كشفت دراسة حديثه عن أن أهم تحد يواجه الاقتصاد السعودي خلال الفترة القادمة هو مدى قدرته على تنويع القاعدة الإنتاجية في ظل انخفاض أسعار النفط. وبحسب دراسة لإدارة الأبحاث الاقتصادية بمؤسسة النقد العربي السعودي فإن السبيل الوحيد للاقتصاد السعودي لتنويع قاعدته الاقتصادية هو إصلاح الإطار العام لإدارة الاقتصاد الكلي المتمثل في تنمية رأس المال البشري، وإصلاح القطاع العام، وتشوهات سوق العمل، وبناء قاعدة صناعية تدعم الصادرات ودعم المنشآت الصغيرة والمتوسطة( 85-90%) من القطاع الخاص من خلال مراقبة أدائها، ودعم صادراتها، وإجراء مراجعة تقّوم أنظمة وقنوات تمويلها وتوجيهها نحو صناعة السلع التصديرية المنافسة ذات التقنية المتوسطة والعالية، والتركيز على النشاطات ذات القيمة المضافة العالية كالصناعة وغيرها بدل من اعتماد المنشآت الصغيرة والمتوسطة على النشاطات ذات قيمة مضافة منخفضة (مثل التجارة، والبناء والتشييد)، مما ترتب على ذلك جلب مزيد من العمالة الأجنبية غير الماهرة وارتفاع تحويلاتها إلى أرقام قياسية، ومن ثم تدني إسهام تلك المنشآت في النمو والتوظيف. كما أكدت الدراسة أن ضرورة انتقاء الاستثمارات الأجنبية المباشرة ذات القيمة المضافة العالية لتنويع الصادرات وجعلها في مستوى المنافسة الإقليمية واستقطاب العمالة الوطنية وتدريبهم، وجلب التقنية الرائدة. وانتقدت الدراسة تركيز أغلب الاستثمارات الأجنبية المباشرة في المملكة على نشاطات الخدمات العامة مثل (المقاولات، والصيانة والتشغيل)، وهي النشاطات ذات الكثافة في استخدام العمالة الأجنبية، وموارد الطاقة المدعومة، في حين ظلت مساهمة الاستثمارات الأجنبية في الصناعات التحويلية غير النفطية ضعيفة. كما أن الاستثمار الأجنبي المتعلق بالمواد الكيميائية والمنتجات النفطية المكررة تأثر بتقلبات سوق الطاقة العالمي. وحذرت الدراسة من أن مؤشرات الصادرات غير النفطية تكاد تكون متواضعة إذا ما قورنت ببعض الدول مثل ماليزيا، وكوريا، واليابان، وسنغافورة، والصين حيث بلغ متوسط مساهمة الصادرات غير النفطية في الناتج المحلي الإجمالي الوطني خلال السنوات الخمس السابقة 7 في المئة، ومتوسط مساهمة الصادرات غير النفطية من إجمالي الصادرات 13 في المئة، في حين لم يتجاوز متوسط مساهمة نشاط الصناعة في الناتج المحلي الإجمالي 11 في المئة، في ظل استمرار الاعتماد الحكومي على مداخيل النفط، والتي يعاد توزيعها في الاقتصاد عبر آلية الإنفاق الحكومي، ويعد جزء من هذا الإنفاق استهلاكيًا متعلقًا بأجور المواطنين ورواتبهم في القطاع العام، في حين أن جزءًا آخر منه متعلق بإنفاق رأسمالي وهو ذو صلة بالمشروعات التنموية، والبنى التحتية، والخدمات الاجتماعية وتتركز فيه تعاقدات القطاع الخاص وهو منذ أربعة عقود من تصدير النفط وحتى الآن يرتكز على ثلاثة مجالات رئيسة، هي المقاولات، والخدمات، وتجارة الاستيراد والترويج للمنتج الأجنبي عبر نظام الوكالة التجارية، معتمدا على الإنفاق الحكومي الضخم في أوقات الوفرة النفطية، ورخص عوامل الإنتاج وكثافتها، من رأس مال، ومدخلات طاقة رخيصة، وعمالة أجنبية قليلة المهارة يمثل دخلها تسريبًا لرؤوس الأموال الوطنية إلى الخارج، وهذا ما يجعل الحاجة ملحة إلى إيجاد الحلول العاجلة التي من شأنها دعم تنويع القاعدة الإنتاجية. وتشير الدراسة إلى أنه برغم من وجود بعض الاختلافات لدى بلدان مثل ماليزيا، وكوريا، واليابان، وسنغافورة، والصين في صيغة استراتيجيات تؤدي إلى التنويع، وعدم وجود وصفة واضحة وموحدة للنجاح، فإن السياسات التي أجمعت عليها هذه الدول هي تكثيف الاستثمارات في مجال التعليم بكل مراحله، الأساسي والجامعي بما في ذلك مجال العلوم والتكنولوجيا، والتعليم التقني والمهني. وتطوير الصناعة ودعم نشاطها، وتوفير البنى التحتية الجيدة والاستثمار فيها (الأرض، الإعفاء الضريبي، الطاقة).. والاستثمارات في البنى التحتية، وتعزيز البيئة القانونية والتنظيمية؛ للحدّ من تكلفة ممارسة الأعمال التجارية، والصناعية، بالإضافة إلى تشجيع روح المبادرة والابتكار عبر تحسين فرص الحصول على المعلومات، وتكنولوجيا الاتصالات، والتمويل، وزيادة الإنفاق على الجوانب البحثية والتنموية والتطويرية مع التركيز على رفع مستوي جودة الصادرات وتنويعها؛ لتتواكب مع الاستراتيجيات الاقتصادية العالمية.