هوليوود: محمد رُضا أعلنت أكاديمية العلوم والفنون السينمائية المانحة للأوسكار، في العشرين من هذا الشهر، عن قائمتها الرسمية الأولى للأفلام التي ستتنافس على أوسكار أفضل فيلم أجنبي، وهي تشمل تسعة أعمال من تسع دول بينها فيلم «عمر» للمخرج الفلسطيني هاني أبو أسعد، وهو الفيلم الذي عرض أولا في مسابقة «نظرة ما» خلال مهرجان «كان» الماضي ونال جائزتها، ثم جاب مهرجانات كثيرة آخرها مهرجان دبي السينمائي الدولي حيث خرج بجائزة المهر العربي للفيلم الروائي في حين فاز مخرجه أبو أسعد بجائزة أفضل مخرج. الأفلام الأخرى المصاحبة لفيلم «عمر» في السباق صوب الأوسكار في هذه المرحلة هي «أنهار الدائرة المنهارة» لفيلكس فان غروننغن (بلجيكا) و«فصل من حياة لاقط حديد» لدانيس تانوفيتش (بوسنيا) و«الصورة المفقودة» لريثي بانه (كمبوديا) و«الصيد» لتوماس فنتربيرغ (الدنمارك) و«حياتان» لجورج ماز (ألمانيا) و«غراند ماستر» لوونغ كار - وي (هونغ كونغ) و«المفكرة» ليانوس شاش (هنغاريا) و«الجمال العظيم» لباولو سورنتينو. هذه المرحلة المسبقة مباشرة لاختيار خمسة أفلام هي الترشيحات الرسمية الفعلية قبل إعلان الفائز في حفلة الأوسكار في الثاني من شهر مارس (آذار) المقبل. وهي من أصل 76 فيلما تمّ تقديمها في المرحلة الأولى كان من بينها، علاوة على ما سبق ذكره هنا، الفيلم السعودي «وجدة» لهيفاء المنصور والفيلم الأفغاني «وجما - قصة حب أفغانية» لبرماك أكرم (أفغانستان) و«الشتا اللي فات» لإبراهيم البطوط (مصر) و«الماضي» لأصغر فرهادي (إيران) و«تقاطعات عمياء» للارا سابا (لبنان) و«خيول الله» لنبيل عيوش (المغرب). وكانت جمعية المراسلين الأجانب أعلنت قبل أسبوع قائمتها الكاملة من الأفلام وبينها الخمسة المرشحة رسميا لجائزة الغولدن غلوب التي ستقام في الثاني عشر من الشهر المقبل. وهذه اللائحة الخماسية شملت فيلمين فقط من تلك التي وردت في قائمة التسعة المذكورة. هذان الفيلمان هما «الصيد» و«الجمال العظيم». أما الأفلام الثلاثة التي تكمل اللائحة فهي «الأزرق اللون الأدفأ» لعبد اللطيف كشيش و«الماضي» لأصغر فرهادي و«الريح تعصف» لهاياو ميازاكي. * إعجاب كبير * الاختلافات المباشرة واضحة: المخرج العربي هاني أبو أسعد في قائمة الأوسكار غير النهائية والمخرج التونسي الأصل عبد اللطيف كشيش في قائمة الغولدن غلوب بينما غابت الأفلام العربية الأخرى («وجدة» و«تقاطعات عمياء» و«خيول الله» و«الشتا اللي فات») عن النهائيات في كلتا القائمتين. وفي حين أن شروط الغولدن غلوبس لا تنص على أن الفيلم عليه أن يكون عرض في بلده المنشأ قبل الأول من أكتوبر (تشرين الأول) ولا في أي تاريخ آخر، تلتزم الأكاديمية بذلك التاريخ ما يعني أن على الفيلم، أيا كان إنتاجه، أن يشهد عرضه الجماهيري (ولو لأسبوع واحد) في قاعة محلية. بذلك ربح الغولدن غلوب التصويت لفيلم عبد اللطيف كشيش «الأزرق اللون الأدفأ» في حين لم يقبل للمنافسة في قائمة الأوسكار لكونه لم يعرض تجاريا إلا من بعد التاريخ المذكور. الفيلم الفرنسي الذي شهد إعجابا نقديا غربيا كبيرا، جاوز - عددا على الأقل - ذاك الذي حصل عليه «عمر» سيكون له الحق في التسابق في العام المقبل.. لكن ذلك سيكون فعلا رجعيا مؤثرا لأن الفيلم حينها سيكون من إنتاج أبعد منالا من أفلام فرنسية أخرى ستدخل التنافس فيما بينها