×
محافظة المنطقة الشرقية

أصغر وزيرة مصرية لـ«الاتحاد»: المرأة تستحق مقاعد أكثر في الحكومات العربية

صورة الخبر

كان لتوجيه صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، في الخامس من هذا الشهر، بإعلان عام 2016 عاماً للقراءة أثره في تفاعل القطاعات الرسمية والأهلية مع هذا الإعلان، الذي أقره على الفور مجلس الوزراء وأصدر توجيهاته بالبدء في إعداد إطار وطني متكامل لتخريج جيل قارئ، وترسيخ الدولة عاصمة للثقافة والمعرفة. وتكمن فلسفة هذا الإعلان، في كونه القرار الذي يتوج الإمارات عاصمة للمعرفة والثقافة العالمية، وهو إعلان يهتم بالإنسان ويرفع من شأنه، ويقر بقدراته بوصفه محور عملية التعلم والقراءة، وهو المنوط به تحقيق قفزات واضحة في سلم المجد والابتكار، لكي تكون الإمارات بحق منارة علم ومعرفة، ومصدر إشعاع حضاري للعالم. جاء هذا التوجيه بعد نجاح الجهات والمؤسسات والدوائر والأفراد في الإمارات، بتحقيق مشاركة فاعلة في إنجاح عام 2015 عاماً للابتكار، وهو الذي وضع الدولة على المسار الصحيح للابتكار، التي بدأت عجلته تدور وتجني ثمارها، لا سيما وأن القراءة، هي السبيل لبلوغ عتبات التقدم والازدهار. تقرأ هذه المبادرة، في ضوء كثير من المحاور التي يمكن مناقشتها، في مسارات كثيرة أبرزها: اختبار قوة القراءة ومدى فاعليتها في التقدم، فالقراءة أولاً هي السبيل إلى بلوغ المعرفة، والمعرفة تشتمل على مجموعة من التفاصيل والخطوات التي لا بد من أخذها بعين الاعتبار حتى تتحقق سبل التنمية المستدامة، وهذا يتطلب التأسيس لمجموعة من المعايير التي ستدعم مقومات الدولة في مجالات التعليم والاقتصاد والثقافة والعلوم المختلفة، بما في ذلك تأسيس الأفراد والمجتمع لبلوغ مراحل متقدمة في الوعي التي تؤهلهم لأشكال الابتكار والتقدم العلمي المنشود كافة . كما تقرأ هذه المبادرة في محاور عدة، تؤكد كلها فلسفة القراءة، وأهميتها وضرورة أن تكون في صلب اهتمام البيت والأسرة، والطفل والشاب، كما هو في الهيئات والمؤسسات والدوائر الرسمية والخاصة وفي الجامعات وحتى في المراكز التجارية، وهي مسؤولية يضطلع بها الموجهون بمثل ما يضطلع بها الكتاب والمثقفون واتحادات الكتاب ونوادي القراءة المختلفة في الدولة، ذلك أن القراءة هي فعل يرتبط بالمهارة الذاتية، وهي السبيل لتطور الأفراد، وتنمية معارفهم وثقافتهم. لقد حققت الإمارات، منذ انبثاق فكرة التأسيس على يد المغفور له، بإذن الله، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وعلى مدى يزيد على أربعين عاماً خطوات ملحوظة في التعلم والازدهار العمراني والاجتماعي، ومثل هذه القفزات، لا شك أنها عرّفت بالمنتج الإماراتي في حيثيات كثيرة، كان التعليم أساسها، والإمارات معروفة بتشجيع طلابها على اكتشاف مهارات التعلم والابتكار، في مجالات علمية كثيرة، غير أن مثل هذه المبادرة تستشرف المستقبل أكثر وتسارع في جعل القادة والمستشارين التربويين والحكوميين في صورة بناء عالم أفضل يقوم على المعرفة أساساً، المعرفة هنا، هي الركن الأول في انفتاح الشعوب على بعضها بعضاً، وفي بلورة أجواء أفضل، من حيث تقبل الآخر، وتعزيز فرص التسامح والانفتاح والتواصل، بديلاً عن سبل التشدد والانغلاق، وهو الدور والمسعى الذي تؤكده الإمارات دائماً وأبداً، وهي المعروفة بانفتاحها على العالم، لذلك