قام بالنقد لما يزيد عن 52 عملا روائيا، صدر له عدة كتب في النقد وأثره وأدواته، وقدم العديد من ورش العمل في الرواية والقصة القصيرة.. شارك في ندوات ومؤتمرات دولية لإثراء أدواته النقدية ويعمل أستاذا للأدب الحديث في كلية العلوم والآداب بجامعة الباحة بالمملكة العربية السعودية.. الجسر الثقافي التقى بالأكاديمي الدكتور حمدان عبدالله الحارثي أثناء وجوده في مؤتمر بمكتبة الاسكندرية وكان هذا الحوار: ا لتقنيات الروائية هل لنا أن نبدأ حوارنا بسؤال عن التطور الذي حدث في التقنيات الروائية على مستوى العالم وأنت الناقد للعديد من الروايات المحلية والعربية؟ خلال العقود الأخيرة حدث تطوير كبير في التقنيات الروائية في كل أنحاء العالم، فلم تعد الرواية هي ذلك العالم الإبداعي القائم على حدث صاعد يقوم على الحكي أو المضمون، وإنما صرنا نفاجأ بتقنيات جديدة معقدة لأنها في الأساس متداخلة، وفيها نوع من عدم الترتيب، أو العودة إلى الماضي، أو تداخل الشخصيات، وغير ذلك من فنون وتقنيات. الرواية السعودية كيف يمكن لنا أن نحدد موقع الرواية السعودية عربيا؟ -مما هو واضح ان الرواية صارت النوع الأدبي الأكثر حضورًا وتأثيرًا في المشهد الإبداعي العربي بوجه عام، والسعودي بوجه خاص، لما تمتلكه من أدوات تجريبية وإمكانات تقنية عالية في رصد المجتمع ومتغيرات الواقع المعيش بما يشهده من أحداث وقضايا مختلفة ومتنوعة، وهي لذلك تعدُّ الفن الأوسع انتشارًا بين الفنون الكتابية والأجناس الأدبية لدى شباب الكتَّاب في المملكة والعالم العربي، وكذلك كبارهم ممن لهم قدمٌ راسخة في هذا الميدان الإبداعي الكبير.. الرواية السعودية حاضرة منذ وقت طويل على المستوى العربي بشكل كبير، ولكن كانت حاضرة على استحياء باسثناء بعض الاصوات منها: رجاء عالم وعبده خال ويوسف المحيميد، ولكن يمكن القول ان الرواية السعودية حققت نجاحا واضحا وهناك روايات انتشرت في العالم العربي.. والان هناك نشاط سردي هائل، والأعمال التي قدمت اصبحت ذاكرة الرواية السعودية، الروائي يحتاج إلي تراكم التجارب من أجل تقديم عمل مميز للشكل الروائي العديد من العناصر التي يبني علىها، والتقنيات التي يستند إليها الروائي، ويقوم بها في توصيله لمحمولاته وفنيته بما يكسبه خصيصته النوعية والتجنيسية الفارقة والمميزة، ويظل قابلاً لتوليد التقنيات وتجديدها بما يمنحه الديمومة والمرونة والتجاوز، ويظل الروائي بدوره في كلِّ عمل يبحث عن روح مختلفة يبثها في نصِّه تضمنُ له كينونة متفردة ووجودًا متجددًا، وهذه هي طبيعة كلِّ فنٍّ حيٍّ في أنه لا يتوقف عن التطور والسعي إلى البحث عن المختلف والمفارق والمدهش. مستقبل الرواية كيف ترى مستقبل الرواية المطبوعة والكتاب الورقي بوجه عام؟ -اختلفت آراء النقاد والكتاب حول مستقبل الرواية المطبوعة والكتاب الورقي، فلكل منهما مزايا وعيوب، النشر الإلكتروني للرواية من عيوبه أنه أثر على المستوى الفني للرواية بوجه عام واللغوي بوجه خاص، فضلاً عن أثره في اكتشاف مواهب جديدة ومبدعين جدد لم تكن الظروف تسمح بظهورهم لولا وجود تلك الوسائط الحديثة.. فهو سلاح ذو حدين ولكن من الصعب أن نجزم حاليًا بالنتيجة المستقبلية للصراع القائم بين الرواية الورقية والرواية الإلكترونية، والزمن وحده هو الكفيل بحسم تلك النتيجة. الحركة الثقافية مادور الملتقيات ومدى تأثير انعكاسها على الناقد والمبدع؟ -تدل على تقدم الحركة الثقافية وتزيد من اثراء الناقد وادواته النقدية وتجاربه والتقاء بالافكار الاخرى، الملتقيات تجمع نقادا كبارا وأساتذة مختلفين ومتنوعين.. نحن ننتظرها لدعم التجربة الشخصية والتعرف على افكار متنوعة تعطي الناقد أفقا مختلفا، ونحن ننتظرها باستمرار لدعم تجاربنا الشخصية والتجربة بالمملكة بها أفكار غنية. أدبي الباحة وأنت تقوم بتدريس الأدب الحديث في جامعة الباحة السعودية.. هل يمكن أن تلقي الضوء على الأدب السعودي الحديث؟ -أقوم بتدريس الادب الحديث بشكل عام والادب السعودي بشكل خاص بجامعة الباحة واركز على الرواية السعودية والسرد،الجيل الان من المبدعين يقرأ في اداب العالم وهناك اصوات على المستوى السردي والشعري ساهمت في تقديم الأدب الحديث.. والاندية الادبية تحتفي بالمبدعين، وتفتح المجالات في الملتقيات العربية مما يكسب التجربة السعودية عمقا أكبر، وقد قدمت دراسات في السرد السعودي والشعر السعودي.. التجربة السعودية في السرد رائدة وتخطو خطوات جيدة وتحتاج دعما نقديا ومزيدا من العناية والاطلاع وأنا متفائل جدا بتقدم هذا الأدب.. وفي الباحة التي اعمل بها قام النادي الادبي بالتعاون مع جامعة الباحة باقامة عدد من ورش تدريب للهواة في السرد والشعر، وكانوا حريصين على مشاركة الطلاب والطالبات في الامسيات الشعرية والندوات، كما يساهم النادي بطباعة ابداعات الطلاب المتميزين. الصوت النسائي وماذا عن الصوت النسائي السعودي في الساحة الأدبية؟ الصوت النسائي حاضر بقوة، وأكثر جيل الروايات الشبابية من النساء، والصوت النسائي ناجح بقوة وحصلت رجاء عالم على جائزة البوكر عن (طوق الحمام) وهي صوت رائع، ولها مجموعات قصصية متميزة.. ولها الفضل في توثيق البيئة المكية والحجازية في رواياتها وترجمت بعض أعمالها الي عدة لغات أجنبية، وان كان هناك اصوات شابة جديدة تحتاج الى الدعم لاكتمال شخصيتها الادبية. إبداع المرأة هل هناك قيود على إبداع المرأة السعودية تسبب في تأخر ظهورها على الساحة الإبداعية؟ -المبدع الحقيقي عليه تجاوز القيود، وجوهر الابداع هو الحرية.. اذا لم يكن مبدعا لا يستطيع أن يحلق.. المرأة الآن تستطيع ان تكتب الرواية بدون مشكلة ولكن من ناحية المحتوى ثمة من تقوم بالتركيز على بعض الجوانب لجذب الانتباه، والساحة مليئة بالأسماء التي تقدم موضوعات تخدم قضايا المجتمع. المرأة السعودية أصبحت تطرح موضوعاتها بدون قيود ودوري كناقد يجعلني أطلب من الصوت النسائي تقديم ابداعاتهن بدون التصادم مع المجتمع في عاداته وتقاليده.. نحن ننتظر الكثير من الروائيات السعوديات، ودورنا ترشيد التجربة الروائية والابداعية من خلال القراءات الواعية والعميقة نستطيع تقديم النماذج الجيدة. الأندية الأدبية هل لعبت الأندية الأدبية دورا في تكوين الجيل الجديد من الأدباء؟ -بالتأكيد فالأندية دورها احتضان المبدعين والتعرف على المواهب والأفكار الجديدة والاحتكاك مع كبار الأدباء لاكتساب الخبرة والمساهمة في طباعة الأعمال الأدبية للمبدعين والجامعات ايضا تسهم وقد ساهمت جامعة الباحة في إقامة عدة ورش للطلاب والطالبات عن طريق الدائرة التليفزيونية عن السرد - القصة القصيرة- والقصيرة جدا، وكان فيها مشاركات أدبية جيدة عقب الانتهاء من الورش. القصة القصيرة جدا مازالت القصة القصيرة جدا تواجه نقدا لاذعا من بعض النقاد؟ -كناقد تعجبني القصة القصيرة جدا وأرى أنها تواكب العصر الإلكتروني الذي نعيشه، وهي أقرب من قصائد النثر ولكن لها الياتها وتحتاج إلى حرفية شديدة. التواصل الاجتماعي ما أثر وسائل التواصل الاجتماعي على الإبداع الأدبي؟ -وسائل التواصل الحديثة إيجابية في العالم العربي لانها فتحت الباب أمام المواهب وأتاحت انتشارا واسعا بعيدا عن الرقابة الفنية للناشر، كما أن المبدع يحصل على رد فعل القراء مباشرة ويتفاعل معهم ولا أنكر أن وسائل التواصل الاجتماعي ساهمت في ظهور بعض الاصوات غير الجيدة وتسببت في الاستسهال للابداع ولكن لن يستمر إلا المبدع الجيد. ومن أهم المواقع الحديثة تلك المتخصصة بالكتابة الأدبية والفنية، والتي لا تسمح لغير الكتابة المنضبطة بالولوج إلى هذه المواقع، ووسائل الاتصال الحديثة ليست ناشرًا نهائيًا، ولكنها تعتبر بمثابة ورش أدبية لتدريب الكتَّاب على أشكال الكتابة المختلفة، ومنها الفيس بوك، والذي يساعد على لفت النظر لبعض الكُتَّاب، وتسهيل النشر لهم فيما بعد بدور النشر. ونرى كثيرًا من الروايات التي نشرت على هيئة مسلسل عبر الإنترنت ويتابعها القراء والنقاد أيضًا وتثير كثيرًا من التفاعل والتواصل، والشبكة العنكبوتية قدمت لبعض المترجمات للعديد من النصوص الروائية بمختلف اللغات، وكان لها دور هام بالتعرف على كثير من الروايات العالمية الهامة.