×
محافظة المنطقة الشرقية

8 آلاف قطعة شتوية للاجئين السوريين في عجلون

صورة الخبر

في الحياة عامة يقولون إن من يعنى بالتفاصيل إنسان يعاني الفراغ ويُشعر من حوله بالملل، ولذلك يتهم الرجال شقائقهم النساء باستنزاف كثير من أوقاتهن في ملاحقة التفاصيل، في الفن من يعنى بالتفاصيل مبدع خلاق، أما في أوساط رجال الأعمال والمال فالمهتم بالتفاصيل رجل ناجح. ويُحكى عن الراحل ستيف جوبز أنه اتصل بأحد مهندسي شركته في الليلة الأولى من يناير 2008 (يوم عطلة رسمية)، ليقول له: لون حرف (O) في شعار جوجل في التطبيق لا يطابق تدرج اللون ذاته في التطبيق الأصلي. أتخيل المهندس لحظتها يتمتم بحنق: لماذا لا تستمتع بعطلة الأعياد يا ريس؟ ..وفيما تقول بعض المدارس الإدارية إن الرئيس الشغوف بالتفاصيل قائد مركزي ممل، ترى أخرى أنه مدير منظم دقيق يرصد كل شيء ولديه القدرة الآنية على اتخاذ القرارات الصائبة. كرة القدم، خليط مجنون بين الإدارة المنهجية المنظمة وضربة الحظ، والخط الفاصل بينهما هو الاهتمام بالتفاصيل الصغيرة، وكم من مباراة تنافسية حسمت بتفاصيل صغيرة تصدرت المشهد، رغم حجمها الضئيل. في الديربيات تحديدا تكون للتفاصيل الصغيرة الكلمة الأقوى بسبب ضآلة الفرص المتاحة، ومشهد صغير يفقد فيه الفريق التركيز يتحول صاحبه إلى بطل تصاغ فيه القصائد. نصر كانافارو الحالي، فريق مليء بالثغرات التي خلّفها إهمال التفاصيل، وانعكست بالتالي على مظهر حامل اللقب، فبدا مترنحا، لا يقف إلا ويعود للسقوط. والحال نفسه، حدث لهلال دونيس خسر مباراتين في الدوري المحلي وأخرى في دوري الأبطال لم تكن مستحقة لولا أنه أهمل قراءة تفاصيل دقيقة صغيرة. الهلال الذي يقف في الصدارة مشاركة مع الأهلي أجدر وأقدر على حسم ديربي العاصمة اليوم، من قطبها الآخر، هكذا تقول القراءة النظرية قبل لقائهما على المعشب اليوم، لكن ماذا عن التفاصيل الصغيرة، هل تتدخل؟ التفاصيل الصغيرة، كالشرر، مدافع يسرح وتمتد قدمه لمنافسه فيطرد ويتكبد فريقه جزائية، تمريرة خاطئة في المناطق المحرمة ترتد من الشباك قبل أن يرتد الجفن لشقيقه، حكم يغفل عن آخر مدافع فيتسلل مهاجم ويسرق فوزا غير شرعي، رأس تمتد بين غابات السيقان والرقاب وتلدغ في آخر ثانية، إنها تفاصيل صغيرة للغاية من شأنها أن تقوض عملا منهجيا كاملا. الجمهور بدوره، لا يهتم بالتفاصيل، لا يلقي لها بالا، على سبيل المثال، النصر الحالي لم يلعب بكامل قوته المتوافرة منذ مباراة الفريق أمام لخويا القطري في مارس من العام الجاري المتبقي على وداعه أيام معدودة، تخيل عزيزي القارئ منذ ثمانية أشهر لم يلعب الفريق بخط وسط ثابت أربع مباريات متتالية، ومع ذلك لا يهتم الجمهور بهذه التفاصيل ويحاكم الإيطالي الأنيق: لماذا تلعب بثلاثة مهاجمين بلا صانع ألعاب؟، ولا يسأل من أين يأتي بصانع ألعاب؟!! كلهم في العيادة أو طور العودة المتدرجة، وأين هم المهاجمون الثلاثة؟ منذ أن جاء فابيو، والسهلاوي يلعب خلف المهاجمين وليس معهم. وهذا ليس تبريرا لإجراءات فابيو بل قراءة لها. ما دامت التفاصيل مهمة لهذه الدرجة، لماذا لا نهتم بها دائما ولا نغفل عنها؟، يجيب على ذلك الأسطورة الهولندية كرويف في حديثه عن بيب جوارديولا: إنه مدرب كبير وذكي جدا، يهتم بكل التفاصيل الكبيرة والصغيرة، وسينتهي به المطاف مريضا إذا استمر كذلك، لا أحد في هذه الحياة يستطيع الإلمام بالتفاصيل الدقيقة دائما في مشهد أبطاله متحركون، إجابة كرويف عظيمة تتعدى مجالات كرة القدم إلى الحياة كلها، هذه هي الحياة بمجملها تفاصيل صغيرة تصنع الأحداث الكبيرة، ولا بد من طرفين أحدهما خاسر وآخر رابح. هل فهمت ما أعني عزيزي القارئ؟، لا تهتم إنها تفاصيل صغيرة فقط. نقلا عن الاقتصادية