قدمت فرنسا إلى الاقتصاد العالمي امرأة استطاعت أن تسبق جميع إناث الأرض إلى حقائب استحقاقية حتى تمكنت من نيل الرقم 17 في قائمة الأكثر نفوذا في العالم، إلا أن ذلك لم يسعفها من تلقي ضربة قضائية أحيلت بموجبها إلى محكمة العدل الدولية. باختصار، يمكن القول بأنها ولدت لتكون رئيسة أو وزيرة أو قائدة.. إنها «كريستين لاغارد مادلين» التي لا يفصل بينها وبين عامها الستين سوى 11 يوما فقط، صاحبة السبق الأنثوي في رئاسة صندوق النقد الدولي، وفي «توزرها» لوزارة الشؤون الاقتصادية بمجموعة الثماني، وفي رئاستها لمؤسسة قانونية كبرى. تلك المرأة استطاعت أن تحتفظ بلقب «الوزير» سنوات طوالا في الألفية الجديدة؛ عبر وزارات المالية والشؤون الاقتصادية والصناعية، والزراعة والصيد، والتجارة حتى تم تصنيفها من قبل جهات مستقلة كأفضل وزيرة مالية في منطقة اليورو. ولأنها تجيد تحريك الساكن، وإسكان المتحرك فقد تمكنت من التعامل مع منتدى «دافوس» الاقتصادي عندما سنحت لها فرصة الدخول إليه بالطريقة التي ساعدتها في تنفيذ ما تريده. مرت «كريستين» خلال تاريخها بالعديد من الصعاب في بلادها - ربما ذلك يعود إلى خلفياتها الحزبية - إذ واجهت انقسامات في الرأي حولها؛ فمنهم من يراها منقذة رئيس بلادها من عثراته الاقتصادية، وآخرون يجدونها صاحبة أجندة لم يسعفها الوقت ولم تساعدها ظروف وطنها حينها في الانتهاء منها. غير أن الكثير من الاقتصاديين يستغربون وقوعها في فخ قانوني قياسا بخبراتها التي اكتسبتها من خلال عملها كمحامية في مجالات حقوق العمل والتنافس بعدما استهلت مشوارها المهني بالعمل كمديرة لأحد المكاتب الدولية في أمريكا. المشكلة القضائية التي تتعرض لها حاليا تعود جذورها إلى عام 2008 وتصل القيمة التي يجري الحراك بشأنها والنزاع حولها في إطار 400 مليون يورو حصل عليها رجل أعمال فرنسي كتعويض بمباركة «كريستين» التي تؤكد سلامة موقفها؛ ما يجعل أي حكم يصدر ضدها سبيلا لإعادتها إلى فرنسا لتنفيذ العقوبة. وبغض النظر عن تلك «اللطخة» القانونية؛ تبقى «كريستين لاغاراد» ذات الشعر الأشيب اسما، وعلما، وقامة في التاريخ الفرنسي الحديث، ويبقى أداؤها محط إثارة للكثير من الجدل، وإنجازاتها موطن إعجاب مسكون بالثناء.