تم اختيارها عاصمة ثقافية وعالمية بامتياز، غير أن الاستمرار في النهج، مشروط باستكمال المسيرة، وهو الذي وعته القيادة بهدف إحداث تغيير سلوكي دائم، وهو بالضرورة تحصين ثقافي وحضاري لا يتسنى له المضي قدماً إلا بالتشجيع على القراءة كهدف وبوابة لشتى مجالات العلوم، لا سيما وأن القراءة، هي الرسالة السماوية الأولى التي نزلت من السماء إلى الأرض. وفي خطوة هي الأولى من نوعها على مستوى المنطقة، أطلق صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، في السادس عشر من سبتمبر/أيلول الماضي مبادرة تحدي القراءة العربي، وهي أكبر مشروع عربي لتشجيع القراءة لدى الطلاب في العالم العربي عبر التزام أكثر من مليون طالب بقراءة خمسين مليون كتاب خلال عامهم الدراسي. تأتي هذه المبادرة لتشكل واحدة من الخيارات الثقافية الكبرى، بما حملته من تفاصيل تتعلق بنظام الحوافز والأهداف والشرائح المستهدفة وأيضاً في قيمتها المادية المرتفعة، فنظامها المتكامل لتشجيع القراءة يشمل الطلاب والأسر والمشرفين والمدارس، في ضوء هدف واضح ومستدام ومنتظم، يشمل الطلاب الإماراتيين والعرب على حد سواء. وأول ما يلفت النظر في هذه المبادرة، هو وعيها لعملية القراءة، وانطلاقها في واقع عربي غير مشجع على الإطلاق في مجال القراءة والمطالعة، إذ تندرج معظم الأقطار العربية في مستوى متدن، من حيث المطالعة بين الأطفال والطلاب واليافعين، ومن هم أكبر منهم سناً مقارنة بما هو متحقق في دول العالم المتقدم. ومن جهة ثانية، فقد قامت هذه المبادرة التي أطلقها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم على مرتكزات أساسية تعي مفهوم القراءة، من أولها فهي تبدأ من الطفولة، والأسرة والوسط والبيئة، ثم تنتقل إلى المدرسة، حيث المشرف والمدرس وضرورة قيامهم بواجب التشجيع على القراءة، لتنتقل خطوة أخرى نحو بناء جيل واع مثقف قادر على المنافسة، وهو السبب الذي جعل هذه المبادرة تركز على الأطفال كمرحلة أولى، وهي تحيل على أهمية القراءة بالنسبة لهذه الشريحة العمرية الصغيرة التي يراهن عليها في المستقبل، كجيل مسلح بالعلم والمعرفة والاطلاع، مؤهل للانفتاح والتسامح والحوار مع الآخر في ضوء ما سوف يتمتع به هذا الجيل من حصانة معرفية وعلمية وحضارية. كل ما ذكر سابقاً مهم جداً، للوصول إلى الفكرة المحورية التي تركز عليها القراءة، وهي القدرة على الابتكار، ومثل هذا الشيء، لا يتحقق من دون تجربة القراءة نفسها، التي تعود الفرد على تلمس مكامن الإبداع والدهشة في المقروء، ألا وهي الجمال والوعي بقيمة الجمال، وهذه الأشياء، لا يحسها الفرد الخامل البليد، كما لا يحسها من لم يعود عقله على القراءة، ومن لم ينم عنده ملكة النقد والتذوق العلمي والأدبي. تسعى المبادرة لتطور مفهوم القراءة، في ضوء ما بات يعرف باستراتيجية القراءة، ومثل هذه الاستراتيجية، مهمة لجهة الوعي بالقراءة الابتكارية، وهي استراتيجية يحللها الخبراء في ضوء فروع كثيرة منها على سبيل المثال: استراتيجية العصف الذهني، واستراتيجية طرح الأسئلة، وتنمية التخيل وحل المشكلات، وغيرها من المحاور المهمة التي تتحقق بفضل القراءة والمواظبة عليها. إن مبلغ ال3 ملايين دولار (11 مليون درهم إماراتي)، المرصود لتشجيع الطلاب الإماراتيين والعرب على حد سواء، هو مبلغ كبير في حجمه، ولا شك أنه