الهبوط السريع لأسعار النفط العالمية وارتفاع أسعار الفائدة العالمية والعجز المتوقع في العام 2015 والتطورات الجيوسياسية في المشهد اليمني، السوري، والعراقي، وضع كل الاقتصاديات العالمية برمتها في مرحلة أزمة وركود اقتصادي بشكل قسري، فيما حافظ اقتصاد المملكة على تماسكه ومتانته ما يؤكد قدرته الفائقة على مواجهة التقلبات العالمية. هذا ما أكده المتخصص في الشؤون الاقتصادية المستشار فهمي صبحة، مشيرا إلى تحقيق ميزانية المملكة للعام المالي 2015 إيرادات فعلية قدرها 608 مليارات ريال مقارنة مع الموازنة التقديرية التي حددت 715 مليارا بعجز فعلي يتجاوز 300 مليار ريال بنسبة 51.7 في المئة من الموازنة ونفقات فعلية 974 مليار ريال مقارنة مع الموازنة التي قدرت 860 مليارا بزيادة 114 مليارا وهي ذاتها قيمة الراتبين لموظفي القطاع الحكومي، فيما تعلن المملكة موازنة 2016 في ظل ظروف اقتصادية عالمية وإقليمية غاية في الضبابية والتقلبات وتباطؤ واضح في مؤشرات النمو للسواد الأعظم من الاقتصاديات الدولية وانطلاقا من مبدأ الدورة الاقتصادية المعاكسة التي تبدأ من مرحلة الازدهار الاقتصادي من خلال استمرار الإنفاق المقنن على مشاريع التنمية والبنى التحتية إيمانا منها بأن التنمية المستدامة هي الأساس لتنمية الإنسان،. وأضاف: قدرت الإيرادات بمبلغ 513 مليار ريال بانخفاض عن العام الماضي قدره 202 مليار، وقدرت النفقات التقديرية 2016 بنحو 840 مليارا بانخفاض عن الإنفاق الفعلي 2015 بمبلغ 134 مليارا بنسبة 14 في المئة وبعجز تقديري قدره 327 مليار ريال للعام ذاته وبعجز تراكمي قدره للعامين 697 مليار، ما يعني أن الموازنة التقديرية موازنة التحديات بامتياز، حيث قدرت الإيرادات على أسعار النفط بحدود 26 دولار. قوة الاقتصاد ويضيف صبحة: عاما بعد عام تثبت المملكة قوة اقتصادها الوطني ومتانته وقدرته الفائقة على مواجهة التقلبات العالمية، وما يمر به العالم من متغيرات أدت للخلل في العرض والطلب في أهم سلعة استراتيجية وهي النفط، وكل ذلك بفضل الأصول الاحتياطية العالية للمملكة والرؤى الاستراتيجية الحديثة القائمة على الموازنة الفعلية بين الإيرادات بأنواعها المختلفة وما تنفقه المملكة على مشاريع التنمية المستدامة لتثبت للعالم كله ولبيوت الخبرة الاستشارية العالمية التي شككت في الملاءة المالية للمملكة بأن اقتصاد المملكة قوي إلى حد كبير. ويشير صبحة إلى أن الميزانية العامة 2016 ستبقى قائمة على الأسس المنظمة لها وخاصة الباب الأول المتعلق بالرواتب والبدلات والأجور، والباب الثاني المتعلق بالمصروفات العامة، والثالث المرتبط باعتمادات التشغيل والصيانة وفقا لاستراتيجية إعادة الهيكلة والتنظيم لهذين البابين بما يحقق أعلى مؤشرات اقتصادية ذات قيمة مضافة للاقتصاد الوطني، لافتا إلى أنها موازنة متوازنة في الإنفاق رغم تحدي انخفاض أسعار النفط ورفع أسعار الفائدة العالمية، كما أنها تتوافق مع المتغيرات الاقتصادية والجيوسياسية لتكون التغييرات بالباب الرابع من الموازنة المتعلق في المشاريع الجديدة والإنفاق الرأسمالي للحكومة لتكون على أساس الموازنة بين العوائد والاتفاق المقنن لكل مشروع على حدة.