قال مصرفيون ومتخصصون إن الصكوك الإسلامية ستمثل الملاذ الآمن والمفضل لعدد من الدول الخليجية لتغطية عجز موازناتها العام المقبل، خصوصاً في ظل انخفاض أسعار النفط وتأثير ذلك على إيرادات هذه الدول، وأن الفترة الصعبة قد تمتد لسنوات، وليست قصيرة. وأوضح الخبراء أن دول الخليج ستستفيد إلى جانب تغطية عجز الموازنة، في توظيف الأصول غير السائلة وتحويلها إلى أصول سائلة، وجذب الاستثمارات المهاجرة، وتوفير أداة استثمارية للمستثمرين الراغبين الاستثمار وفقاً للشريعة الإسلامية. كما أنها ستمثل خياراً جيداً لرؤوس الأموال التي يتوقع خروجها من القطاع العقاري بسبب التوجه لفرض ضرائب على الأراضي البيضاء، بعيداً عن الأسهم التي كانت تمثل الخيار الوحيد أمامهم. لكن الخبراء يطرحون أسئلة عدة تمثل تحدياً أمام دول الخليج خلال الأعوام المقبلة، وهل ستلجأ هذه الدول إلى إصدار الصكوك الإسلامية على نحو منتظم؟ وهل ستحقق هذه الصكوك فعلاً حاجات الصناعة المالية الإسلامية؟ مؤكدين أن إصدار الصكوك ليس للتمويل فقط. وقال مستشار المصرفية الإسلامية لاحم الناصر لـ«الحياة» على رغم أن العام 2015 شهد انخفاضاً في إصدار الصكوك الإسلامية على مستوى العالم، إلا أن التوقعات أن 2016 سيشهد انتعاشاً للإصدارات، ولاسيما إذا ما توجهت دول الخليج إلى تغطية عجز الموازنات من طريق إصدار الصكوك. وأضاف: «أعتقد أنه يجب على دول الخليج التوجه لهذا الخيار لتستطيع خدمة القطاع المالي والمستثمرين، والقدرة على اجتذاب الأموال من مختلف الدول الإسلامية وهي فرصة كبيرة، واستغربنا أن الطرح الأول لمؤسسة النقد العربي السعودي هو السندات، إذ كنا نتوقع أن يكون صكوكاً أو على الأقل جزءاً منها صكوك». وبحسب اللاحم، هنالك معلومات تفيد بأن العام 2016 سيشهد إصدارات للصكوك من الحكومة السعودية، ما سيؤدي إلى نمو كبير ويعطي زخماً لهذه الورقة المالية خصوصاً في الخليج. على حد تعبيره. وتابع: «أتوقع أن تلجأ الكويت إلى الصكوك أيضاً، والإمارات لديها هذا التوجه سابقاً خصوصاً حكومة دبي، ولا نعلم ما إذا كانت هناك خطة لدى سلطنة عمان في هذا الاتجاه أم لا، لكنها من أكثر الدول المتأثرة بانخفاض أسعار النفط». ويرى المستشار الناصر أن «أهم إيجابية لدى دول الخليج لإصدار الصكوك، توظيف الأصول غير السائلة وتحويلها إلى أصول سائلة، واستقطاب الأموال من الداخل والخارج وإعادة الأموال المهاجرة للاستثمار في الداخل، إلى جانب توفير عائد للبنوك المحلية ولاسيما الإسلامية، وجودة أصولها، ما يساعد في رفع درجات تقييمها ائتمانياً». التوجه نحو إصدار الصكوك سيوفر قناة استثمارية متوافقة مع الشريعة الإسلامية للراغبين بذلك - بحسب لاحم الناصر - إذ «في ظل توجه الحكومة السعودية لفرض ضرائب على الأراضي البيضاء وتوقعات بخروج رؤوس أموال كثيرة من هذا القطاع، وتوقع توجهها إلى سوق الأسهم بحكم أنها الأداة المالية المتاحة، فإن الصكوك ستكون أداة مناسبة لهذه الشريحة». وتوقع المستشار في المصرفية الإسلامية أن تنمو الصكوك 30 في المئة في 2016 إذا توافرت العوامل المذكورة وتوجهت دول الخليج إلى هذه الأداة المالية، وقال: «كان نمو الصكوك الإسلامية يلامس 38 في المئة سابقاً، وهو أسرع من نمو قطاع المصرفية الإسلامية نفسه المقدر بـ 20 في المئة، لكن اذا توافرت العوامل المذكورة بتوجه الخليج إلى إصدار صكوك نتوقع أن يصل نمو الصكوك في 2016 إلى 30 في المئة». إلى ذلك، أكد الخبير في المصرفية الإسلامية الدكتور سامي السويلم أنه من الطبيعي أن تلجأ دول الخليج إلى إصدار الصكوك لتمويل أي عجز في موازناتها، لكنه طرح أسئلة عدة تحتاج إلى إجابات بحسب تعبيره. وقال: «هل توجد آلية لإصدار الصكوك على نحو منتظم؟ لأنه من الواضح أن الفترة المقبلة قد تمتد لسنوات وليست قصيرة، السؤال الثاني: هل يمكن أن تحقق هذه الصكوك فعلاً حاجات الصناعة المالية الإسلامية من حيث إدارة السيولة، وتطلعات المستثمرين لتنويع الاستثمارات، وتنمية المدخرات؟ هذا هو التحدي الآن». ولفت السويلم إلى أن إصدار الصكوك ليس فقط لتمويل العجز، فالحكومات عادة لا تصدر أوراقاً مالية فقط لتمويل العجز، وإنما أيضاً لإدارة السيولة في الاقتصاد وإتاحة فرصة للمدخرين والمستثمرين سواء لتنويع المدخرات أم إدارة سيولتهم، وقد تكون الحكومة لديها موارد وتريد امتصاص السيولة من الاقتصاد، أو إعطاء المستثمرين خيارات لإدارة مدخراتهم. ويعتقد الدكتور السويلم أن انتعاش الصكوك في العام 2016 أمراً وارداً بلا شك، وقد لا يظهر بشكل واضح في 2016 لأن دول الخليج لاتزال لديها احتياطات كافية، لكن بالتأكيد نهاية 2016 أو بداية 2017 سيتأكد هذا بشكل أوضح.