سيزيد من إقبال الفئات المستهدفة من المبادرة وربما سيجعل تحدي الخمسين مليون كتاب أمراً متحققاً، وهو الذي سيؤسس لمبادرات وصناعة جيل مبرز في الميدان التعليمي، وهو لا شك سيدعم ويشجع التربويين ومن قبلهم الأسر على بدء الخطوة الأولى في سلم الارتقاء، وصولاً للعام 2021، بهدف تخريج جيل مبتكر يقود الإمارات نحو مستقبل واعد يتحقق بغرس حب القراءة، وشغف البحث والاطلاع. مبادرات ومعارض يعتبر معرض الشارقة الدولي للكتاب الذي يحظى برعاية ودعم صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، وعبر مسيرته التي تزيد على أربعة وثلاثين عاماً، من المعارض الكبرى في تنظيمه وعدد دور النشر المشاركة فيه، وهو يتضمن في كل دورة من دوراته منصة ثقافية تجمع الناشر بالمؤلف وتمد جسور التلاقي والتواصل الثقافي بين دور النشر العالمية والمترجمين وتطرح مستجدات الواقع الثقافي العربي والعالمي، ولقاءات ثقافية متخصصة تعرض أشكال المنتج الأدبي كافة من شعر ورواية، كما يفرد المعرض في كل عام لقاءات خاصة بالناشرين يناقشون من خلالها مستجدات عملية النشر الإلكتروني، وما يعرف بالمحتوى الرقمي. يشارك في المعرض مؤلفون عرب وعالميون، كما يستضيف في كل دورة واحدة من الدول الكبرى ويبرز المنتج الثقافي في تلك الدولة، ويحظى بعناية خاصة من دائرة الثقافة والإعلام في الشارقة التي رسخته كحدث ثقافي في بعده المحلي والعربي والإقليمي والدولي. يستقطب المعرض جانباً من أفضل المواهب في الكتابة من مختلف أنحاء العالم، ويتمتع بميزة استثنائية من التوجه للجمهور العربي بأطيافه كافة، في هذا المعرض الذي تزدان به الشارقة في كل عام، يمتزج التراث بالثقافة والتقاليد الشعبية والفكر الإبداعي المعاصر في توليفة متجانسة، كما عود جمهوره على فرصة مهمة لعشاق القراءة تتيح لهم اقتناء كتبهم بأسعار مناسبة، ويتيح أيضاً أجواء مثالية للكتاب ودور النشر لتبادل الآراء ومناقشة آخر التطورات، ودراسة فرص التعاون الممكنة. في سياق مهمته الرئيسية، وهي دعم الناشر المحلي والعربي، يسعى المعرض إلى توفير فرص متكافئة من أجنحة الكتب العربية والأجنبية وكتب الأطفال والكتب الإلكترونية والكتب الإسلامية والكتب العامة وكتب القانون وغيرها، كما يخصص أجنحة للمنشور الغربي وآخر المؤلفات في الرواية وكتب العلوم والسياسة وعلوم التقنية والاقتصاد وغيرها، بما في ذلك قوائم الكتب التي تحقق أفضل الأرقام في سوق الكتاب العالمي. احتل معرض أبوظبي الدولي للكتاب الذي تنظمه هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة مكانة مهمة بين معارض الكتب الدولية وتحولت بفضله أبو ظبي إلى مركز ثقافي جاذب لنخبة من الكتاب والناشرين والوكلاء والموزعين والمفكرين ورموز الأدب والشعر في العالم. يشارك في دورات المعرض الذي مضى عليه أكثر من خمسة وعشرين عاماً ناشرون محليون وعرب وعالميون، وقد شكل المعرض بشهادة المختصين قفزات نوعية في حضوره الإقليمي والدولي والعربي. يسعى المعرض إلى تمكين الأجيال الشابة في الوطن العربي من امتلاك المعرفة وتوظيفها لمواجهة تحديات التنمية، بجانب سعيه لاكتشاف المواهب والمبدعين ودعم المثقفين والموهوبين، كما يسعى في كل دورة من دوراته، وكجزء من برنامجه الثقافي المصاحب إلى تسليط الضوء على شخصية محورية عربية وعالمية مؤثرة في بعدها الثقافي، ويزخر