انتهى احتفال بيوم المترجم في القاهرة بما يشبه المرثية لحاضر مصر، حيث قال الكاتب المخضرم شوقي جلال إنه يفتقد مصر التي تابع نهضتها، ويخشى تحولها إلى مجرد تجمع سكني. وبعد نحو ساعتين من الحفاوة بعدد من أبرز المترجمين في احتفال بدار الأوبرا في القاهرة، أسدل الستار مساء الاثنين على يوم المترجم، وهو احتفال سنوي بدأته مصر قبل عامين. لكن يوم المترجم تميز هذا العام كما قال مدير المركز القومي للترجمة أنور مغيث، بتزامنه مع احتفال المركز بمرور 20 عاما على تأسيسه وإصداره نحو 2700 كتاب بـ35 لغة. وقدم وزير الثقافة المصري حلمي النمنم درع الوزارة لوزيرها الأسبق جابر عصفور مؤسس المركز الذي قال إنه عني منذ بداية إنشاء المركز بالخروج من أسر الإنجليزية والفرنسية، ومن المفهوم الضيق للثقافة بحصرها في الإبداع الأدبي إلى الفكر والعلوم، ومن المركزية الأوروبية إلى الانفتاح على لغات وثقافات أخرى في الشرق والغرب، والترجمة عن هذه اللغات مباشرة لتحقيق التنوع البشري الخلاق. وفي كلمة عنوانها رسالة المترجم، قال المترجم المصري محمد عناني إن الترجمة يلزمها أمران هما الفهم والبيان، مدللا على ذلك بترجمات لم تحقق انتشارا بسبب افتقادها أحد هذين العنصرين، مثل رباعيات الخيام التي ترجمها إلى العربية المصري محمد السباعي، في حين حظيت ترجمة أحمد رامي للرباعيات نفسها بشهرة واسعة. واستشهد عناني بقول عباس العقاد الفهم سبيلك إلى الوضوح، مضيفا أن المترجم ليس مجرد ناقل للنص، ولكن دوره لا يقل عن دور المؤلف نفسه. كما كرّم في الاحتفال رموز من المترجمين ومنهم المترجم المغربي عبد السلام بنعبد العالي، ومن المصريين اسم الراحل لمعي المطيعي وطلعت الشايب، إضافة إلى شوقي جلال (85 عاما) الذي ألقى كلمة أثارت الشجون باستعراضه لمصر الناهضة منذ بداية القرن التاسع عشر والتي شهد منذ الثلاثينيات جانبا من نهضتها، ولم يكن الجوار العربي آنذاك ناهضا أو مناهضا. وأضاف أن الترجمة في العالم العربي متدنية رغم جهود الإنقاذ، وأن هناك محاولات وصفها بأنها مجرد ستر للعورة تقوم بها مراكز في عدد من الدول العربية، ولكنها تفتقد الإستراتيجية والتنسيق في ما بينها. وقال إنه بعد أن قدم أكثر من 60 كتابا تأليفا وترجمة وعاش هذا العمر، يفتقد مصر التي في خاطري... لم تعد مجتمعا بل تجمعا سكنيا يحتاج إلى جهود كبيرة لاستعادة العقلانية وثقافة الفعل وقبول الاختلاف.