تساهلت الإدارة الأميركية في موقفها من رحيل الرئيس السوري بشار الأسد، مع محاولات حثيثة للدفع للمضي قدما في دعم اجتماع نيويورك ومشاركة كل الأطراف من مجموعة أصدقاء سوريا في المناقشات، والدفع للخروج بنتائج واضحة تسهم في حل الأزمة السورية، وبدء التفاوض بين المعارضة والنظام السوري، مع مطلع يناير (كانون الثاني)، لتركيز الجهود نحو مكافحة تنظيم داعش. ويجري الإعداد على قدم وساق لاجتماع نيويورك غدا الجمعة، لمناقشة عملية الانتقال السياسي في سوريا الذي تستضيفه الأمم المتحدة، وتشارك فيه 18 دولة، بهدف التوصل إلى نص قرار يصدره مجلس الأمن - الذي تترأس الولايات المتحدة دورته الحالية - حول تفاصيل عملية الانتقال السياسي والجدول الزمني لتحقيقه. وتتوقع الإدارة الأميركية تقدما حقيقيا حول الأزمة السورية يخرج به اجتماع نيويورك، مع توجه قوي داخل البيت الأبيض يدعو إلى حل الحرب الأهلية في سوريا كأمر ضروري لهزيمة تنظيم داعش. ومن المقرر أن يلتقي وزير الخارجية الأميركي مع الرئيس أوباما ونائب الرئيس جو بايدن مساء (أمس) بالبيت الأبيض، لإطلاع الرئيس على نتائج المفاوضات مع الجانب الروسي وتحضيرات اجتماعات نيويورك غدا الجمعة. من جانبها، تعمل الحكومة الأردنية على وضع اللمسات الأخيرة لتقديم قائمتين خلال اجتماعات نيويورك، الأولى للإرهابيين والمتعاملين مع الجماعات الجهادية والمتطرفة، والأخرى للمعارضة المعتدلة وفريق المفاوضين من المعارضة السورية لإجراء المحادثات مع حكومة الأسد. وخضعت الولايات المتحدة لاشتراطات ومطالب روسيا من أجل عقد اجتماع نيويورك، وتساهل وزير الخارجية الأميركية في موقف بلاده من رحيل الأسد من الحكم، قائلا للصحافيين في العاصمة الروسية عقب لقائه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن «الولايات المتحدة وشركاءها لا يسعون إلى تغيير النظام في سوريا». وقال كيري: «التركيز الآن ليس على خلافاتنا، وحول ما يمكن أو لا يمكن القيام به على الفور بشأن الأسد. وبدلا من ذلك، التركيز على كيفية تسهيل عملية السلام بحيث يكون للسوريين القدرة على اتخاذ القرار بشأن مستقبل سوريا». وقال كيري: «لا يمكن إجبار أحد على الاختيار ما بين ديكتاتور أو إرهابيين»، ووصف مطالب المعارضة السورية برحيل الأسد فور بدء محادثات السلام، بأنه «موقف لا يدعو إلى بدء محادثات». في الوقت نفسه أكد كيري مسؤولية الأسد عن جرائم وانتهاكات حقوق الإنسان في سوريا وشن هجمات كيماوية، وأنه لا يمكن أن يقود سوريا. وخلال المحادثات بين وزيري خارجية البلدين وضعت روسيا شروطًا تتعلق بتشكيل وفد المعارضة السورية، وأبدت تمسكها ببقاء الأسد خلال المرحلة الانتقالية. واتفق كيري مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على أن أي معارض سوري يتعاطف أو ينتمي إلى جبهة النصرة وتنظيمي القاعدة وداعش، لا ينبغي مشاركته في أي محادثات سلام سوريا. وكانت موسكو وواشنطن على خلاف حول سبل إنهاء الحرب السورية، ونقطة الخلاف الرئيسية في المحادثات هي مصير الأسد وبقاؤه أم رحيله. وشهد اجتماع كيري ولافروف أول من أمس، مفاوضات شاقة استمرت أكتر من ثلاث ساعات طالب خلالها وزير الخارجية الروسي بإعادة تشكيل قائمة المعارضة السورية التي ستتفاوض مع الوفد الحكومي السوري، مشددا على أن المعارضة السورية الممثلة يجب أن تكون مستعدة للتفاوض بطريقة بناءة مع الوفد الحكومي، وتتماشى مع المبادئ التي وافقت عليها مجموعة أصدقاء سوريا في اجتماعات فيينا. وحول الاستعدادات لاجتماع نيويورك، قال جون كيري، المتحدث باسم الخارجية الأميركية، إن الاجتماعات ستشهد كثيرا من المناقشات الثنائية بين وزير الخارجية الأميركي ونظرائه من الدول المشاركة في مناقشات الحل السياسي في سوريا، مشيرا إلى مشاركة 18 دولة، إضافة إلى جامعة الدول العربية والاتحاد الأوروبي، حيث تعقد الاجتماعات في مقر الأمم المتحدة. وأوضح كيري للصحافيين، مساء أول من أمس، أن المناقشات خلال الجلسات الأولى للاجتماع ستركز بشكل أساسي على النتائج التي خرجت بها جولة المحادثات الأخيرة للمجموعة الدولية لدعم سوريا في فيينا في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وتنفيذ بيان جنيف لعام 2012 وبدء محادثات سلام رسمية بين ممثلي المعارضة وممثلي الحكومة السورية في الأول من يناير، بهدف محاولة التوصل إلى حل يجسد ويقنن نتائج اجتماعات فيينا، والخروج بقرار من مجلس الأمن ينص على هذا المسار لحل الأزمة السورية. وأشار المتحدث باسم الخارجية الأميركية إلى أن الحكومة الأردنية تقوم بتنسيق وتحديد المجموعات التي ستمثل المعارضة السورية للجلوس مع نظام الأسد في الموعد المستهدف في مطلع العام المقبل. وقال إن «وزير الخارجية كيري يؤمن بأمرين؛ الأول أن هناك زخما يجب حشد المجتمع الدولي حوله، للاستمرار قدما، والثاني أن هذه اللقاءات تؤدي إلى نتائج فعلية».