(لماذا تكتب؟). إلى عقد ونصف مضت، كان من النادر سماع هذا السؤال أو قراءته، فقد كان محدودا في استخدامه، ولا يُسأل إلا للمؤلفين، أو الكتاب الصحفيين، أو الأدباء.. ولكن حاليا، أصبح من الممكن توجيه هذا السؤال لكل من يحمل هاتفا ذكيا أو كل من يدخل على النت من أي وسيلة حديثة. فالكل صار يكتب؛ وإن كانت الكتابة على هيئة تعليقات -قصيرة أو مطولة-. ورغم بساطة السؤال -كلمتين فقط-، إلا أن معظمنا لا يعرف بماذا يجيب عليه!. ناهيك عن أن معظمنا -أيضا- يستمد إجابته من الآخرين أو (يؤلف)؛ ضمن التأليفات، جوابا نمطيا -وفي الغالب مثاليا- لا علاقة له بواقع ما يكتبه حقا من تعليقات على كتابات أو أخبار... بعض تلك الكتابات؛ سواء التي تُجمع في نهاية الأمر في كتب.. أو التي تكتب تعليقا على خبر أو مقالة أو صورة.. وتُنشر في التطبيقات الحديثة، لا تختلف كثيرا عن مفهوم (الكتابة على الجدران). فالكاتب يتلقى (النص)، ويفهمه خلاف المقاصد، ثم يستنتج معاني أخرى -بناء على ما فهم-، وأخيرا يكتب تعليقا أو مقالا يحمِّل فيه النص فوق معانيه. وبعد كل أولئك، يبدأ في التعليق على تعليقه!. ولا مانع لديه من جمع تلك التعليقات وإصدارها في كتاب واحد يستخف به بعقلية القارئ. الكاتب من هذا النوع، يوهم نفسه أنه يكتب للآخر.. والحقيقة أنه يكتب لنفسه. انتشار الكتابة والكتاب بمئات الآلاف -كما هو الوضع حاليا- ليس ظاهرة سيئة في ذاتها. فعلى الأقل، من يمارس الكتابة ينشغل في أمر مفيد. لكن المعضلة التي يجب أن نرفع من مستوى وعينا لتجنبها هي الكتابة المبنية على مفهوم أننا نملك الحقيقة المطلقة.. أو أننا نتحدث باسم الجميع.. أو أننا -في نهاية اليوم- يجب أن نسمع هتافات النجاح.