نتطرق كثيراً لهذه الكلمة لمن نكن لهم المودة أو لمن تربطنا بهم علاقة مهما كان مسماها حين نُستشار من قبلهم بأي أمر ونترك لهم حرية القرار والخيار فيما يرونه صائباً وصحيحا وهو المفروض علينا تجاه من يطلب منا الاستشارة. فالمستشار (مؤتمن) أي إنه حُمل أمانة عظيمة في الإدلاء برأيه الصحيح مهما كان مجحفا أو مؤلما أو صادقا لأنه سيحاسب عليه أمام الله سبحانه وتعالى. ولكن كيف إن كان هذا المؤتمن أباً أو أماً؟ وكيف إن كان قد استشير في حد من حدود الله وواجب من واجباته سبحانه وتعالى هل هنا تكون ردة الفعل كلمة (أنت بخيار)؟. فتاة في عمر الزهور.. ذلك العمر الجميل الذي يسعى للدنيا سعياً حثيثاً قبل أن تغلب عليه التربية الذاتية أو البيئة المجتمعية والتي تحد من إقباله على الدنيا أو التنحي عنها. تأتي لمصدر ثقتها الكامل (والدتها) لتستشيرها في لبس الحجاب أو في عدمه مع العلم أن الفتاة قد وصلت لمرحلة البلوغ فيأتي الرد غريبا (أنت بخيار). لا تفعلي شيئاً لمجرد أنه لا بد منه، لا تفعلي شيئا لست مقتنعة به، لا تسمعي لكلمة معلم أو نصح قريب ولا تقرئي فتوى عالم، بل اسمعي كلامك انت وما بداخلك أنت حتى إن تحجبتِ سيكون بقناعة تامة منك ولن تنزعيه بعدها أبدا!!. فكان للفتاة ذلك، وللأسف وما زالت حتى الآن مع بلوغها سن الثامنة عشرة ليست مقتنعة بلبسه، هل هذا هو الخيار؟ وهل تملك الفتاة هنا حق الخيار؟. كيف ذلك وهي في عمر لم يكد عقلها ينضج؟. كيف لها الخيار والشرع قد أمر بالحجاب وأقره وأمر الوالدين بتطبيقه بالإجبار وليس بالخيار؟. قس على ذلك .. سفر الفتاة بلا محرم، قطع الفتاة أرحامها لعدم رغبتها بالزيارة، اهمال الفتى وتركه للدنيا وللصحبة السيئة ودفعه لها لمجرد أنهم ذوو ريادة بالبلد، ترك الرجل والديه وانصرافه لعائلته، والكثير الكثير من الأمور التي ليس لدينا حق الخيار فيها بل علينا ان نفعلها لأنه من المفروض فعلها وليس من الخيار. ومن الناحية الأخرى، كيف لي ان أتشدق بحب أبنائي وأهلي وزوجي وأنا ألقي بهم في أحضان الدنيا وأعلم أنهم سيحاسبون على تركهم حقوق الله وواجباته، أو أحضن فتاتي الصغيرة وأدعي حبي العميق لها وبعد ذلك أعطيها الخيار في ترك واجباتها الشرعية وانا أعلم أنها ستحاسب وسيكون كل أمر تفعله مكتوبا، وإن فرضت أن هذا الأمر لا يشّكل لي أهمية، إذا أين حبي لنفسي في هذه اللحظة وأنا اعلم أني سأُحاسب على تربيتي لهؤلاء الأبناء وعلى تأديتي للأمانة فيهم. (أنت بخيار) فلندع هذه الكلمة خارج قاموس حياتنا ولنكن حقاً مؤتمنين على كل من استشار، ولكل من كان له حق علينا، ولأبنائنا الذين من واجبنا ان نوصلهم لبر الأمان قبل أن تقبض أرواحنا. (أنت بخيار) لتكن هذه الكلمة في الأوامر غير الشرعية، لتكن في الأمور الحياتية المجتمعية وغيرها. (أنت بخيار) لتكن هذه الكلمة تابعة لصدق الاستشارة وصريح العبارة وتأدية الأمانة، حتى لا نكون بموضع حساب. (أنت بخيار).. كلمة قد تلقي بأعز وأحب الناس إلينا في متاهات لا يستطيع الخروج منها ولم يستطع الخروج منها لأن الخيار منذ البداية كان خاطئاً.