تحول سوق التوظيف الإلكتروني إلى مأوى للمحتالين الذين يستغلون ركض الشباب وراء وظيفة مناسبة في القطاع الحكومي أو الخاص، وأسهمت مواقع التواصل في انتشار هذه الظاهرة الغريبة على المجتمع، حيث كثرت الصفحات التي تروج لوظائف وهمية، وتوقع في حبائلها الضحايا. وفيما يستخدم أصحاب هذه الصفحات وثائق حكومية مزورة يقدمونها للباحثين عن العمل لإقناعهم بمصداقيتهم، وطلب مبالغ مالية تتراوح بين 20 و70 ألف ريال. لم تفلح نداءات وزارة العمل المتكررة بالابتعاد عن هذه الصفحات، وعدم التعامل معها في ثني الشباب عن المحاولات الخطرة. ضحايا واتساب منال الشمري واحدة من الفتيات اللاتي وقعن في براثن هذه الصفحات الوهمية، تقول: "أثناء تصفحي لموقع إنستجرام صادفت حسابا باسم "سعودة وتوظيف معلمات"، فبدأت في متابعته، وكان يضع رقم جوال للتواصل مع القائم عليه عبر برنامج الواتساب". وأضافت: "أرسلت للمشرف على الصفحة استفسارا، فرد وكان مواطنا يسكن بالرياض، وأكد لي أن لديه علاقات بوزارة التعليم، وأنه مستعد لأن يوظفني مقابل 20 ألف ريال، وحتى يقنعني بمصداقيته قدم لي عرضا بتقديم شيك بالمبلغ الذي سأدفعه لضمان حقوقي في حال لم أتوظف، ولكني ارتبت في الأمر، وأنهيت المحادثة معه". توظيف وهمي لم تكن الشمري وحيدة في شباك النصابين، فقد مرت بنفس التجربة الشابة خلود التي تبحث عن وظيفة توقف بها قطار البطالة الذي استقلته منذ تخرجها، تقول: "أكد لي شخص يدعى أبو راشد أنه قادر على توفير وظيفة لي، وبعد أن دفعت له مبلغ 10 آلاف ريال اختفى، وهنا أدركت أنني وقعت في فخ التوظيف الوهمي". تحذير متكرر أكد المدير العام للإعلام في وزارة العمل خالد أبا الخيل لـ "الوطن" أن "الوزارة حذرت من حسابات التوظيف الوهمية في برامج التواصل الاجتماعي خاصة تويتر، والواتسآب، وأنستجرام، وطالبت بمتابعة الحسابات الرسمية فقط، وتحري الدقة في التعامل مع موضوع التوظيف". وأكد أن الوزارة أقرت عقوبات لمن يستغل منصبه في الحصول على أموال من الباحثين عن العمل، وقال: "الوزارة تسعى لتنظيم العلاقة بين العامل وصاحب العمل، وتضع العقوبات الملائمة للمخالفات التي قد تحدث، حرصا على إيجاد سوق عمل نظامي ومحفز على الإنتاج والاستقرار الوظيفي". وكشف أبا الخيل أن الوزارة أطلقت عددا من المبادرات والبرامج لزيادة توظيف السعوديين، وتنظيم عملهم في القطاع الخاص، للمساهمة في دعم التوطين في القطاعات الخاصة، مبينا أن تلك المبادرات كان لها الأثر الإيجابي في إحلال القوى الوطنية في سوق العمل، وخلق فرص وظيفية جديدة. عقوبات مغلظة طالب المحامي محمد التمياط ضحايا هذه الوظائف الوهمية بالتقدم بشكاوى إلى مكتب العمل للإيقاع بالمحتالين، واسترداد المبالغ المالية التي تم الاستيلاء عليها في حال دفع الضحية مبالغ، وتطبيق عقوبات في حق المحتالين كالغرامة والسجن أو الاثنتين معا، في حال انتحل صفة موظف حكومي أو جهة حكومية". وأوضح التمياط أن جهات التوظيف الخاصة لا يحق لها ممارسة نشاطها إلا بعد الحصول على التراخيص اللازمة، مشددا على ضرورة عدم التعامل معها إلا بعد التأكد من التراخيص، ونظاميتها.