بمجموعة من الفعاليات الثقافية المتنوعة التي تتضمن المحاضرات والفعاليات الأدبية والفكرية، إضافة إلى حفلات ومراسم توقيع الكتب الجديدة والعروض السينمائية والمسرحية المتميزة، احتفى المعرض في هذا العام بيوبيله الفضي، وهو يسعى دائماً لاحتضان الأنشطة الثقافية المختلفة. وفق الاتحاد الدولي للناشرين يعد معرض أبوظبي الدولي للكتاب الأضخم في المنطقة العربية والشرق الأوسط من ناحية عدد دور النشر والدول المشاركة، يشارك فيه مشروع كلمة للترجمة التابع لهيئة أبوظبي للسياحة والثقافة، الذي يحتفي بمجموعة من الكتب العالمية التي ترجمت إلى اللغة العربية، وقد حقق المعرض قفزات نوعية نحو الاحترافية في صناعة الكتاب وبناء منصة ثقافية تجمع الناشر بالمؤلف وتمد جسور التلاقي والتواصل الثقافي بين دور النشر العالمية والمترجمين، وتطرح مستجدات الواقع الثقافي العربي والعالمي. الحديث عن تشجيع القراءة يجد له مثالاً مجدياً في الشارقة، من خلال مبادرة ثقافة بلا حدود التي انطلقت منذ سبع سنوات في عام 2008، برعاية صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي وتهدف إلى توفير مكتبة لكل بيت، بمجموعة قيمة ومختارة من الكتب باللغة العربية التي تناقش مختلف الموضوعات. اشتملت المبادرة على مراحل عدة، ما بين توزيع الكتب على الأسر والمشاركة في الفعاليات المختلفة، كمعرض الشارقة القرائي، كما تبنت أكثر من خطة طموحة لتعزيز ثقافة القراءة وتشجيعها في الأسرة وعند الأطفال وطلاب المدارس، انتهاء بتوزيعها نحو مليون كتاب على 20 ألف أسرة إماراتية، بواقع 50 كتاباً لكل أسرة، وذلك في المرحلة الأخيرة من المبادرة في 5 مايو الماضي، وهو الحلم الذي سعت لتحقيقه ثقافة بلا حدود منذ تأسيسها، في إطار تعميق علاقة الفرد بالكتاب والقراءة بشكل عام، وقد عملت المبادرة عبر تاريخها على افتتاح مكتبات عديدة في الدوائر والهيئات الحكومية بإمارة الشارقة، وفي هذا المسعى ثمة تركيز واضح على جعل القراءة متوفرة للجميع، وهو الذي تبنته الشارقة لترسيخ اسمها عاصمة للثقافة العربية. اعتمد المشروع عبر تاريخه سلسلة من المشاركات الطموحة والمبادرات التفاعلية، كتلك التي أقيمت بمناسبة يوم الكتاب ضمن أسبوع الابتكار الإماراتي في حديقة القرائن في الشارقة، وقد كانت ميزانية هذا المشروع كبيرة ما بين عملية توزيع الكتب، وتنظيم الفعاليات والأنشطة الثقافية، والدورات التدريبية والاحتفالات المرافقة لعملية توزيع الكتب، وأيضاً تبني فكرة إطلاق المكتبة الإلكترونية في عام 2014 خلال معرض الشارقة الدولي للكتاب في نفس العام، وقد سبق إطلاق المكتبة الإلكترونية إطلاق ثقافة بلا حدود لمبادرة قهوة وكتاب في ثلاثة من فروع أحد المقاهي المعروفة في مدينة الشارقة بهدف تعزيز القراءة بين أفراد المجتمع بأسلوب عصري ومشوق وتشجيع الجمهور على الاستفادة من أوقات فراغهم في تنمية معارفهم ومعلوماتهم العامة، ناهيك عن فكرة العربة المتنقلة التي هدفت لتوفير الكتب للمرضى ومرافقيهم في أربعة مستشفيات حكومية في الدولة. إن مبادرات القراءة في الإمارات كثيرة ومتنوعة، وتقوم بها في الأغلب مؤسسات شبه حكومية، فهناك أيضاً مبادرة عائلتي تقرأ أطلقتها مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم، في ديسمبر/كانون الأول عام 2013 بناء على توجيهات سمو الشيخ أحمد