لأوسكار العام المقبل. إلى ذلك، فإن فرنسا كانت اختارت فيلمها لهذا العام إذ بعثت بذلك الفيلم شبه البيوغرافي «رنوار» لجيل بوردوس. والبعض في هوليوود يتهامس قائلا إنه حتى ولو سُمح بانضمام «الأزرق اللون الأدفأ» فإن نصيبه من النجاح والتبلور كواحد من الترشيحات الرئيسة سيكون محدودا، ناهيك عن فوزه بالفعل، وذلك بسبب المشهد الجنسي بين بطلتيه الذي يستمر لنحو ربع ساعة. هذا يعود إلى أن نسبة المحافظين من أعضاء الأكاديمية (والمعمّرين منهم تحديدا) هي غالبة. بالنسبة لجمعية المراسلين الأجانب، فإن الصحافيين المنتسبين هم أكثر ليبرالية ومع عدم وجود أي شرط خاص (سوى أن الفيلم عرض للأعضاء في هوليوود) فإنه ليس من الغريب أن يكون تسلل إلى ترشيحات الجمعية الأخيرة. وبل ربما يتجاوز الأفلام المنافسة وينال الغولدن غلوب بالفعل. * أزمة زرقاء * إذا كان هذا يفسر لماذا لم يدخل فيلم كشيش الأوسكار فإن لا معلومات عن كيف تقدّم «عمر» على الفيلم الإسرائيلي «بيت لحم» ليوفال أدلر. كلاهما دخل المرحلة الأولى مسبوقا بدعاية مناسبة، وكلاهما يتحدث عن مشكلة العمل المخابراتي للموساد وتحت أي ظرف يجري تعاون الفلسطينيين مع ذلك الجهاز. ربما ما دفع أعضاء اللجنة التي تقوم بمعاينة الأفلام (تحت رئاسة الأميركي مارك جونسون رئيس اللجنة منذ اثنتي عشرة سنة) إلى تفضيل الفيلم الفلسطيني صدق النية وحياكة موضوع متوازن قدر الإمكان وسط الظروف السياسية، لدى أبو أسعد مقابل محاولة إدلر الإيحاء بأن الفلسطينيين المتعاونين مع المخابرات العسكرية الإسرائيلية راضين عن ذلك. هذا إلى جانب أن «عمر» في حصيلته الفنية أفضل صنعا من «بيت لحم». ويذكر أن فيلم هاني أبو أسعد السابق «الجنة الآن» وصل إلى الترشيحات النهائية سنة 2005 وإن لم يفز بالجائزة حينها بل ذهبت الجائزة إلى الفيلم الجنوب أفريقي «تسوتسي» لغافين هود. هذه العناوين المتداولة هنا عرضت جميعا في مهرجانات سينمائية ساهمت في دفعها إلى الأمام. في الحقيقة، عرض مهرجان «كان» أربعة من هذه الأفلام هي الفيلم الفلسطيني «عمر» شهد والإيراني «الماضي» والفرنسي «الأزرق اللون الأدفأ» والياباني «الريح تعصف»» والألماني «حياتان» كما الكمبودي «الصورة المفقودة»، وهو التسجيلي الوحيد بين هذه المجموعة. وعرض مهرجان برلين أربعة أفلام من المتداولة هنا هي «الصيد» الدنماركي و«فصل في حياة لاقط الحديد» البوسني و«غراندماستر» الهونغ كونغي و«انهيار الدائرة المنهارة»» البلجيكي. أما «المفكرة» للمجري يانوش شاش فهو الوحيد الذي افتتح في مهرجان من الصف الثاني، وهو كارلوفي فاري. بالنسبة للفيلم السعودي «وجدة» حمل الاشتراك أملا في الوصول إلى القائمة المختصرة للأوسكار والقائمة النهائية للغولدن غلوبس، لكنه أخفق في المهمتين. بالنسبة للأوسكار هذا أول اشتراك سعودي في تاريخ الجائزة. هذا العام هناك بلدان اشتركا للمرة الأولى السعودية ومولدوفا بينما اشتركت باكستان للمرة الأولى منذ خمسين سنة وتم تسجيل مونتنيغرو على أساس أنها المرة الأولى كبلد مستقل. على صعيد الغولدن غلوبس، فإن عدد الأعضاء العرب قليل للغاية (اثنان بينهما هذا الكاتب مع ثلاثة أعضاء هاجروا إلى الولايات المتحدة منذ نحو خمسين سنة) وربما هذا ما نتج عنه جمع عدد لا يكفي من الأصوات لا بالنسبة لـ«وجدة» فقط، بل بالنسبة لـ«عمر» أيضا.