بيروت: ليال أبو رحال تتسابق القوى السياسية اللبنانية في إعلان حرصها على إجراء انتخابات رئاسة الجمهورية في موعدها، مع انتهاء ولاية الرئيس اللبناني الحالي ميشال سليمان خلال شهر مايو (أيار) المقبل، بينما ينصرف كل مرشح محتمل لرئاسة الجمهورية إلى تحديد مواصفات وشروط الرئيس العتيد والمعايير التي ستحسم إمكانية ترشحه للانتخابات. وفي موازاة إعلان سليمان مرارا رفض تمديد ولايته، انطلاقا من رفضه تمديد ولاية البرلمان اللبناني، في شهر مايو الماضي، يخشى اللبنانيون من انتهاء ولاية سليمان من دون إمكانية التوافق على رئيس جديد، خصوصا أن الجميع يترقب ما سيؤول إليه المشهد السوري بعد عقد مؤتمر «جنيف2» المنتظر في الشهر المقبل. وللمفارقة، فإن ولاية سليمان تنتهي في الشهر ذاته (مايو) الذي تنتهي فيه ولاية الرئيس السوري بشار الأسد، ما يؤكد الارتباط بين الاستحقاقين والظروف الحاضنة لهما. وإذا كانت مواقف سليمان الأخيرة، لا سيما تلك التي تضمنت انتقادات لاذعة لحزب الله وسلاحه وتدخله بسوريا، جعلت من إمكانية دعم قوى «8 آذار» لخيار تمديد ولايته أمرا صعبا، يبدو لافتا الحرص الدبلوماسي الغربي والعربي على حفظ سدة الرئاسة بمنأى عن دوامة الفراغ ولو اقتضى الأمر تمديد ولاية سليمان. وتظهر مراجعة المواقف الصادرة عن أبرز قادة الأحزاب المسيحية، المرشحين المحتملين لرئاسة الجمهورية، استعدادهم لخوض الاستحقاق الانتخابي، رغم أن أيا منهم لا يتمتع بصفة «الحيادي» أو «التوافقي»، التي تمتع بها الرئيس سليمان، الذي وصل إلى سدة الرئاسة من باب قيادة الجيش اللبناني، علما بأن غالبية القوى السياسية لا تتردد في إبداء رفضها وصول عسكري مجددا إلى رئاسة الجمهورية، في إشارة إلى قائد الجيش اللبناني الحالي العماد جان قهوجي. ويقول الكاتب والمحلل السياسي أمين قمورية في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «كل ماروني في لبنان وليس قادة الأحزاب المسيحية فقط، مرشح للانتخابات الرئاسية»، التي يجزم «بعدم إمكانية حصولها في موعدها، بانتظار تحقيق توافقات إقليمية». ويؤكد أن «التوافقات الداخلية لم تصنع يوما رئيسا للجمهورية»، ويوضح أنه في «الفترات العادية لم نتمكن من التفاهم على شخص رئيس الجمهورية، فكيف سيكون الحال في ظل الوضع الراهن؟». ويتوقع قمورية «الوصول إلى الفراغ في رئاسة الجمهورية»، مرجحا أن تنحصر صلاحيات إدارة البلد إلى حكومة تصريف الأعمال برئاسة الرئيس نجيب ميقاتي الذي سيدير البلد، بانتظار ما سيؤول إليه المشهد السوري. ويشدد على أنه «لا يمكن عزل لبنان عما يحصل في سوريا وتجنيب الاستحقاق الرئاسي تداعيات الأزمة»، لافتا في الوقت ذاته إلى أن «ذلك كان ممكنا لو أن لدينا في لبنان قادة حقيقيين، لكنْ لدينا تابعون». وخلص قمورية إلى التأكيد على أن «نتيجة التغيير في سوريا سيكون لها تداعياتها على الوضع في لبنان، بمعنى أنه إذا بقي الأسد قوة ضاغطة في سوريا فسيكون لذلك تأثير كبير على هوية الرئيس اللبناني المقبل». وفي إطار أبرز المرشحين داخل فريق «8 آذار»، حسم رئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية، الشخصية المسيحية الأكثر قربا من الأسد، هوية مرشحي فريقه السياسي بقوله نهاية الشهر الماضي إنه «إذا كان الظرف مع الإتيان (رئيس تكتل التغيير والإصلاح) بميشال عون فأنا معه»، لافتا إلى أن «المنافسة الوحيدة هي بيني وبين الجنرال عون في خطنا، وإذا كان الظرف مع (قائد الجيش اللبناني) الجنرال جان قهوجي فأنا معه». من ناحيته، يكرر النائب ميشال عون تعداد المواصفات التي ينبغي توفرها في الرئيس المقبل، بينما يعتبر نوابه الذين يعقدون سلسلة لقاءات مع باقي الكتل السياسية، الحليفة والخصمة، أن ترشيحه للرئاسة «أمر طبيعي»، بوصفه من أكثر المرشحين أهلية وتمتعا بالمواصفات المطلوبة. وقال النائب آلان عون قبل يومين إن حزب الله لم يصدر بعد أي قرار بشأن دعمه ترشيح عون للرئاسة. في الجانب الآخر، يؤكد كل من رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع ورئيس حزب الكتائب، الرئيس اللبناني الأسبق، أمين الجميل أنهما لم يتخذا قرارهما النهائي بشأن ترشحهما. وفي حين أوضح جعجع في تصريح صحافي، قبل أيام، أن ترشيحه رهن قرار حزبه الداخلي ومن ثم إجماع فريق «14 آذار» على ترشيحه، يكرر الجميل ومستشاروه القول إنه ليس «مهووسا بالرئاسة» لكنه لن يتردد في الترشح إذا وجد الفرصة سانحة. وذهبت أوساط مراقبة إلى الربط بين مضمون خطاب الجميل في ذكرى تأسيس حزبه واغتيال نجله الوزير السابق بيار الجميل في 24 نوفمبر وزيارته إلى واشنطن الأسبوع الماضي، وبين نيته الترشح لرئاسة الجمهورية.