بيروت: «الشرق الأوسط» لاقت مواقف الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، لناحية رفضه تشكيل حكومة حيادية واصفا إياها بأنها «خداعية»، سلسلة مواقف لبنانية مستنكرة من جانب فريق «14 آذار» تحديدا. فيما برز موقف دبلوماسي لافت على لسان رئيس لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الأوروبي ألمار بروك الذي أعرب عن أسفه لـ«عدم استعداد حزب الله لمناقشة تشكيل حكومة حيادية»، وفق ما نقلته الوكالة الوطنية للإعلام. وشدد بروك، الذي عقد سلسلة من اللقاءات مع المسؤولين اللبنانيين شملت الرئيس اللبناني ميشال سليمان ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي ورئيس البرلمان نبيه بري، على ضرورة «تشكيل حكومة بهدف إجراء الانتخابات النيابية في نهاية العام المقبل، وتخطي البلد الاستحقاق الرئاسي، وفق ما ينص عليه الدستور». وعلق بروك بعد لقائه ميقاتي على مواقف نصر الله بالقول: «سمعت أنه غير مستعد لمناقشة قيام حكومة حيادية، وهذا الأمر ضروري لإحراز تقدم في البلد». وقال إنه «غير مسرور على الإطلاق لأن أحد الأفرقاء في هذا البلد غير مستعد للتعاون وتوفير الشروط المناسبة للحفاظ على الاستقرار، وهو ناشط في سوريا وغير مستعد ليكون جزءا من حل مستقل، وأنا آسف فعلا لذلك». وأكد بروك اهتمام الاتحاد الأوروبي باستقرار لبنان، مذكرا بالدعوة التي أطلقها وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي «لكل الأطراف، بمن فيهم حزب الله، إلى الالتزام التام بسياسة النأي بالنفس التي يعتمدها لبنان تجاه النزاع الدائر في سوريا ودعم جهود الرئيس سليمان لتطبيق بنود إعلان بعبدا». وكان نصر الله أكد خلال خطاب ألقاه أول من أمس خلال تشييع أحد كوادر حزبه حسان اللقيس الذي اغتيل في بيروت قبل أسبوعين، أنه «ما زلنا نعتقد بلزوم حكومة سياسية جامعة، حكومة وحدة وطنية، وحكومة الحياد برأينا هي حكومة خداع، لأن في لبنان ليس هناك حياد، واليوم ممنوع على أحد أن يحب أحدا أو أن يحترمه»، مؤكدا أنه لا ينصح أحدا بـ«تشكيل حكومة أمر واقع» و«نقطة على السطر». ورأى نصر الله أن «بديل الفراغ هو تشكيل حكومة مصلحة وطنية لا تقصي أحدا»، منتقدا «الاتهامات المتبادلة بالفراغ بموضوع الاستحقاق الرئاسي». وأكد أن «بديله الوحيد انتخاب رئيس بالموعد المحدد»، موضحا أنه «من الطبيعي أن يكون لفريقنا السياسي مرشح قوي ومناسب وملائم لهذه المرحلة الصعبة التي يمر بها لبنان والمنطقة والعالم». ولاقت انتقادات نصر الله لفريق 14 آذار سلسلة ردود، جاء أبرزها على لسان أمين عام تيار «المستقبل» أحمد الحريري الذي أشار إلى أن «حزب الله أمام مأزقين، الأول انغماسه في الحرب بسوريا، والثاني متابعة المحاكمات في المحكمة الدولية»، متهما الحزب بأن «لديه مشروعا أحاديا لأخذ البلد إلى حيث يريد، إلا أن هناك عراقيل كبيرة في طريقه». وقال الحريري، في حديث إذاعي أمس، إنه «بلحظة من اللحظات عندما يتواضع حزب الله ويضع قدميه على الأرض سيكون هناك نقاش حول كل المواضيع». ورأى النائب في «كتلة