هل سمعتم قصة المايونيز..؟ صبراً ياقوم..، أكثر ما يشغلني الآن جيوش المسافرين إلى تركيا لاستزراع الشعر والشعور والمشاعر، مثلما يشغلني احتشاد مواقع الشبكة العنكبوتية بدعايات وإعلانات شركات طبية تزعم مهارتها في إصلاح ما أفسده الدهر، فتحيل الرؤوس الجدباء القرعاء الصلعاء إلى بساتين من الشعر الغجري المجنون. قبل سنوات توارى أحد أصحابي عن الأنظار، ما أثار قلق أسرته التي ما توانت في التعميم عن غيبته لدى الجهات الرسمية، فيما تولى آخرون من جماعته البحث عن جثته الطاهرة في مشارح المستشفيات، وأقسام طوارئها المزدحمة، ولم يعثروا عليها رحمه الله. سبحان الذي يخرج الحي من الميت، إذ عاد الرجل الأصلع، شاعرا وذا شعر «مسبسب» مثل «ميسي» فقاطعه أبناء عمومته وجماعته الذين رهنوا عودته إلى حظيرة القبيلة بإعادة الأمور إلى نصابها تحت شعار البقاء للأصلع.. ففعل مرغما، فتأمل رعاك الله! وفي تسعينات القرن الماضي، زرت لندن في أول رحلة إلى بلاد الفرنجة التي تتجمد حيتانها من البرد، فتخليت عن قرويتي ومعطفي البلدي عند باب الموتيل، متخذا من متجر للمنتجات الطبيعية سبيلا للمؤانسة مع صاحبه العجوز، فعكف الرجل على تلقيني بعض الكلمات الإنجليزية التي تعينني على وعثاء البريطانيين وثقل دمهم وتساعدني على التعاطي مع صيدلياتهم وأطبائهم. أهداني صاحبي المستر كوين جونز، قبل سفري، زجاجة لامعة فهمت منه أنها أفضل كريم لعلاج الصلع، بعد أسبوع من التلييس والمسح اكتشفت أن الزجاجة اللامعة.. مايونيز.. وكانت فضيحة من دفاتر الماضي!