يمتلك العنصر النسائي في جمارك دبي صفات استثنائية، تتمثل في براعة التعامل مع لغة الجسد والتركيز وقوة الملاحظة والتدقيق، وهو الأمر الذي جعل العنصر النسائي ركناً أساسياً في التفتيش الجمركي في دبي، وحرصت البيان على الوجود في صالة القادمين إلى الدولة والاطلاع عن قرب على طبيعة عمل العنصر النسائي ونسبة الضبطيات التي استطعن تحقيقها عن قرب، وكان أكبر دليل على براعة المفتشات، ورصدناه خلال جولة الصحيفة، تمكنهن من ضبط شخص أوروبي حاول تهريب بلاتين وبلاديوم وسبائك ذهب إلى الدولة دون الإفصاح عنها، وتمت معاينة عملية التفتيش والضبط وكل الإجراءات القانونية المعمول بها في مثل هذه الحالات. وأكد لنا فلاح السماك، مدير إدارة عمليات المسافرين في مبنى المطار 2، أن كل الموظفين سواسية وذوو كفاءة عالية، إلا أن العنصر النسائي يمتلك صفات ترتبط بطبيعة المرأة مثل قوة الملاحظة والتدقيق، وهو الأمر الذي جعل العنصر النسائي أحد أركان التفتيش الجمركي في دبي، مشيراً إلى أن جلسات العصف الذهني التي تقيمها الدائرة باستمرار تعمل على تجديد طبيعة العمل والتركيز على تحقيق أعلى معدلات رضا وسعادة المسافرين، وإنهاء إجراءاتهم بسرعة كبيرة دون الإخلال بالإجراءات القانونية. وأشار السماك إلى أن الابتكار والإبداع أصبحا أهم سمات المرحلة الحالية والمقبلة، وأن المفتشين جزء من هذه المنظومة، ويتم تدريبهم وتأهيلهم على العمل الابتكاري في تخصصاتهم، منوهاً بأنه يتم باستمرار تدوير الموظفين للاستفادة من قدراتهم، إضافة إلى إلحاقهم بالدورات التدريبية والمهنية التي تتعلق بمجال العمل، والتي تتوافق مع الأحدث والأهم عالمياً. مقومات طبيعية وأجمعت مفتشات جمارك دبي اللاتي التقينا بهن أن المرأة تمتلك مقومات طبيعية، خاصة فيما يتعلق بكشف الكذب أو إخفاء مواد ممنوعة في مناطق معينة في الجسم، ولهن قدرة على كشف المهربات عبر تحليل لغة الجسد والتركيز في بعض التصرفات أو ردود الفعل، مؤكدات أن المنافسة الإيجابية على أشدها بين الجنسين التي تصب نهاية في مصلحة الوطن والمواطن عبر ضبط الممنوعات بكل أنواعها، ومشيرات إلى صعوبات تواجههن خلال عملهن، ولكنهن يتغلبن عليها بالتدريب المستمر. وأوضحت سلمى الخروصي، ضابط تفتيش أول بجمارك دبي، وتعمل منذ عام 2005، وحاصلة على ليسانس دراسات إسلامية وعربية، أنها قد اختارت الانخراط في العمل الجمركي، وخاصة التفتيش، وأن سنين عملها أكسبتها خبرة تراكمية جيدة أهلتها لكشف التزييف والتزوير والتهريب، مسجلةً ضبطيات عديدة ومتنوعة على مدى سنوات. وقالت الخروصي: نعتمد في عملنا على قراءة لغة الجسد والتفتيش الدقيق عبر الأجهزة وعبر تحليل التصرفات والاشتباه، ومن خلال خبرتي أؤكد أن النساء أكثر قدرة على الإخفاء من الرجال - خاصة المخدرات - ويستغللن بعض الأماكن الحساسة ظناً منهن أنهن سيفلتن، وتبرع بعض الجنسيات في ابتلاع المخدرات، ويتم كشفهن عن طريق المشي. وأشارت سلمى الخروصي إلى أشهر الضبطيات التي شاركت زملاء العمل في إنجازها المتمثلة في إخفاء مخدرات داخل الخبز والمكسرات، وضبط كيلوغرامين من بودرة الألماس الخام التي