×
محافظة المنطقة الشرقية

العالم يحتفل بالعام الجديد تحت شعار «السلام أقوى من الإرهاب»

صورة الخبر

يتوج قادة رابطة بلدان جنوب شرق آسيا "آسيان" عام 2015 بالإعلان اليوم عن توقعيهم ميثاقا تجاريا طموحا، يؤدي إلى دمج اقتصادات عشر دول من بلدان المنطقة، وبما يسمح بحركة رؤوس الأموال والخدمات والعمال بلا قيود. ويحظى الاتفاق الجديد بدعم تام من الولايات المتحدة، ويتشابه في جوهره وأهدافه مع الخطوط العامة المنظمة للاتحاد الأوروبي، ويسمح على الأمد الطويل بصهر النشاط الاقتصاد للبلدان الموقعة عليه، إلا أنه لا يتضمن في المرحلة الراهنة إنشاء عملة موحدة على غرار اليورو، ومع هذا فإنه يتيح تحقيق ازدهار اقتصادي لنحو 622 مليون نسمة من سكان جنوب شرق آسيا. أليسون فولي الباحث المختص بالشؤون الآسيوية يعتبر أن تلك الخطوة تعكس الرغبة الأمريكية في خلق مجموعة اقتصادية آسيوية قادرة على تحدي العملاق الصيني والياباني. وأضاف لـ "الاقتصادية"، أن منطقة جنوب شرق آسيا تشهد حالة من الازدهار الاقتصادي خلال العقد الماضي، ولا شك أن الاتفاق التجاري المزمع عقده سيتضمن خفض أو شبه إلغاء للقيود الجمركية بين البلدان الأعضاء التي تبلغ مساحتها 3900 ميل وتمتد من المحيط الهادئ إلى المحيط الهندي، ويبلغ قيمة اقتصاد تلك المنطقة حاليا نحو 2.6 ترليون دولار، وستضاعف بحلول عام 2030. ويضم الاتفاق كل من بروناي وبورما وسنغافورة وكمبوديا وإندونيسيا ولاوس وماليزيا والفلبين وتايلند وفيتنام وتعد تلك المجموعة من البلدان من أكثر بلدان العالم نموا للطبقة المتوسطة، لكنها مع ذلك لم تستطع التغلب على انتشار الفقر فيها وسد الفجوة بين الفقراء والأغنياء. لكن التفاؤل المحيط بالإعلان عن التكتل التجاري الجديد، لا ينفي قلق البعض من حدوث تضارب في المصالح بين بعض البلدان الأعضاء فيه، والتي تتمتع في الوقت ذاته بعضوية في اتفاق الشراكة الاستراتيجية لبلدان المحيط الهادئ التي تضم 12 دولة من بينها الولايات المتحدة. وحول تلك النقطة، أوضحت لـ "الاقتصادية" الدكتورة كيتي سميث أستاذة الاقتصاد الدولي في جامعة بروملي، أن دعم واشنطن للتكتل التجاري الجديد لا يتناقض مع الاعتقاد السائد بأن الأولوية لدى الإدارة الأمريكية ستكون تعزيز اتفاق الشراكة الاستراتيجية لبلدان المحيط الهادئ، بل والعمل على توسيعه بعد موافقة الكونجرس عليه. وتضيف سميث أنه بالنسبة للدول التي لديها عضوية مزدوجة، فإن الأمر سيتوقف على العائد الاقتصادي الذي ستحققه من عضويتها في كل منظمة، فعلى سبيل المثال يبلغ إجمالي التجارة الخارجية لبلدان المجموعة الجديدة 2.53 ترليون دولار، و608 مليارات حجم التجارة البينية أما حجم التجارة مع واشنطن فلم يزد على 202 مليار في العام الماضي، ومن ثم فإن الدول التي تحظى بعضوية مشتركة سترصد أي اتفاق يعود عليها بفائدة أكبر سواء في مجال التجارة الخارجية أو في جذب الاستثمارات الخارجية، وبناء على ذلك ستعزز علاقتها ضمن المجموعة التي تحقق لها فائدة أعلى. مع هذا، فإن البعض يدعو إلى عدم الإفراط في التفاؤل بشأن الكتلة الاقتصادية الجديدة، في ضوء الخلافات والمنافسة الداخلية التي يتوقع أن تطفو على السطح، وتزداد حدة مع تفعيل العمل بالاتفاقية الجديدة. وأحد أبرز المشكلات التي يتوقع تفجرها خلال الأشهر الأولى، من بدء تطبيق البرتوكولات المتفق عليها، تتعلق بصناعة السكر في الفلبين، ويعمل بها نحو مليون شخص، حيث تواجه تلك الصناعة ومثيلتها في إندونيسيا مصاعب جمة من قبل أن تبدأ المباحثات من أجل صياغة الاتفاق التجاري لدول الآسيان. ويتوقع أن تزداد التحديات بالنسبة للفلبين وإندونيسيا جراء التفوق التايلندي في صناعة السكر، حيث تقوم الحكومة بدعم تلك الصناعة بنحو 1.3 مليار دولار سنويا، ولا تكمن المشكلة في أن بانكوك تنكر دعمها لصناعة السكر المحلية، بل إن الاتفاق التجاري الموقع بين مجموعة آسيان لا يتضمن حتى الآن أي تنظيم لعملية الدعم الحكومي للصناعات المختلفة. ويقول لـ "الاقتصادية" سميث كين الباحث الاقتصادي، إن الاعلان عن هذا التكتل الاقتصادي لبلدان جنوب شرق آسيا ربما يكون خطوة على طريق طويل، ليس بالضرورة أن يسفر عن تحقيق كل الأهداف المرجوة، فحجم التناقضات الداخلية بين بلدان المجموعة غير هين، والمشكلة الرئيسة من وجهة نظري أن المجموعة تفتقد قائد داخلي، يمكن اللجوء إليه لحل الخلافات المتوقع بروزها. فمثلا في اتفاقية الشراكة الاستراتيجية لبلدان المحيط الهادئ، تبرز الولايات المتحدة كقائد للمجموعة، حتى وإن لم يتم الإعلان رسميا عن ذلك، وفي الاتحاد الأوروبي هناك التحالف الألماني – الفرنسي، وهو ما يغيب عن مجموعة الآسيان، ومن ثم لابد أن يعتمد الأعضاء في حل خلافاتهم على التفاهم المشترك والنوايا الحسنة ومدى قدرة المؤسسات الداخلية للتكتل على التصدي للنزاعات والخلافات البينية.