المستقبل» عمار حوري أن نصر الله «يأخذ دور المرشد للجمهورية أي أنه فوق الدستور، وهذا الدستور يعطي الرئيس اللبناني ورئيس الحكومة المكلف تمام سلام الحق في إصدار مرسوم تشكيل الحكومة»، مشيرا إلى أن عبارة «نقطة على السطر»، التي استخدمها نصر الله، هي «عبارة تهديدية والكل يعرف ماذا تعني في أدبيات حزب الله، وهو لجأ إلى التهديد باستعمال السلاح». وذكر حوري أن «حكومة الرئيس سعد الحريري كانت حكومة وحدة وطنية، فلماذا أسقطوها إذا كانت هذه التجربة هي الناجحة؟»، متسائلا: «في حال لم يكونوا حقيقة سعاة لحكومة ومناصب حكومية، لماذا هم مستشرسون في موضوع 6-9-9 وموضوع الثلث المعطل؟»، في إشارة إلى صيغة حكومية لا تعطي لأي فريق القدرة على تعطيل قرارات مجلس الوزراء. من ناحيته، أكد المدير العام السابق لقوى الأمن الداخلي اللواء المتقاعد أشرف ريفي، في تغريدة عبر موقع «تويتر» أن «لغة القرون الوسطى من تهديد وتكفير وتخوين لا تخيفنا، فلبنان لن يسقطه أصبع مرفوع، ولا سلاح ارتد من إسرائيل ليقاتل الشعبين اللبناني والسوري». وفي السياق ذاته، شدد النائب في كتلة «القوات اللبنانية» أنطوان زهرا على «رفض أي مشاركة بالسلطة مع حزب الله وعدم الذهاب معهم إلى حكومة واحدة وهذا أمر محسوم»، معتبرا أن «العيش المشترك المقدس في لبنان هو الانفتاح والحضارة وتحصين لبنان عن كل ما يجري حوله وليس توريطه بالحرب في سوريا بحجج واهية واستجلاب سلاح مقابل السلاح وتخوين مقابل التخوين وتكفير مقابل التكفير وإرهاب مقابل الإرهاب». وتعليقا على الانتقادات الحادة التي وجهها نصر الله إلى توصيات مؤتمر عقدته قوى 14 آذار قبل أسبوع في مدينة طرابلس، أكدت فيه أن حزب الله تحول إلى «قوة احتلال» في سوريا، وطالبته بالعودة إلى لبنان على المستويات الأمنية والسياسية، قال النائب في كتلة المستقبل محمد كبارة إن «إعلان طرابلس هو إعلان صدق وحقيقة وتقوى وسلام»، مشددا على «عدم مشاركة حزب الله وسيده نصر الله في الحكومة ولا في مهزلة التوافق على رئيس الجمهورية، لأننا نرفض أن نكون شركاء في قتل اللبنانيين والسوريين والعرب أجمعين». وكان نصر الله أكد في خطابه أول من أمس أن خلفية موقف «14 آذار» هي «إقصائية إلغائية»، وقال: «هذا الكلام مقصود منه فرضيتان، الأولى: لا يمكن بيوم من الأيام أن نجلس على طاولة واحدة أو أن نشكل حكومة واحدة»، متابعا: «قولوا لنا ذلك حتى لا نتعب بعضنا البعض لأن في هذا الخطاب إقصاء فريق كبير من لبنان، وبالتالي إذا هناك إعلان حرب فقولوا لنا، ونحن لا نريد أن نعلن حربا معكم: (مش فاضيلكم)، ونحن معركتنا مع الإسرائيلي ولكن ما حدا يلعب معنا». وأشار إلى أن الفرضية الثانية هي «الهجوم على حزب الله لإضعافه، والأخذ منه ما يريد». وفي هذا الإطار، قال كبارة: «مسألة لا تلعبوا معنا هذه سخيفة إلى درجة إثارة الضحك. فلا أحد يلعب معك يا سيد حسن. ولا أحد يريد أن يلعب معك، وهذا ما يزعجك فعلا، كوننا لا نريد أن نلعب معك في حكومة مشتركة، ولا نريد أن نلعب معك لعبة التوافق على رئيس جديد للجمهورية».