كلّ المؤشرات اجتماعياً تُرشحُ السعودية بأنّ تكون بلد (الأربعة ملايين عانس) في مطلع العام1441الهجري، ما يَعني أنّ ثمّة تكدّساً عنوسيّاً يُنذر هو الآخر بمشكلاتٍ قد تدفع بالمجتمع وبقوةٍ غير مسبوقةٍ نحو: مكارثيّة ستضرب مفاصل المؤسسات الحكومية/ والأهلية بأدواءٍ اقتصادية/ تنموية/ أخلاقية.. ولا تسأل حينذاك عن البيوت السعودية وقد قُضّت مضاجعها إذ لن تهنأ حينها بالنوم قريرة العين، بينما (البنات) قد ضاقت بهنّ الحجرات، حيث وجدنَ أنفسهنّ في قبضة العقد الرابع من أعمارهن وما زلنا بعْدُ يفترشن سريراً بالكاد يستوعب نفراً واحداً وبمخدةٍ واحدةٍ، لا يُمكنها أن تجلبَ نوماً ولا أن تطفئ لهباً! وليس يصحّ نسبة العنوسة إلى سببٍ واحدٍ فحسب، ذلك أنّها أسبابٌ كثيرةٌ وبالغة التعقيد، إذ تنتظمها ثقافة المجتمع وأمراضه المستعصية بفعل غياب الوعي وضمور العقل وهشاشة التدين على حساب صلابة: العادات الاجتماعية وهيمنتها على كلّ ما نأتي ونذر!.. ولقد اشتغلت بعضٌ من المؤسسات الأكاديمية/ والاجتماعية بتناول هذه الأسباب في دراساتٍ متباينة من حيث الجودة والاتقان ما يُعفيني ها هنا من الإعادة لها، وذلك أنّي أردتُ في هذه المقالة أن أكون نذيراً (عرياناً) للشؤم الذي أرى بوادره ظاهرةً رأي العين على ناصية تسريحةِ كلّ فتاةٍ قد شارفت على الثلاثين وكثيرٌ منهن قد تجاوزنها والفارس الأطخم الممتطى خيلاً أبيض لم يطرق الباب (يا يُمّة) قالتها فتاةُ لأمها التي استبطأت ملك الموت!! بأيّة حالٍ.. فإنّه ما من أحدٍ قد ألمّ بشيءٍ من فقه النكاح في الكتاب وصحيح السنة إلا وتيقّنَ بأنّ الأصلَ في التّعدد الإباحة لـ الرجل إلا إذا اعترى هذا الأصل ما يُغيّر حكمه من الإباحة إلى غيرها من التحريم أو الوجوب أو الاستحباب/ والندب أو الكراهة ولهذه الأحكام الخمسة تفصيلاتٌ ليس هذا موطنٌ لبسطها. وفي فقهنا تكون المراعاة حاضرةً لـ النسبية على النحو الذي يُفرّق فيه ما بين زوجٍ وآخر، وهي حالات منضبطة شرعاً على معرفة التفصيل في حكم التعدد السابق من حيث الأصل الإباحة بالمطلق ثم التقييد بالأحكام الخمسة من حيث تحريمه وكراهيته أو وجوبه واستحبابه. أما شأنُ العدل وعدم الاستطاعة عليه بوصفه شعاراً يتمّ رفعه في وجهِ كلّ من يبتغي التعدد من الرجال ترهيباً له وتوهيناً لعزيمته، فإنّه يبقى حجةً داحضةً ذلك أنّ الله تعالى حين قال: ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم إنما كان القصد يتوجّه لـ عدلٍ بالضرورة البشرية يتعذر على المرء امتلاكه في مسألتي: الحب و الجماع كما هو اتفاق المفسرين على أن المراد به في الآية هاهنا هو: ميل القلب والوطء. والشيء الجديد في مبحث التعدد هو القول: بأنّ التّعدد رحمة لـ الرجل ومن قال بهذا فلعله من قلّةٍ قد أدركوا مقاصد التّعدد على نحوٍ ظاهرٍ لمن تدبّر قوله تعالى: ووهبنا له أهله ومثلهم معهم رحمةً منّا وذكرى لأولي الألباب. إذ قال الله تعالى ذلك في حقّ نبيّه أيوب عليه السلام من بعد معافاته من الابتلاء على وجه الامتنان هبّةً/ وتفضلاً. إلى ذلك أستطيع القول: لئن كان التعدد رحمةً لـ الرجل في كلّ زمانٍ ومكانٍ فإنّه بالنسبة لـ المرأة اليوم هو (رحمةٌ) بها وهو سكنٌ لـ الوطن كله و مودةٌ لمجتمع المدينة والقرية على حدّ سواء.! وفي سبيل إشاعة ثقافة التعدد لا بدّ من حلحلة المفاهيم البائدة من تقاليد ما أنزل الله بها من سلطان وليس عليها من العقل الراشد برهان.. ولحلحلة هذه المفاهيم لابد لنا من بعض الوسائل التي لم تتسع لها مساحة اليوم لنتركها للغد.. وتكون بعض تلك المسائل طريقاً لحلحلة مفاهيم ثقافة التعدد. نقلا عن الشرق