أكد خبير سعودي في تقنية السمات الحيوية المختلفة وتطبيقاتها في المجال الأمني، أن بصمة الدماغ، حال العمل بها، تقود وبدقة إلى التعرف على الإرهابيين، ومن خطط وساهم ودعم ونفذ أي عمل إرهابي أو إجرامي حتى قبل وقوعه، مشيرًا إلى أن هذه التقنية تمكن السلطات في أي بلد من العالم من التعرف على الخلايا الإرهابية النائمة، موضحًا أن ذلك يتم عن طريق الكشف عن معلومات وسجلات الجرائم الإرهابية، إن كانت تخطيطًا أو تدريبًا أو إعدادًا أو تنفيذًا، والتي تكون مخزّنة في أدمغة المتهمين، مما يجنب العالم المزيد من الإرهاب التي اكتوت بناره معظم دول العالم وتسبب في خسائر بشرية ومادية كبيرة، ناهيك بتأثيراته على الاقتصاد العالمي. وأبلغ «الشرق الأوسط» الدكتور عادل العيد، خبير تقنية السمات الحيوية في جانبها الأمني، أن التقارير العالمية تشير إلى أن التأثير الاقتصادي للإرهاب على الاقتصاد العالمي، سجل خلال العام الماضي خسائر قدرة بمبلغ 14.3 تريليون دولار، وهو يُشكّل ما نسبته 13.4 في المائة، من الناتج الإجمالي العالمي، ويعادل مجموع اقتصادات البرازيل، وكندا، وفرنسا، وألمانيا، وإسبانيا، وبريطانيا، مرجعًا ذلك إلى الزيادة الكبيرة في التكاليف الناتجة عن ارتفاع معدلات نمو الإرهاب وعملية التصدي له ومحاربته على صعيد المجالات المتعددة. وأورد في هذا السياق تقرير مركز السلام العالمي الذي أشار إلى أن الحساب الشامل للنفقات العسكرية على مستوى العالم، يشمل نحو ثلاثة تريليونات دولار، وهو ما يعادل نحو ضعف موازنات الشركات الأربع الكبرى في الولايات المتحدة وهي، «آبل»، و«إكسون موبيل»، و«غوغل»، و«مايكروسوفت»، لافتًا إلى أن الخسائر الناجمة عن الإرهاب بجميع أنواعه بلغت تكلفتها تريليوني دولار، في حين أن الخسائر الناجمة عن الصراعات في العالم تبلغ 817 مليار دولار. وأشار في هذا الصدد إلى أن السعودية التي اكتوت بنار الإرهاب وجرائمه كثيرًا، صرفت على محاربة الإرهاب، نحو 619 مليار ريال (165 مليار دولار)، وواجهته بحزم وقوة وصبر وإصرار، فهزمته وانتصرت عليه، وأصبحت نموذجًا عالميا تحتذيها الدول في مكافحة الإرهاب. وشنت السعودية منذ 2003 حملة شرسة على الإرهاب لتقويض وتجفيف منابعه، حتى وصل بالإرهابيين في عام 2009 إلى القيام بمحاولة اغتيال الأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية السعودي، عندما كان مساعدًا لوزير الداخلية للشؤون الأمنية (آنذاك). كما انتهجت السعودية، جهودًا وخططًا متوازية لم تقتصر على الجانب الأمني فقط، بل تزامن معها مشاريع فكرية واجتماعية وتوعوية، ولجان مناصحة واحتواء، ورعاية للمغرر بهم. وعرض العيد، الذي يملك تجربة ثلاثة عقود في تقنيات السمات الحيوية المختلفة وتطبيقها في المجال الأمني، تقنية بصمة الدماغ التي تعد ثورة علمية، وتساعد على كشف الإرهابيين والمجرمين من خلال الموجات التي وضعها الله سبحانه وتعالى في أدمغة البشر لتعمل بتناغم فريد، موضحًا أن تقنية بصمة الدماغ، تمكننا من التعرف وبدقة على الإرهابيين ومن خطط وساهم ودعم، حتى قبل وقوع العمل الإرهابي. وذلك عن طريق الكشف عن معلومات تلك الجرائم الإرهابية إن كانت تخطيطا أو تدريبا أو إعدادا وتنفيذا، حيث إن المعلومات مخزنة في أدمغة المتهمين. كما يمكن التعرف على الخلايا النائمة من خلال استجواب المتهمين بواسطة هذه التقنية. وأضاف: «هذا ليس خيالا علميا، فقد تم اختباره وثبتت دقته كنتائج من خلال مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي، ووكالة المخابرات المركزية الأميركية، وفي البحرية الأميركية، كما أصبحت هذه التقنية مقبولة في بعض المحاكم الأميركية. وقال خبير السمات الحيوية في السعودية، إن العمليات الإرهابية، منذ أحداث 11 من سبتمبر (أيلول) 2001 في نيويورك، وما تلاها من عمليات إرهابية في معظم دول العالم، كان البعض منها معروفا من قام بها أو ساهم في تنفيذها للسلطات. والكثير منها قيدت ضد مجهول، لافتقارها لما يكفي من الأدلة عن الفاعلين، فوقفت السلطات حائرة في اتخاذ أي إجراء. ونتيجة لهذا النقص في المعلومات حول المشتبه بهم من الإرهابيين، ومن خطط لسفك الدماء البريئة وترويع الآخرين، يتطلب الاستفادة من هذه التقنية، التي يمكن من خلالها الكشف بدقة ليس فقط على الأشخاص الذين ارتكبوا جرائم الماضي، ولكن أيضًا من يشاركون في التخطيط أو التدريب، وكذا الكشف عن الخلايا النائمة التي تخطط لهجمات إرهابية في المستقبل. وذكر العيد أن تقنية بصمة الدماغ تم اختبارها منذ أكثر من 10 سنوات، وأعطت نتائج مبهره بكفاءة عالية، تصل إلى نسبة 99 في المائة، من خلال النتائج التي توصلت إليها كل مكاتب التحقيقات الأميركي، ووكالة المخابرات المركزية، وأماكن أخرى. كما أنها مقبولة في بعض الدوائر القضائية في الولايات المتحدة الأميركية لكونها ساعدت في القبض على قاتل كان هاربا من العدالة، وساعدت أيضًا على تبرئة رجل أدين بجريمة قتل. فهي توفر حزمة من الأدلة الموثوق بها، وهي حل علمي دقيق للكشف عن الإرهابيين بدقة متناهية. وتقدم تقنية بصمات الدماغ حلا علميا ودقيقا للمشكلة، وذلك بالكشف عن سجل الأعمال الإرهابية المخزن في أدمغة المتهمين، عن طريق قياس الموجات الدماغية. وعن كيفية عمل تقنية بصمة الدماغ وتطبيقاتها الممكنة، قال خبير السمات الحيوية، إن «الفرق الأساسي بين شخص ارتكب عملا إرهابيا أو جريمة وعنده معلومات عنها وشخص بريء، وهو أن الجاني بعد أن ارتكب الجريمة لديه المعرفة المحددة للجريمة التي تم تخزينها في دماغه تلقائيًا، وهذا ينطبق على العقل المدبر والمشارك والمساعد أيضًا، فيتم عرض الكلمات أو الصور أو الأجهزة ذات الصلة بالعمل الإرهابي على شاشة الكومبيوتر، كما يربط حزام على رأس المتهم موصول بجهاز الكمبيوتر، فيتم قياس ردود الموجات التي تعمل في عقل المتهم أو المشتبه به من دون أي عملية جراحية، وذلك باستخدام سماعة مزودة بأجهزة استشعار (EEG) وبرنامج كومبيوتر ليتم تحليل البيانات لتحديد ما إذا كان هناك معلومات تدل على ضلوعه في تلك العمليات». وأرجع العيد اكتشاف هذه التقنية إلى العالم الأميركي الدكتور فارويل، الذي سجل براءة اختراع لهذا الاكتشاف من خلال توصله إلى استجابة موجة في الدماغ اسمها P300 التي تنبعث من الجاني بتفاصيل الجريمة التي تم تخزينها في الدماغ، وهو ما سيمكن تطبيق هذه التقنية على مكافحة الإرهاب. وكذلك على العدالة الجنائية، ليتسنى التعرف على مرتكبي ومخططي الأعمال الإرهابية والإجرامية ومن على شاكلتهم، مثل صانعي القنابل والمتفجرات وأعضاء الخلايا النائمة حتى قبل التنفيذ. كما يمكن استخدام هذه التقنية في المجالات الطبية مثل اختبارات ألزهايمر لتشخيص وقياس فعالية العلاج، أو تحديد مدى عمل الدماغ أو نسبة التحسن لدى الشخص المريض. وشدد على أهمية وجود قاعدة معلومات عن الإرهابيين، ليتسنى التفريق بين الأبرياء، وبين الإرهابيين المشتبه بهم، مع الحفاظ على خصوصية الشخص.