بن محمد بن راشد آل مكتوم رئيس المؤسسة، وذلك حرصاً من المؤسسة على نشر المعرفة، وتشجيع القراءة في المجتمع الإماراتي. تم من خلال هذه المبادرة توزيع مجموعات من الكتب القيمة والمتنوعة على عموم الأسر المستهدفة في الإمارات طبقاً لمعايير وضعتها المؤسسة وجميع الكتب هي من إصدارات المؤسسة، وجاء في حيثيات المبادرة أنها ستغطي الأسر كافة في إمارة دبي، تنتقل بعد ذلك إلى باقي إمارات الدولة الأخرى، استهدفت المبادرة في حينه نحو 50 ألف أسرة بواقع حزمة تضم 20 كتاباً متنوعاً لكل واحدة، واستتبعتها بحزم جديدة من الكتب في نهاية عام 2014. كثيرة هي المبادرات التي تهدف إلى تشجيع القراءة، من بينها على سبيل المثال ما يتعلق بمجموعات قرائية صغيرة، بهدف تشجيع انتشار القراءة باعتبارها الوسيلة الأولى لصناعة الوعي واكتساب المعرفة، ومنها مثلاً ما تقوم به جمعية نون للقراءة التابعة لندوة الثقافة والعلوم في دبي، من تقديم محاضرات أدبية وثقافية، وهناك نادي أصدقاء نوبل للقراءة، الذي أسسه شباب إماراتيون بهدف تشجيع القراءة بين الشباب العرب، ويعنى بتنظيم ندوات ثقافية وفكرية، وهو ناد يتبع خططاً دورية، مثل قراءة أعضائه للروايات العالمية التي فاز أصحابها بجائزة نوبل. استراتيجيات ثقافية العلاقة الحميمة بين القارئ والكتاب، هي علاقة عصية على الوصف، فالقراءة في الأخير هي نافذة للاستنارة والوعي، واكتساب المعرفة، وقوة مضاعفة في تحصين الذات وتنمية الشخصية، ومساعدة صاحبها على اكتشاف عوالم جديدة من العلوم والآداب والثقافات والإنسانية، التي لا يمكن حصر فوائدها على الفرد والمجتمع. والقراءة أيضاً، هي شغل المجتمعات، وهاجسها، وهي محطة من محطات تقييم المجتمعات لآثارها على المواطنين، ونقطة انطلاق لبناء الاستراتيجيات الثقافية والتعليمية والثقافية بوجه عام، فضلاً عن اعتبارها، - أي القراءة- فكرة جوهرية تنظم من أجلها المعارض وتقاس من خلالها قوة المجتمعات على التأثير وبناء العلاقات، مع غيرها من الدول. في استراليا، على سبيل المثال، عمدت الحكومة هناك في منتصف العام الحالي إلى تنفيذ فكرة فريدة لتشجيع الناس على القراءة، تمثلت في إلقاء مئات آلاف الكُتب على قارعات الطرقات والشوارع، ليختار منها المارة ما يُناسبهم لقراءتها، وفي كثير من الدول الأوروبية هناك العديد من النوادي التي تشجع على القراءة، وهو الذي يجد مثالاً قوياً له في بلد عربية مثل الإمارات. في الولايات المتحدة الأمريكية وهذا مثال آخر، توفر نوادي الكتب الأمريكية التقليدية مساحة للأمريكيين لمناقشة القضايا السياسية والاجتماعية المهمة، ذات الاهتمام المشترك للمترددين عليها، وبعض تلك النوادي يعد فروعاً لجماعات تتبنى قضايا سياسية أو اجتماعية تدافع عنها، ومنها ما هو مرتبط بمراكز لبيع الكتب الضخمة منها أو بعض المؤسسات المستقلة بالمدن الصغيرة، ومعظمها يتبع منظمات غير حكومية بهدف تشجيع الأمريكيين لاسيما الشباب في قراءة الكتب لاسيما الأدب الأمريكي. من حيث فلسفة القراءة، وأهميتها، فهي أداة الوعي الأولى، طاردة التشويش وحصار الذات، جالبة التوازن النفسي، القادرة على توفير بعض المتعة لصاحبها، بإشراكه في خضم الموضوع المقروء، وهو الذي يحفز عند القارئ حركة نشطة من التفكير والتحليل والتصور والسفر عبر الحكايات والقصص إذا كان الكتاب المقروء