عبر ناشطون وحقوقيون فلسطينيون عن امتعاضهم من طريقة التعامل مع جثامين الشهداء التي يسلمها الاحتلال الإسرائيلي، مطالبين الجهات الرسمية بتحمل مسؤوليتها وتنفيذ قرار النيابة العامة بتشريح هذه الجثامين. وبعدضغوط شعبية، وسلسلة إجراءات قانونية، شرعت السلطات الإسرائيلية مؤخرا في تسليم متقطع لجثامين الشهداء الذين سقطواخلال المواجهات المستمرة منذ ثلاثة أشهربعد فترات احتجاز طويلة، واشترطت على بعض ذوي الشهداء دفنها فور تسلمها. وحسب بعض أهالي الشهداء، فإن جثامين الشهداء تسلم مجمدة في درجات برودة عالية، مما يتطلب وقتا طويلا لإذابتها ومن ثم تشريحها، وهو ما يدفع هذه الأسر إلى تفضيل دفنها على الانتظار. حملة وطنية ويقول منسق الحملة الوطنية لاسترداد جثامين الشهداء سالم خلة إن الاحتلال قرر تسليم الجثامين لقناعته بعدم جدوى احتجازها كوسيلةلردع ذويهم، حيث استمرت العمليات وخرجت مسيرات للمطالبة بتسليمها. والد الشهيدة دانياأرشيد: الضغوط الشعبية جعلت الاحتلال مضطرا لتسليم الجثامين (الجزيرة نت) ووفقخلة فإن عملية التسليم جاءت بعد الحملة التي قادها مركز القدس للمساعدة القانونية، الذي يخوض معركة قضائية لاسترداد جثامين الشهداء، وسبق أن حصل في 13 يوليو/تموز الماضي على تعهد من الجيش بتسليمها وعدم احتجاز أية جثامين في المستقبل. ولفت إلى أن الاحتلال تراجع عن قرار الحكومة في بدايات الهبة باحتجاز الجثامين لمعاقبة ذويهم، لكنه يفرج عنها تدريجيا وبشروط، بينها دفنها مباشرة، وبحضور عدد قليل من المشيعين، لإخفاء الجريمة وعدم إعطاءالأهالي فرصة لتشريح الجثامين. ورجح خلة تسليم ما تبقى من جثامين -وعددها 52- خلال الأيام القليلة القادمة، إضافة إلى 119 اعترف الاحتلال باحتجازها منذ عقود وتعهد بتسليمها. مسيرة ضخمة من جهته، أوضح والد الشهيدة دانيا أرشيد، بعد تسلمه جثمانها في وقت سابق، أن وقفة الجماهير ومشاركتهم الواسعة في مسيرة ضخمة لاسترداد الجثامينجعلت الاحتلال مضطرا لتسليمها. وأضاف أرشيد -الذي شارك اليوم الاثنين في فعالية لاسترداد جثامين الشهداء في الخليل- أن ذوي الشهداءيفضلون دفنهم على الانتظار يومين حتى ذوبان برودة الجثامين وعودتها إلى طبيعتها. شعوان جبارين: الجانب العاطفي يدفع الأهالي إلى التسريعبدفن الشهداء (الجزيرة نت) غير أن أرشيد أكد أنه يحتفظ بصور وتقارير طبية تظهر الإصابات بالرصاص التي أدت إلى استشهاد ابنته على حاجز عسكري قرب المسجد الإبراهيمي في الخليل، رغم أنها طفلة. بدوره،يشير مدير مؤسسة الحق الفلسطينية شعوان جبارين إلى قرار النيابة العامة -فضلا عن غطاء سياسي- بإجراء تشريح جثامين جميع الشهداء لغرض الاستفادة منها في المحكمة الجنائيةالدولية لاحقا، لكنه يشير إلى تفاوت في مواقف العائلات. دفن الدليل وأضاف أنالجانب العاطفي والإنساني يدفع بعض الأهالي إلى التسريعبدفن ذويهم، بينما يحاول الاحتلال من جهته التهرب من التشريح من خلال تسليم الجثامين في درجات حرارة متدنية جدا تحت الصفر، بهدف إعاقة إجراء التشريح في حينه. وأشار إلى وجود رأيين طبيين بهذا الشأن: أحدهمايرى إمكانية إجراء التشريح بعد ثلاث ساعات لكن ليس بدقة كاملة، وآخر يقول إن إجراء التشريح الدقيق الطبيعي بحاجة إلى إبقاء الجثامين ثلاثة أيام في ظروف عادية ليسهل تشريحها والتعامل معها. وأشار جبارين إلى استجابة الارتباط الفلسطيني لشروط الاحتلال بإجراء عمليات الدفن سريعا حتى تتواصل عملية تسليم الجثامين، وهو ما يعني عدم التنسيق مع النيابة العامة وعدم احترام قرارها بإجراء التشريح، مؤكدا أن الدفن بلا تشريح "دفن للدليل". وشدد على أن التشريح ليس عملية إجرائية فنية فقط، بل هو عملية إثبات وعملية قانونية بامتياز أيضا، مؤكدا أن عدم التشريح يعني ضياع الكثير من المعلومات والشواهد.