نحن في مرحلة الحكومة الذكية، وكلما مر عام أو أطلت قمة حكومية جديدة، رأينا وسمعنا وقرأنا وعرفنا شواهد جديدة تدل على التقدم في تحقيق وتطبيق الحكومة الذكية، وقبل أيام تكلمنا عن البرنامج الزمني للمشروع، وأن المسؤولين، بدءاً بالوزراء، مسؤولون فعلا وحقًّا، عن التنفيذ في خلال المدة المرسومة، وذلك تحت طائلة المسؤولية والمساءلة. نأتي إلى تفاصيل ذلك في المستقبل القريب كلما أتيحت فرصة أو جد مستجد، ونتكلم اليوم عن بعض مسائل عالقة أو ما زالت عالقة من مرحلة الحكومة الإلكترونية التي يفترض أننا أنجزناها وانتهينا منها منذ زمن ليس بقليل نسبياً. من آثار مرحلة الحكومة الإلكترونية تطبيقاتها في خدمات واتصالات المؤسسات الحكومية، فهل يتساوى أداؤها، لهذه الجهة، أم يتفاوت إلى درجة واضحة لا تخفى على أحد؟ لن نذهب بعيداً أو عميقاً، ويمكن لمن أراد التأكد من القصد اختيار نماذج لقطاعات وإدارات متعددة ثم الاتصال بها أي ببدالاتها: كم يستغرق الرد من زمن هنا وهناك؟ لا تفاجأ إذا رأيت في ذلك عجباً. نحو معالجة إلكترونية لذلك بادر عدد كبير من مؤسساتنا الحكومية الاتحادية والمحلية إلى استخدام البدالات الآلية، حيث الخيارات المتعددة. طبعاً كان القصد من وراء ذلك حل المشكلة والتسهيل على جمهور المتصلين، لكن هذا الإجراء تحول لدى بعض المؤسسات، بل الكثير منها، إلى أسلوب تعذيب حقيقي، ومجتمعنا يعرف بالضبط ما يراد هنا، فالمعاناة حقيقية وعامة. طبعا من الصعب تصديق هؤلاء حين يتحدثون اليوم عن تطبيقات مبتكرة على المحمول. من أراد التقدم حققه عبر أيمن وأيسر الطرق، فيما دخلت هذه المؤسسات العصر الإلكتروني من غير استعداد، فبدا لها كالمتاهة، فلم تستطع المضي في هذا الطريق ولم تقو على الرجوع، مع أن السلامة أحياناً في الإياب. في مسألة قياس الأداء بالأساليب الحديثة مع الاستفادة من التقنية هناك تفاوت واضح، وفي استخدام الوسائل الإلكترونية في التعليم والصحة والعمل والشؤون الاجتماعية والخدمات الحكومية في المجمل والمفصل هناك تفاوت واضح. التفاوت الواضح يتحول إذا ترك وأهمل إلى تفاوت فاضح، والمفترض أن المنظومة الحكومية واحدة، ومتقاربة في أدائها، أو قل يفترض أن أداءها العام لا يقل عن حد أدنى محدد. إن النيات وحدها، مهما أخلصت، لا توصل إلى الأهداف المطلوبة، ولا بد من الخطة والمتابعة والجدية في العمل. لا بد من الرقابة ولها طرقها الجديدة خارج السياق النمطي الذي أثبت فشله. في المقابل، نحو إكمال صورة المشهد، لدينا مؤسسات تفوقت في الاستفادة القصوى من الأساليب الإلكترونية والتقنية الجديدة، ما جعلها مؤهلة تماماً لدخول عصر الحكومة الذكية من أوسع الأبواب. ولا مكان في مستقبل الإمارات للمتخلفين والمتخاذلين والفاشلين. نعم نعم، والأيام بيننا. ebn-aldeera@alkhaleej.ae