ريال مدريد محطة استثمار أم ملاذ انتماء؟ حال قد تنطبق على نجم الفريق وهدافه التاريخي البرتغالي كريستيانو رونالدو، الذي تجاوز أخيرا رصيد "الابن التاريخي" راؤول غونزاليس. وسجل غونزاليس (323 هدفا في 741 مشاركة بين العامين 1994 و2010)، بينما احتاج رونالدو إلى 308 مباريات فقط ليعادل هذا الرقم قبل أن يتخطاه سريعا. وسجل"الدون" ثنائية أول أمس الأربعاء ليرفع رصيده إلى 14 هدفا في الدوري (حتى المرحلة الـ16). كما فرض أخيرا نفسه نجما في مباراة ريال مدريد أمام ضيفه مالمو السويدي في دوري الأبطال بتسجيله سوبر هاتريك، وهو نصف الغلة المدريدية في شباك الضيوف، فبات أول لاعب في تاريخ ريال مدريد يسجل سوبر هاتريك في المسابقة الأوروبية، رافعا رصيده إلى 11 هدفا في صدارة لائحة هدافيها. كما حطم الرقم القياسي في عدد الأهداف في دور المجموعات (تسعة أهداف)، الذي كان بحوزته والبرازيلي لويز أدريانو (موسم 2013-2014)، وهو الهدف الـ88 له في المسابقة، فعزز بالتالي ريادته للائحة هدافيها التاريخيين. رونالدو بات الهداف التاريخي لريال مدريد بعدما حطم رقم راؤول غونزاليس(رويترز) نجم ولكن وقد يتساءل سائل كيف لا يكون النجم المطلق في النادي الملكي من يملك هذا السجل الحافل على مر تاريخه، غير أن وقائع كثيرة تظهر العكس، بعضها منوط بعاطفة أنصار "النادي الملكي" وإدارته، وبعضها الآخر متعلق برونالدو شخصيا. النجم المثير للجدل هو ماركة مسجلة تدر 35 مليون يورو سنويا، لذا تبدو "المساكنة" مطلوبة من الطرفين. فقبل أسابيع أطلقت "يونيفرسال" فيلم "رونالدو"، وهو وثائقي للمخرج أنطوني وونك، وصور خلال 14 شهرا بين العامين 2013 و2014، وجاء بمثابة إعلان طويل مدته 90 دقيقة، لم يحمل إلا الجوانب الإيجابية في حياة اللاعب. وكان "الطريف"أثناء العرض الأول في لندن (9 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي)، أن إدارة ريال مدريد غابت عن المناسبة، في مقابل حضور لافت للسير أليكس فيرغسون والبرتغالي جوزيه مورينيو والإيطالي كارلو أنشيلوتي. وقال رونالدو في المناسبة "شرف عظيم أن أكون هنا مع عائلتي، مع أصدقائي والأشخاص الذين أحبهم!". وبعد ستة أيام كاشفه رئيس ريال مدريد فلورنتينو بيريز مستفسرا منه قبل المباراة مع باريس سان جيرمان الفرنسي في دوري الأبطال، عن سبب إدلائه بهذا التصريح، فرد رونالدو ببساطة، وفق ما أوردته مجلة "كيكر" الألمانية "لم لا؟". وسألت المجلة إن كان سيغادر ريال في نهاية الموسم، فتلقت جوابا غير مباشر من إدارة النادي مفاده "رونالدو مرتبط معنا بعقد حتى العام 2018". لكن النجم البرتغالي همس كلمات في أذن مدرب سان جيرمان لوران بلان تفنن بعضهم في التكهن بما حملته. أما الخلاصة فهي أنه لا أحد يعرف ماذا يخبئ له الغد في كرة القدم. وهذه الجملة الشهيرة التي يدأب رونالدو على ترديدها عندما تثار أمامه مسألة الانتقال إلى ناد آخر، أو يسأل عن مستقبله في الملاعب. وسبق أن ردد الجملة عينهافي موسم 2008-2009، أي على مشارف انتقاله من مانشستر يونايتد الإنجليزي إلى ريال مدريد. أليكس فيرغسون رفقة رونالدو بمناسبة عرض فيلم يروي قصة حياة الدون (رويترز) أدنى منزلة لكن الغريب أن "صاروخ ماديرا" ينقض كلامه أحيانا، فبمناسبة احتفاله بعيده الـ30 الذي تزامن مع تربعه على عرش هدافي ناديه الإسباني، صرح في مقابلة أجرتها معه مجلة "وورلد سوكر" أنه يحلم بأن ينهي مسيرته في ريال مدريد، ويحصد تحت ألوانه كرات ذهبية أخرى وألقابا في الـ"ليغا" ودوري الأبطال! لكن ما يعبر رونالدو عنه عموما يتناقض في الأساس مع "ردات فعله" عندما يكون مستاء من إدارة ناديه، وتحديدا الرئيس فلورنتينو بيريز، ويريد أن يوصل رسائل، كما حصل عام 2012، حين كان يسجل أهدافا من دون أن يحتفل، عازيا السبب إلى أنه ليس سعيدا، و"الجميع في النادي يعرفون ذلك ولن أزيد". يسجل رونالدو بوتيرة أسرع مرتين ونصف المرة من راؤول، لكنه يظل بالنسبة إلى كثر من أنصار "الملكي" أدنى منزلة من ألفريدو دي ستيفانو وراؤول والفرنسي زين الدين زيدان. وقد يقلل بعضهم من هذه "المفاجأة"، معتبرا أن من يفضل النجوم الثلاثة على الفتى البرتغالي هم من الذين تخطوا سن الأربعين وقاربوا مرحلة الكهولة أي أنهم يحنون إلى "زمن جميل". في المقابل يرون أن رونالدو يحتل قلوب مراهقين مدريديين وشبانا لم يتجاوزوا الـ25 سنة. ولعل في تقلبات طباعه وتصرفاته مع إدارة ناديه سببا مباشرا لعدم الإجماع حول شخصه، خصوصا في مدينة تتنفس كرة قدم. منذ غادر المدرب أنشيلوتي أسوار ريال مدريد عاد رونالدو إلى منزلة "نجما بين النجوم" وليس النجم المطلق، هذا على الأقل في نظر بعض المقربين منهم، الذين يأخذون على "مدريديين" أيضا قولهم إن الفريق يؤدي أفضل من دونه أحيانا، مبدين عتبهم وواصفين هؤلاء بقليلي الوفاء. لذا، يسأل متابعون هل ستنتهي قصة الحب بين "النادي الأكبر في العالم" و"اللاعب الأفضل في التاريخ" الذي يسعى دائما أن يتميز، وتطوى صفحة التعاون الذهبية على مدار ستة مواسم مثمرة، رغم ما تخللها من فترات مد وجزر؟