القاهرة: سوسن أبو حسين افتتح الأمين العام للجامعة العربية الدكتور نبيل العربي، بمقر الجامعة بالقاهرة أمس، أعمال المنتدى البيئي الشبابي العربي الأفريقي تحت عنوان «النيل مسار للتعاون.. لا للصراع»، وذلك بالتعاون مع مركز الدراسات المائية والأمن المائي العربي. وبناء على رغبة جمهور المنتدى، جرى إطلاق اسم الزعيم الراحل نيلسون مانديلا رئيس جنوب أفريقيا الأسبق كعنوان لأعمال المنتدى، واعتبر الأمين العام للجامعة العربية مانديلا رمزا من رموز نضال الإنسان لنيل حقوقه في العيش بحرية، في العيش بكرامة ومساواة ومكافحة العنصرية البغيضة أينما كانت ونشر قيم التسامح والمصالحة، وأشار العربي إلى أنه التقى مع مانديلا ثلاث مرات، منها مرة كانت في جنيف فور خروجه من السجن، ولمس إيمانه العميق بهذه القيم السامية وتفانيه في خدمة قضايا الحرية والسلام. ومرة ثانية التقى العربي مع مانديلا عندما دعي مانديلا من منظمة العمل الدولية لإلقاء كلمة في القاعة الكبرى، قاعة الجمعية العامة. وأضاف العربي أن القاعة عادة عندما يأتي رؤساء الدول لا تكون ممتلئة حتى نهايتها، لكن عندما جاء مانديلا لم يكن هناك مقعد واحد خال، وذكر أنه لن ينسى أبدا مواقف مانديلا الثابتة والمبدئية في النضال لجميع الشعوب لنيل حقوقه والتحرر من الاستعمار وسياسات الفصل العنصري، التي تجلت في عبارته الشهيرة بأن «الحرية ستظل منقوصة ما دام لم يتحرر الشعب الفلسطيني وينال حريته». وأكد العربي على أهمية الموضوع الرئيس لهذا المنتدى، لافتا إلى أن موضوع المياه وخصوصا المياه المشتركة العابرة للحدود السطحية والجوفية في المنطقة العربية أصبح من أهم القضايا التي تشغل العالم العربي، وذلك لارتباطه بتحقيق الأمن المائي العربي والتنمية المستدامة تماشيا مع الأهداف العالمية للتنمية وقرارات القمم العربية والمجالس الوزارية المتخصصة. وأضاف أن العالم العربي يشهد مرحلة صعبة من المعاناة الناجمة عن نقص الموارد المائية ودون شك سيعاني مزيدا من نقص المياه خلال القرن الحالي، وذلك لأسباب عدة، أهمها الظروف الطبيعية التي تتمثل في الموقع وفي المناخ اللذين جعلا من هذه المنطقة واحدة من أكثر مناطق العالم جفافا، كما أن النمو السكاني المضطرد والتوسع في التجمعات العمرانية على حساب الرقعة الزراعية والتوسع أيضا في المراكز الصناعية، إضافة إلى أن الهدر وسوء الاستخدام أضافا بُعدا آخر للمشكلة. وقال العربي إنه إضافة إلى كل هذه العوامل فإن أكثر من 65% من الموارد المائية العذبة تنبع من خارج الوطن العربي وتتحكم فيها دول غير عربية، وهذا أمر يبعث على القلق بسبب قيام بعض دول المنابع بتنفيذ مشاريع مائية ضخمة قد تؤثر سلبا على الحصص المشروعة للدول العربية، وتكمن الصعوبة أيضا في غياب الاتفاقيات التي تنظم التقاسم العادل لهذه المصادر بين الدول المتشاركة. واعتبر أن الموارد المائية المشتركة بين الدول العربية من جهة، وجيرانها من جهة أخرى، تشكل أهمية استراتيجية تتطلب إرادة سياسية وتعاونا إقليميا يعتمد على مبدأ الفائدة للجميع واحترام الحقوق التاريخية واحترام مبادئ القانون الدولي واحترام الاتفاقيات التي سبق أن وقع عليها. كما أدان اغتصاب إسرائيل وسيطرتها على الموارد المائية في الأراضي العربية المحتلة، واعتبر ذلك من أكبر التحديات المائية، قائلا إن إسرائيل تسيطر على كل الموارد السطحية والجوفية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، كما تقوم باستغلال الثروات المائية والزراعية في الجولان السوري المحتل وفي مزارع شبعا في الجنوب اللبناني. وأوضح العربي أنه نظرا لأهمية موضوع الأمن المائي العربي فإن الجامعة أنشأت الجامعة المجلس الوزاري العربي للمياه، الذي بادر باعتماد استراتيجية الأمن المائي العربي في المنطقة العربية لمواجهة التحديات والمتطلبات المستقبلية للتنمية المستدامة، وقال إن المجلس الوزاري يعكف حاليا على إعداد الخطة التنفيذية اللازمة لتنفيذ الاستراتيجية بالتنسيق والتعاون مع المنظمات العربية المعنية وصناديق التمويل والجهات المانحة. وأكد العربي أن الشباب ذخيرة المستقبل وعليهم مسؤوليات، ويجب أن يتفهموا ما يدور حولهم، ليكونوا رأيهم، ويكونوا مشاركين بفاعلية في التطورات التي تؤدي إلى مستقبل أفضل وتؤدي إلى نظام حكم رشيد في جميع الدول العربية. وقال العربي إن مشاركة الشباب العربي والأفريقي معا في هذا المنتدى من أجل دعم التعاون والتفاهم وتعزيز أواصر التكامل على جميع الأصعدة يبشر بمستقبل مفعم بالتفاؤل لإيجاد الحلول الكفيلة بمحو كل أسباب التوتر والنزاع بشأن المياه المشتركة في المنطقة.