.. ولرسول الله صلى الله عليه وسلم مواقف تقشعر منها الأبدان حيال السرقة من المال العام ولذلك كان حريصا أن لا يولي أحدا إلا إذا كان مؤتمنا يعرف ما للرعية من حقوق، ولذلك قال عليه الصلاة والسلام: «أيما رجل استعمل رجلا على عشرة أنفس علم أن في العشرة أفضل ممن استعمل فقد غش الله وغش رسوله وغش جماعة المسلمين». و «أيما رجل أم قوما وهم له كارهون لم تجز صلاته أذنيه». وقال : «كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته، فالأمير الذي على الناس راع وهو مسؤول عن رعيته، والرجل راع على أهل بيته وهو مسؤول عنهم، والمرأة راعية على بيت بعلها وهي مسؤولة عنه ، والعبد راع على مال سيده وهو مسؤول عنه. ألا فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته». وتقول كتب السيرة: وقف عليه الصلاة والسلام خطيبا ذات يوم فقال : أما بعد: «فإني أستعمل الرجل منكم على العمل مما ولاني الله فيأتي فيقول : هذا لكم، وهذا أُهدي إلي. أفلا جلس في بيت أبيه حتى تأتيه هديته إن كان صادقا؟ والله لا يأخذ أحد منكم شيئا بغير حقه إلا لقي الله يحمله يوم القيامة. اللهم هل بلغت». نعم يا رسول الله لقد بلغت الرسالة وأديت الأمانة ، ونصحت الأمة وجاهدت في سبيل الله حتى أتاك اليقين فجزاك الله بأفضل ما جازى به نبيا عن أمته. ولنقرأ هذا النبأ الذي ترويه كتب السيرة في أكثر من موضع ودلالته ناطقة بحرمانية انتهاب الأموال العامة. أهدى رفاعة بن زيد للرسول خادما، وفي غزوة وادي القرى أصابه سهم وهو يحط رحل رسول الله صلى الله عليه وسلم . فأقبل الصحابة على الرسول يعزونه ويقولون : هنيئا له يا رسول الله لقد ذهب شهيدا. فأجابهم الرسول صلى الله عليه وسلم قائلا : «وما يدريكم ؟ إن الشملة التي أخذها يوم خيبر لتشتعل عليه نارا». يا أمان الخائفين مجرد شملة، أوقعته في النار وأشعلتها فيه، فما هو يا ترى مصير الذين ينهبون كل ما تصل إليه أيديهم من مال الله أو من المال العام أو مال اليتامى؟ السطر الأخير : من قصيدة لأحمد شوقي: وما استعصى على قوم منال إذا الإقدام كان لهم ركابا