أكد الدكتور عبد العزيز التويجري، مدير عام المنظمة الإسلامية للتربية والثقافة والعلوم «إيسيسكو» لـ«الشرق الأوسط» أن التحالف الإسلامي، الذي شكلته السعودية لمحاربة الإرهاب، يثبت مواقف الدول الإسلامية الأصيلة الرافضة للإرهاب، ويؤكد أنهم يشاركون بقوة للقضاء على تلك الآفة، ومحاصرة مصادرها ومن يدعمها. وأكد الدكتور التويجري ضرورة توحيد الصفوف والمصالح أمام الخطر الذي يحدق بالأمة الإسلامية وعدم الانشغال بقضايا هامشية تحاول صرف المجتمعات عن التحديات الرئيسية الماثلة أمامها، مضيفا أن الذين يقومون بعمليات الإرهاب لا علاقة لهم بالدين الإسلامي، كما أن «داعش» ليست دولة وليست إسلامية، بل مجموعة من العصابات التي تجمعت من آفاق شتى، ويقف وراءها من يمولها ويسلحها. وذكر مدير عام «إيسيسكو» أن البعض يتحدث عن الإرهاب الذي تورط فيه بعض المنتمين للسنّة، ولا يتطرقون للجانب الآخر، مشيرًا إلى أن هناك أكثر من 30 منظمة شيعية إرهابية في العراق تقتل على الهوية وهي تنشط أيضًا في سوريا، وتحارب إلى جانب نظام الأسد، وأبرزها قوات الحرس الثوري الإيراني وحزب الله وعصائب أهل الحق وكتائب أبو الفضل العباس والفاطميون من أفغانستان والزينبيون من باكستان، مؤكدا أن روسيا التقت مع تلك التنظيمات لظلم الشعب السوري وإدامة معاناته. وشدد الدكتور التويجري على ضرورة تجاهل الخلافات بين دول العالم الإسلامي، وأن تحدد مواقفها بشكل أقوى، وأن تسير مع الوحدة الإسلامية، في إطار احترام الخصوصية المذهبية، ومنع التدخل في شؤون الدول أو السعي لإثارة الفتنة بين الشعوب، ومحاصرة المتطرفين الذين يسعون لزعزعة الأمن. ولفت مدير عام «إيسيسكو» إلى أن السبب وراء اتهام الدول الإسلامية بدعم الإرهاب، هو الدعاية المضللة التي تروج عنها من قبل أعدائها، ووجود بعض العناصر في بعض الدول الغربية الذين يدّعون تعرضهم للظلم في بعض البلاد الإسلامية، مؤكدا أن هناك مراكز حملت عناوين بريئة للأبحاث والدراسات تمول من قبل بعض الجهات المعروفة بعدائها، وينشط أصحاب المراكز في صفوف الأحزاب السياسية في الغرب، وفي أوساط الإعلام، فينقلون الأكاذيب التي لا تستند لحقائق دامغة، لكنها تجد من يأخذ بها ويتبناها، كما جرى أخيرا مع نائب المستشارة الألمانية الذي أطلق تصريحات غير موضوعية أساءت للسعودية. وأشار الدكتور التويجري إلى أن التطرف والإرهاب يستهدف السعودية في المقام الأول، التي عانت من إجرام كثير من الإرهابيين قديما وحديثا، و«ما زالت (داعش) وغيرها تستهدف أمن السعودية وتعلن ذلك صراحة». وأعاد في سياق متصل سبب التطرف إلى سياسة الكيل بمكيالين التي اتخذها الغرب، وفي طليعته الولايات المتحدة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، حيث نشأت في كثير من النفوس والعقول مواقف معادية لتلك السياسات الظالمة، ثم الموقف من سوريا وما يجري لقضية الشعب السوري من تمييع، ودخول روسيا علانية للقتال إلى جانب النظام السوري الذي بطش في شعبه وقتله وهجّره من المدن والقرى، والتغاضي عن معاناة المسلمين في ميانمار، وكذلك ما تعرضوا له في أفريقيا الوسطى. ووصف ما جرى في البلدان العربية خلال الأعوام الخمسة الأخيرة، بأنه ليس ربيعا عربيا، وإنما خريف مزمجر، خلف وراءه الحرب ومجموعات تقاتل بعضها بعضا، أنتجتها الفوضى الخلّاقة التي تهدف لتقسيم المنطقة على أسس عرقية ومذهبية وطائفية، وهو ما يراد للعراق وليبيا وسوريا. وأضاف أن هناك جهات متصارعة في البلدان العربية لا تندرج تحت مشروع وطني ينظم الدولة ويحافظ على كيانها، كما يحدث حاليا من قبل جماعة الحوثي في اليمن الذين يتحركون بتوجيهات من قبل دولة إقليمية كبرى تسعى لتهديد أمن السعودية ودول الخليج العربي وإحداث الاضطرابات والقلاقل في المنطقة من قبل منظمات مسيحية. وأعلنت 34 دولة إسلامية ليلة أمس (الثلاثاء)، تشكيل تحالف لمحاربة الإرهاب، تقوده السعودية، تأكيدًا على مبادئ وأهداف ميثاق منظمة التعاون الإسلامي التي تدعو الدول الأعضاء إلى التعاون لمكافحة الإرهاب بجميع أشكاله ومظاهره، وترفض كل مبرر أو عذر للإرهاب. كما يأتي تحقيقًا للتكامل ورص الصفوف وتوحيد الجهود لمكافحة الإرهاب الذي يهتك حرمة النفس المعصومة ويهدد الأمن والسلام الإقليمي والدولي، ويشكل خطرًا على المصالح الحيوية للأمة، ويخل بنظام التعايش فيها. وأقرت دول التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب، تأسيس مركز عمليات مشتركة في العاصمة السعودية الرياض لتنسيق ودعم العمليات العسكرية لمحاربة الإرهاب وتطوير البرامج والآليات اللازمة لدعم تلك الجهود، كما سيتم وضع الترتيبات المناسبة للتنسيق مع الدول الصديقة والمحبة للسلام والجهات الدولية في سبيل خدمة المجهود الدولي لمكافحة الإرهاب وحفظ السلم والأمن الدوليين.