمنية أحبطت محاولته الفاشلة التي استهدفت معامل بقيق لتكرير النفط في الشرقية، حيث حاول ارهابيون تفجير سيارتين، قبل أن تتمكن حراسات المعامل من قتلهم، كما استشهد رجلا أمن. اساليب قذرة هذه الفئة الضالة لم تترك اسلوبا قذرا إلا و سلكته في جرائمها ضد المملكة دون احترام للدين او الانسان، فهي تقتل غدرا وتغتال غدرا وتخون في وضح النهار، فقد قتل المصور التلفزيوني الأيرلندي سيمون كامبرز وأصيب زميله البريطاني فرانك غاردنر مراسل هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) لشؤون الأمن في اعتداء بحي السويدي في العاصمة السعودية الرياض بعد وثوقهما في امكانية اجراء لقاء مع عناصر الفئة الضالة التي غدرت بهما. ولا ينسى الجميع الغدر والخيانة اللذين مارستهما عناصر التنظيم عام 2009م في تنفيذ محاولة اغتيال فاشلة لسمو ولي العهد الأمير محمد بن نايف - مساعد وزير الداخلية انذاك- نفذها عبد الله طالع العسيري الذي كان يشكّل الرقم 85 على قائمة المطلوبين أمنيا، واستخدم فيها تقنية الجوال في محاولة الاغتيال الفاشلة قبل أن يقتل، حيث استقبله الامير محمد بن نايف في منزله. القصاص شرع الله ان المجتمع حين يتحدث عن تاريخ وسلسلة الاعمال الارهابية لتنظيم "القاعدة" الارهابي فهو يتالم لان من طعنه في قلبه هم ابناؤه، الذين كان يفترض فيهم حمايته ومكتسباته وليس قتله وتفجير ممتلكاته، لقد رأينا على شاشات التلفزة وجوه المواطنين وهم في فرحة غامرة حين قام رجال الامن بقتل عناصر من رؤوس التنظيم الارهابي في مواجهة في محطة وقود في الملز في يناير 2004م، ولكن ماذا عن اهالي ضحايا الاعمال الارهابية، وايضا حق المجتمع في الاستقرار ومعاقبة من اقلقه في امنه واخافه على عقيدته، ان الجميع يتمثل قول الحق تبارك وتعالى (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعاً بَصِيراً *) (النساء:58) ، لقد تحقق ما يريده اصحاب الحق من الاهالي والمجتمع كافة حيث خضعت عناصر التنظيم التي تم القبض عليها اثناء تنفيذها الجرائم الارهابية او ضبطها بعد هروبها الى محاكمة عادلة على يد قضاة شرعيين وفي محاكم متخصصة اسمها"المحكمة الجزائية المتخصصة" في الرياض وجدة وبدأت تلك المحاكمات في العام 2011م، ومكنت المتهمين من الدفاع عن انفسهم بل ان وزارة العدل تكفلت بنفقات محامين للدفاع عنهم عند طلبهم، انه عدل ندر مثيله في العالم، بل اننا متأكدون ان من اولئك المدانين من هو في اشد الندم على ما اقترف من ظلم بحق دينه ووطنه واهله، ان العدل القائم على الشرع الحنيف يحقق الاقتصاص في هذه الحياة من القتلة امتثالا لقول الله عز وجل: (وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ*)(البقرة:179) انها قاعدة ربانية تحفظ المجتمع من سفك الدماء وتكرس حرمة النفس الانسانية واحقية اولياء الدم في الاقتصاص من قاتلي ابنائهم او ابائهم. نقف اليوم ونحن على ثقة في ما وفر للمتهمين من محاكمة عادلة مفتوحة امام الاعلاميين الذين شهدوها ورأوا دفوع المتهمين التي كانت تتطلب احيانا جلسات متعددة، ونشعر بارتياح عميق لما اتخذ بحق اولئك الجناة الذين رملوا نساء ويتموا اطفالا ونزعوا بيعة شرعية بخروجهم على ولي الامر وعلى الدولة واثارة فتن احرقت شبابا وضيعت مستقبلهم، ونحن واثقون ان العقاب كان دليلا على توفيق الله لهذه البلاد الطاهرة لاقامة الشرع الحنيف والحكم بتعاليمه السمحاء التي دستورها الكتاب والسنة.