فوز دولة الإمارات العربية المتحدة بأمانة الاتحاد العام للأدباء والكتّاب العرب هو تتويج موضوعي لجهودها الموصولة في العمل الثقافي المنظم الموائم بين التراث والحداثة، وبين الأصالة والعصر والمعاصرة، وبين الجذور والمرجعيات الثقافية العربية، وبين التأصيل العملي المسؤول والجاد للمفهوم المتجدد للثقافة، وهذه الطريق هي الطريق ذاتها التي أوصلت الإمارات إلى هذا الفوز الذي استحقته عن جدارة ، الأمر الذي يدل على أن الإمارات بيئة حاضنة بكل معنى الكلمة للكتّاب والمثقفين العرب، والإمارات بيئة استقرار اجتماعي وسياسي واقتصادي وثقافي، والإمارات استقبلت على مدى أكثر من أربعة عقود مئات الكتّاب العرب، ومثلهم من الفنانين التشكيليين والمسرحيين، والنقاد، ورجال الفكر والأدب والفنون. فوز الإمارات بأمانة الاتحاد العام للأدباء والكتّاب العرب يزيد من وتيرة العمل الثقافي في الإمارات، فالاتحاد العام سيكون له مقر وإدارة وفعاليات وإعلام، وبكلمة ثانية سنكون في الوقت المقبل في حالة تفاعل ثقافي ولكن هذه المرة بمستوى عربي يليق بالدور الإيجابي الذي تقوم به الإمارات، وتقوم به ثقافياً في المستقبل. هذه البيئة الثقافية الإماراتية ستمهّد أيضاً لفعاليات وأنشطة منتظرة لها عمق عربي، ولها عمق عالمي أيضاً، وعندما تقول إن الإمارات مكان استقطاب ثقافي بامتياز فهو بفضل هذه البيئة التي سهرت عليها مؤسسات الدولة، وعززتها بالثقة والإيجابية والنجاح. نأتي الآن إلى الفائز بمنصب الأمين العام للاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب الشاعر الإماراتي والصحفي والكاتب والإداري الناجح حبيب الصايغ، ونقول مباشرةً، بعد تهنئته والتبريك له بهذه الثقة العربية التي منحتها له رموز الثقافة العربية.. نقول إن مهمات جذرية وكبيرة وفي ذروة الأهمية تنتظره خصوصاً في هذه المرحلة التي تكشف يومياً عن أن المثقف يفترض به أن يكون ضمير الأمة ودليلها إلى المستقبل. مهمات كبيرة تنتظر حبيب الصايغ على صعيد عمل الاتحاد العام للأدباء والكتّاب العرب الذي شهد في السنوات الأخيرة نوعاً من الركود في أدائه المتصل بشكل خاص به كمؤسسة ثقافية قبل أن يكون كياناً إدارياً فنياً ذا صبغة نقابية، فالمهم هنا، أو المنتظر من حبيب الصايغ أن ينقل الاتحاد إلى صيغ عمل مهنية بالكامل وذلك على الصعد التالية: تعزيز النشر والترجمة، والسعي لجعل حقوق الكاتب العربي موضع التنفيذ، وحماية الكتاب والأدباء العرب، ومساعدة الكثير من الكتّاب الذين يعانون أوضاعاً صعبة جرّاء ظروف بلدانهم السياسية بشكل خاص. من المنتظر، وهذا مؤكد، من الاتحاد العام للأدباء والكتّاب العرب أن يكوّن جبهة ثقافية عربية موحّدة مهمتها الأساسية التصدي لثقافة العنف والإرهاب والتكفير، وأرى على نحو شخصي أن هذه المهمة تحتاج إلى أن يكوّن الاتحاد لجنة متخصصة بين لجانه العاملة لمتابعة ثقافة التصدي للممارسات السياسية الإرهابية التي تقوم بها جماعات وأحزاب وأفراد يغرّدون، كما يقال خارج سرب الإجماع العربي على ثقافة التسامح والتنوير. من المنتظر من الاتحاد أن يفعّل دورياته الثقافية من مجلات ثقافية متخصصة على وجه التخصيص، ويستقطب إليها الكتّاب العرب بروح ثقافية عربية وحدوية. الكثير من الملفات على طاولة حبيب الصايغ وهو في حجم العمل وفي حجم التحدي، ويمتلك قدرة لافتة على الإدارة بشكل دقيق وشفاف، ويمتلك، وهذا هو المهم قدرة على الصبر، وإن كان من كلمة حق فإن حبيب الصايغ ينطوي على قلب كبير محب للثقافة والشعر والأدب، وبكلمة ثانية، فالرجل الآن أمين عام الاتحاد العام للأدباء والكتّاب العرب، ولكن هذا الأمين هو أمين أيضاً على الشعر بشكل خاص، وعاشق كبير لجماليات اللغة وسحر الأدب، ومن هنا علينا أن نقول كلمة في حبيب الشاعر، وهو الذي يعوّل عليه اليوم في تمكين الشعر العربي والشعراء العرب من الكتابة الجمالية الجديدة، وتكريمها، وحمايتها بمؤسسة كبيرة مثل الاتحاد العام للأدباء والكتّاب العرب. كتب حبيب الصايغ قصيدة العمود الخليلي وأجاد بها، وكتب شعر التفعيلة وأجاد به، وكتب قصيدة النثر وأجاد بها. شعر حبيب الصايغ يتخلص من تلقاء نفسه مما يسمى الزوائد الإنشائية، وقصيدته محكومة دائماً لقيم الجمال والإنسانية والحب والسلام، ما يكشف عن شاعر إنساني يتفاعل مع قضايا وطنه الإمارات ووطنه العربي بروح إبداعية خلاّقة. حبيب الصايغ لم يفز بأمانة الاتحاد بالأصوات فقط، بل فاز بصوت آخر يعادل الأصوات كلها هو صوت الشعر، وللأمانة نقول إنه قد يكون آخر الشعراء العرب الذي يكتب بهذه الغزارة سواءً في الشعر أو في الصحافة أو في التحليل السياسي أو في كتابة النثر. لهذا كله، ولأعماق هذا الرجل الذي سهر على اتحاد كتّاب وأدباء الإمارات، وها هو اليوم في مسؤولية ثقافية عربية.. وجب أن يذهب الحق الأدبي والثقافي إلى صاحبه ومستحقة في مناخ ثقافي إماراتي من مكوّناته الأساسية التعددية، وروح الانفتاح، ومخاطبة العصر، والتطلع بأمل وتفاؤل نحو المستقبل.