بعد أحد الإخفاقات للمنتخب السعودي، كتب أحدهم مقالا يحمل انتقادات لاذعة ضد المسؤول عما حدث حينها، مما أثار غضب ذلك المسؤول قبل أن يطلب من الكاتب الاعتذار، ولم تفلح محاولات كاتبنا في الاعتذار ضمنيا ثم شفهيا ثم خطيا، بعدما أصر الطرف الأول على أن يكون الاعتذار في المكان نفسه الذي نشر فيه المقال، ويمكن تلخيص الحكاية بأن مسؤولنا «نشب» في حلق من انتقده حتى نشر مقالا في اليوم التالي يناقض ما قاله بالأمس اعتذارا عن الرأي الذي لم يعجب المسؤول! حدث هذا قبل سنوات وكنا ننظر إلى الأمر على أنه يوازي ظروف ومتطلبات تلك المرحلة التي مضت بحلوها وعلقمها، قبل أن يدشن الأمير نواف بن فيصل عهدا جديدا يوازي أيضا متطلبات المرحلة الحالية، ولا يختلف اثنان على أن الأمير قاد تغييرا مهما في الرئاسة العامة لرعاية الشباب رغم المصاعب الإدارية والمالية التي تعانيها هذه المنظومة، خاصة أنه يمتلك رؤية منحته القدرة على أن يميز بين الدور الثانوي للمسؤول والدور الرئيسي، مما جعله يبتعد عن التشبث باتحاد كرة القدم، والالتفات إلى دوره الأهم كرجل دولة يقود سياسة بلاده نحو نهضة قطاع الشباب الذي يمثل واجهة ومقياسا لمدى تحضر المجتمعات والأمم. ورغم الخطوات الإيجابية الأخيرة في الرئاسة العامة، فإن المسؤولين فيها ما زالوا ينظرون إلى الإعلام على أنه «فضولي» ويبحث عن أمور لا ناقة له فيها ولا جمل، مع أن الإعلام يمثل سلطة رابعة لا يمكن تهميشها من خلال استمالتها بعبارات على نحو «شريك»، أو تكذيبها من خلال العبارة الشهيرة «عار من الصحة جملة وتفصيلا»، وخلال الأسبوعين الماضيين ترددت عبارة «المقام السامي» على ألسنة المسؤولين في الرئاسة العامة لرعاية الشباب واتحاد كرة القدم من خلال تصريحات تلفزيونية لا تحتمل الإنكار، فالإعلام لم يضع اللفظ في أفواه المسؤولين في الرئاسة، وما قالوه كان عبر أجهزة التلفاز وبعض تلك التصريحات كان على الهواء! وحين رجعت إلى تلك التصريحات وجدت أن نصفها عبارات مبتورة وعائمة، ونصفها الآخر عبارات صريحة تتحدث عن دعم حكومي، واختصاص للجهات العليا، وحلول من ذات الجهات، غير أن الحصيلة كانت تصريحات واضحة لا تقبل النفي من خلال اتهام الإعلام بعدم الفهم والنقل بطريقة خاطئة! كنت أتمنى لو كان الرئيس العام أو رئيس اتحاد كرة القدم قد بادر إلى الاعتذار عن المعلومات الخاطئة بدلا من اتهام الإعلام بعدم القدرة على الفهم والنقل الخاطئ، لأنهما يمتلكان شجاعة المسؤول، وهذا ما ظهر في أكثر من موقف، ما ننتظره جميعا أن يعتذرا للإعلام حتى لا يدشنا عهدهما بأخطاء، من شأنها أن تستمر وتبعث سلبيات التعامل مع الإعلام مجددا من خلال تكرار أخطاء العقود الماضية، تلك السلبيات التي أفرزت كثيرا من المنافقين وفي المقابل كثيرا من المتشنجين والمحتقنين حتى أصبحنا لا نعرف الإعلامي من موظف الرئاسة ولا الناقد من الحاقد!