لا ينتمي فيلم رووم إلى الأفلام سهلة المشاهدة، وبرغم خلوه من لقطات العنف والدم إلا أنه لا يمكن أن يقال عنه أنه غير مزعج ، وقد يحفز الشخص للخروج من منتصفه بسبب أجوائه الكئيبة، خصوصا للذين يعانون الكلوسترفوبيا (الخوف من الأماكن المغلقة). وقد لا يكون أكثر فيلم ممتع من الناحية الترفيهية. ولكنه بالتأكيد من أكثر أفلام العام إبهاراً من ناحية القصة والسرد والأداء. يميزه الأداء الجميل من نجمة صاعدة، وأداء آخر سيرسخ بالأذهان من ممثلة مساعدة عريقة وأداء باهر من ممثل طفل لم نر مثله منذ أداء هايلي جويل أوسمنت في فيلم الحاسة السادسة (1999). وصف من الصعب جداً وصف قصة الفيلم دون إفشاء بعض تفاصيله والتي من الأفضل أن يعايشها المشاهد. لكن بحكم المهنة سنضطر لسرد القليل فقط دون كشف أي مفاجآت. الفيلم يبدأ من غرفة صغيرة مؤثثة ببساطة تعيش فيها أم (بري لارسون) مع طفلها جاك (جيكوب تريمبلاي) البالغ من العمر 5 أعوام. نرى أماً تربي طفلها في تلك الغرفة ونتعرف على أسلوب حياتهما من خلال حواراتهما وعاداتهما. نفهم أن الأم ذكية وواسعة الحيلة وأن الطفل يرغب بشدة في معرفة ما يحدث بالعالم الخارجي لدرجة أنه يظن أن الناس الذين يشاهدهم على التلفاز خيال لا وجود لهم والسبب أنه لم ير أحداً في حياته سوى والدته وزائر (شون بريجز) يأتيهم ليلاً ليزودهم بما يحتاجونه. تساؤلات تبدأ الأسئلة بالقفز إلى ذهن المشاهد: لماذا لا يخرجان من الغرفة؟ لماذا يمتلكان تلفزيونا قديما جدا؟ لماذا ينظران إلى الفتحة الموجودة بالسقف ويتمنيان الخروج منها؟ لماذا عندما يسأل الطفل أمه عن الموجود خارج الغرفة تجيب الأم أنه العالم الخارجي، فيسأل الطفل: الفضاء الخارجي؟ الأسئلة تلمح بشدة للواقع الأليم للقصة المفجعة فندرك أن الأم وطفلها محتجزان في تلك الغرفة خصوصا بعد دخول زائر الليل ومنع الأم له من لمس طفلها. من هو الزائر وما قصته؟ الفيلم يكشف التفاصيل شيئا فشيئا بصورة جميلة. رووم مقتبس من رواية بنفس الاسم للمؤلفة الأيرلندية المقيمة في كندا دونا هيو والتي يجمع الكثيرون حول العالم أن روايتها أفضل من الفيلم رغم أن المؤلفة هي نفسها كاتبة السيناريو. الفيلم مؤلف من جزأين: الأول بأكمله في الغرفة والثاني عندما تعد الأم خطة الهروب ليخرج الطفل وتبدأ بعدها رحلة الاثنين معا للتأقلم مع العالم الخارجي الجديد خصوصا أن فترة الاحتجاز كانت لسنوات. الفيلم يروى من وجهة نظر الطفل وكيفية فهمه للفظائع التي يراها أمامه وهو ما قالت المؤلفة أنه مقتبس من أحداث حقيقية ما أكثرها في العالم الغربي خصوصا الولايات المتحدة الأميركية. أداء جميل نلاحظ التركيز على الأم أكثر من الطفل في الساعة الأولى من الفيلم لأنها هي أداته التي ستخرج الطفل ثم يأتي مشهد الخروج وسنتركه لكم دون ذكر أي تفاصيل عنه، وسننتقل مباشرة لمشهد وصول الطفل إلى عائلة أمه، حيث نرى فيه أداء جميلا من جوان آلين في دور جدة الطفل وأداء جيدا لكن المشاهد غير كافية لممثل قوي بحجم ويليام ميسي. بعد خروج الأم نعلم أن اسمها جوي ونفهم أكثر قصتها وسنكتفي بالقول إن بعض ثغرات الفيلم بانت في هذا الجزء. فترة احتجاز كالتي شاهدناها في الفيلم استمرت سنوات وهي فترة ليست هينة وتكرس لها أجهزة الشرطة فرق تحقيق وبحث كما نشاهد في نشرات الأخبار، لكن في الفيلم لا نرى أي شيء عن جهود الشرطة في البحث عن أم مختفية وطفلها. قد يقول البعض إن الفيلم يروى من وجهة نظر الطفل والدليل هو صوته وتهميش مخرج الفيلم ليني أبرامسون والدته لصالحه في الجزء الثاني منه لذلك لا داعي لذكر أي شيء عن جهود الشرطة، ولكننا نقول إن غياب الشرطة انتقص من واقعية الفيلم فكلنا كأطفال نتذكر جيدا الفظائع التي حدثت لنا أو لغيرنا القريبين منا ولا يمكن لطفل صاحب تجربة أن ينسى هذا التفصيل تحديدا. الفيلم يضع نهاية سعيدة جاءت غير متوازنة مع أجوائه الكئيبة ودون وضع حلول أو على الأقل ذكر حجم معاناة المجتمعات الغربية من هذه المشكلة خصوصا عند وقوع أطفال ضحايا لها. ختاما، هذا الفيلم جميل ويستحق المشاهدة.