أدبياً، كما تحرك لديه نوعاً من التفكير الإيجابي في الموضوعات المقروءة مع اختلاف عناوينها وموضوعاتها. في الجانب النفسي، تلهم القراءة صاحبها بدرجات متفاوتة من الوعي، الذي يساعد في تنمية السلوك، واكتساب الخبرة وتحمل المسؤولية، وربما، - وهذا هو الأهم - اتساع الرؤية واكتشاف أشياء جديدة لم تكن معروفة من قبل. القراءة بحسب ما وصفها كثير من الكتّاب والفلاسفة الكبار، هي رياضة نفسية تكوّن الإحساس بالأنس والمتعة، فهي مريحة للأعصاب، وتنمي القدرة على الاتصال الفعال مع الآخرين وقراءة أفكارهم وتحلیلها وتبادل الآراء معهم، وبالتالي فهي مصنع الثقافة بما تهيئه من تأمل، سئل فولتير مرة من سيقود الجنس البشري، فأجاب: الذین يعرفون كیف يقرؤون. ولعل الوصف الذي أطلقه إدوين ويبل على القراءة حين قال الكتب منارات منصوبة في بحار الزمن العظيمة يفيد بكون القراءة قادرة على النفاذ إلى عمق الأحداث والظواهر التي تنعكس بالضرورة على القارئ فتحسّن من سلوكه وتكسبه وقاراً وحسناً في اللفظ والسلوك والانتباه والتعاطي الإيجابي مع الآخرين. من الناحية الوظيفة وبحسب ما يؤكد الخبراء فإن للقراءة وظيفتين، أو عمليتين أساسيتين، الأولى الاستجابة لما هو مكتوب، والثانية هي عملية عقلية يتم من خلالها تفسير المعنى عبر التفكير والاستنتاج (الفهم).. وفي المحطة الثانية ندرك الأبعاد الحقيقية للقراءة بوصفها ميزة، بل سبيلاً للمعرفة، حيث المعرفة هي المنتوج القرائي، الذي جاء بعد خبرة متراكمة من التفكير والتخيل وربط الأحداث مع بعضها بعضاً، ناهيك عن كونها نافذة للإبداع، وأول الطريق لاختبار تجربة الكتابة. من المهم، في هذه العجالة، أن يتم استيعاب أهمية القراءة بالنسبة للأطفال، وهو الذي يلتقي مع مغازي وفوائد المبادرات التي تنظمها الدول ومنها الإمارات وتأثيرها في النشء، وقبل ذلك، فلا بد من معرفة أنواع القراءة، سواء كانت جهارية أو صامتة، والهدف منها ومهاراتها، كما يجب معرفة أهداف القراءة بالنسبة للمشرفين ومنها على سبيل المثال: الأهداف الوظيفية، والأهداف التطويرية، كقراءة ما يصقل الشخصية ويعزز المواهب، وأيضاً الأهداف الثقافية والمعرفية، كالقراءة العامة للمعرفة والإطلاع وزيادة المخزون الثقافي، ناهيك عن القراءة الترويحية تلك تريح النفس من الملح والنوادر والحكايات، وهناك الأهداف الواقعية، التي تساعد على التفاعل مع الواقع المعاش. تعيش القراءة في هذه الأيام تحدياً شرساً، في ظل التطور التكنولوجي الهائل والانفجار المعرفي الذي يسم العصر الذي نعيش فيه، فهذا الكم الهائل من المعرفة، يحتاج لاستراتيجيات واضحة، تمنح القراءة مشروعية استمرارها والتشجيع عليها، من هنا، أهمية البحث تنمية ملكات فهم المعاني والنقد والحكم والتذوق، وربط ذلك كله بالقراءة، من حيث عملية مباشرة وغير مباشرة في توليد خاصيات الابتكار والإبداع، وهو الذي يخرج القراءة من مفهومها التقليدي نحو مفهوم القراءة الابتكارية التي تجعل من الكتاب مصدراً للتفكير والإبداع واستدعاء الأفكار وتحليلها، وهو الذي يؤدي إلى تطوير الإنسان، وفتح نوافذ جديدة أمامه كانت خافية عنه، وهو الذي يؤكد مرة أخرى أهمية القراءة ونشرها بين فئات المجتمع، فهي في نهاية المطاف عملية فكرية عقلية يتفاعل معها القارئ وبوصلة لتوجيه الذهن وانفتاحه على مغلقات الحياة، وغوامضها وأسرارها.