ادعى مهربها أنها بودرة عادية، كذلك ضبط كميات من الأفيون ومخدرات في مساحيق التجميل، وجميعها كانت عن طريق الاشتباه وقراءة لغة الجسد. تجديد وتغيير ومن جهتها، لفتت هدى إبراهيم، مفتشة تعمل منذ عامين وحاصلة على ثانوية عامة، أن العمل في الجمارك جذبها بسبب ما يحتويه من تجديد وتغيير على خلاف العمل المكتبي والروتين اليومي، وأنها حصلت على 8 دورات منذ تقدمها للعمل والالتحاق بجمارك دبي، وأن الابتسامة مفتاح يومي لاستقبال القادمين إلى الدولة. وأفادت أن أهم الضبطيات التي سجلتها ضبط 900 حبة ترامادول مخفية في قاع حقيبة لإحدى المسافرين من الجنسية العربية، كما ضبطت سلاحاً مفككاً إلى أجزاء صغيرة موزعة في أكثر من مكان داخل الحقيبة، منوهةً بأنها أثناء عملية التفتيش تحاول امتصاص غضب المسافر واستشفاف ما يخفيه عبر مجموعة من الأسئلة البسيطة دون استفزازه بسبب التفتيش، خاصة أن أغلب المسافرين يبدي انزعاجاً كبيراً من التفتيش الدقيق. قانون الإمارات ومن جانبها، قالت مي محمد عبيد التي تعمل مفتشة في جمارك دبي منذ عام 2009، إن بعض البضائع المقيدة في الدولة مسموح بها في دول أخرى، وهو الأمر الذي يحتاج من كل الجنسيات إلى الاطلاع على قانون دولة الإمارات قبل القدوم إلى الدولة، لافتةً إلى أنها تحرص على إثبات قدراتها في العمل، والاطلاع المستمر على أحدث وسائل الإخفاء، إضافة إلى قراءة لغة الجسد. ولفتت مي إلى أن أهم الضبطيات التي كشفت عنها، بالتعاون مع فريق العمل، تعلقت بعقاقير وهرمونات غير مرخصة تستخدم في بناء الجسم. النقود في الحذاء وبدورها، لفتت صفاء أحمد، مفتش أول، وتعمل في جمارك دبي منذ عام 2009، أن إحدى الضبطيات التي كشفتها كانت عبارة عن حبوب مخدرة يخفيها رجل آسيوي في معدات الحلاقة الخاصة به، كذلك تم ضبط مبلغ مالي تم إخفاؤه في حذاء داخل حقيبة أحد المسافرين، مشيرةً إلى أن بعض المسافرين يكون مرهقاً من السفر، وهو الأمر الذي تترتب عليه تصرفات غير مناسبة تجاه المفتش إذا طلب التدقيق على أغراضه، وبعضهم يتطاول على الموظفين، ما يستدعي منهم ضبط النفس والتعامل مع كل الحالات وتقليل حدة الموقف. وقالت صفاء إنها تعلمت الكثير عبر عملها في هذا المجال، مثل أهمية مراقبة الأبناء وتوعيتهم بخطورة الحبوب المخدرة التي انتشرت أخيراً، والتي تضبط منها الآلاف يومياً عبر المهربين، وأنه يجب أن يحمل الشخص الذي يحتاج إلى تناول الترامادول إلى وصفة طبية معتمدة. وأشارت إلى أن إحدى المسافرات التي كانت قادمة من دولة أفريقية ادعت الإغماء للتهرب من التفتيش، إلا أن الأمر لا ينجح في ظل تحليل شخصيتها وقراءة الموقف، كما قامت مسافرة أخرى مخمورة بالجري في المطار وتمت السيطرة عليها. ونوهت ليلى حارب التي التحقت بالعمل في الجمارك عام 94 وتعمل ضابط تفتيش أول أنها انتقلت من الأعمال المكتبية إلى التفتيش، وأن هذه النقلة غيرت الكثير في حياتها، والخبرة التي اكتسبتها من الميدان تقدر بالسنوات، ومن أهمها قراءة لغة الجسد بطريقة صحيحة، خاصة أن أغلب المسافرين تظهر عليهم علامات الارتباك والتوتر نتيجة السفر، ولا يعنى أنه يخفي شيئاً.