منذ بداية عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز اتضحت الصورة الجديدة للإدارة في المملكة. ومن أهم ملامح الإدارة الحديثة هي تجميع الهيئات والمجالس واللجان المتخصصة في مجلسين أساسيين، الأول للشؤون الاقتصادية والثاني للشؤون الأمنية. والحقيقة كان لهذا التقسيم أثره الإيجابي في سرعة اتخاذ بعض القرارات التي كانت في تلك اللجان والمجالس والهيئات تدرس فترة طويلة، إلا أنه بعد إنشاء المجالس لمسنا صدور العديد من القرارات بعد انتظار طويل لدى بعض اللجان والهيئات والمجالس. ومن هذا المنطلق تمنيت على مجلس الشؤون الاقتصادية أن يعيد النظر في ثلاث هيئات اقتصادية، وهي الهيئة الملكية للجبيل وينبع وهيئة المدن الصناعية، وهي في الحقيقة تقوم على عنصر أساسي وهو دعم الصناعة والخدمات المساندة لها وذلك لدعم الصناعة ورفع الناتج القومي. إلا أن تبعية كل هيئة قائمة تختلف عن الأخرى ونتيجة اختلاف التبعية والإشراف والإدارة فإن أسلوب وطريقة ومرونة الإدارة تختلف. فالهيئة الملكية بالجبيل وينبع هي أقدم الهيئات وأنجحها، حيث تأسست بأمر ملكي عام 1975 لتعنى بتطوير مدينتي الجبيل وينبع الصناعيتين في المملكة العربية السعودية واستقطاب الاستثمارات السعودية والمشتركة في صناعة البتروكيميكال، ثم بعد نجاح الهيئة الملكية ونفاذ أراضيها المخصصة لصناعة البتروكيميكال صدر المرسوم الملكي بانطلاقة الجبيل 2 وينبع 2 في شهر ذي القعدة عام 1425، كتوسعة للمدينتين لتلبية احتياجات المستثمرين سعوديين وشركات أجنبية. حيث صدر المرسوم الملكي لتوسعة الجبيل 2 وينبع 2. أربعون عاما من النجاح في مدينتي الجبيل وينبع الصناعيتين في الصناعات البتروكيماوية والمشتقات البترولية وضعت المملكة ضمن قائمة أكبر المصنعين للبتروكيماويات في العالم، وذلك ضمن اهتمام المملكة بالصناعة كبديل لدخل البترول، وتوسعت في إنشاء المدن الصناعية للصناعات الصغيرة والمتوسطة والصناعات التحويلية وإنشئت لها هيئة مستقلة. وبعد سنوات من إنشاء أو الإعلان عن إنشاء المدن الاقتصادية اتضحت الصورة جيدا وبرز الخلل وتعثرت بعض المدن الاقتصادية في إنشائها وتشغيلها فأوكلت الدولة مهمة إدارتها وتشغيلها إلى الهيئة الملكية لينبع وتتبع الإدارة العامة للهيئة بينبع. ومنذ تولي الهيئة المسؤولية بدأت المدينة الاقتصادية بجازان يتجلى عملها الحقيقي وبدأت أرامكو في مشروع المصفاة الذي سيوكل عليه مسؤوليات كبيرة. وأشعر الآن بأمان لمستقبل المدينة الاقتصادية بجازان، وذلك بضمها للهيئة إشرافا وإدارة وفي الوقت الذي تعثرت المدينة الاقتصادية بحائل وتحولت مدينة المعرفة ومدينة الملك عبدالله الاقتصادية إلى فرص ثمينة للمطورين على حساب الأهداف الأساسية وتحولت إلى مدن تطوير عمراني يتضارب تجار العقار على شراء الأراضي والشقق والفلل، وبعدت عن الهدف الأساسي وهرب المستثمرون الصغار والمتوسطون عن المدينة نظرا لارتفاع تكلفة الإيجار والخدمات. ولم أكن من المشجعين لتسليم المدن الاقتصادية لشركات تطوير سعودية أو غير سعودية. وما زلت أطالب بتوحيد إدارات وتشغيل المدن الصناعية والاقتصادية. وإذا جاز لي الاقتراح فإن اقتراحي هو ضم الهيئات الصناعية الثلاث إلى إدارة هيئة واحدة لتكن إدارة الهيئة الملكية في ينبع وهي الإدارة الأنجح وصاحبة خبرة الأربعين عاما ولا مانع من تغيير المسمى إلى هيئة المدن الصناعية والاقتصادية على أن ترتبط مباشرة بخادم الحرمين الشريفين أو بالمجلس الاقتصادي. إن فكرة تجميع الهيئات الاقتصادية في كيان واحد سيسهم في توحيد الجهود لتحقيق نفس الهدف، وسيحقق تكاملا بينهم عوضا عن المنافسة والحساسية. آمل أن يناقش هذا الطرح من منطلق المصلحة العامة في تحقيق الهدف. إن المرحلة القادمة تتطلب من القطاع الأهلي أن يرفع نسبته في الناتج المحلي ويؤمل على القطاع الأهلي أن يلعب دورا كبيرا داعما ومساندا لاقتصاد الوطن، وأن يساهم في خفض نسب البطالة وخلق فرص العمل عن طريق الاستثمار في المزيد من المشاريع التنموية. كما آمل أن يعاد النظر في الهيئات الاقتصادية القائمة واتخاذ القرار بدمجها تحت إدارة الهيئة الملكية للجبيل وينبع ولكن باسم جديد. abdullahdahlan@yahoo.com