يصلح هذا الوصف ليكون مفتاحاً في فك شيفرة مجموعة من المفاهيم والمصطلحات المتّصلة، والتي يجري تداولها بطريقة بعيدة عن معطياتها العلميّة، إضافة إلى «إخفاء» مضامينها الكارثيّة فعليّاً. ولعل الخلاصة الأولى الممكنة من ذلك الوصف هو أن الخفض القوي والطموح لإنبعاث غازات التلوّث بالكاد يكفي لإبطاء مسار التغيّر المناخي. فحتى لو توقّف فوراً انبعاث غازات التلوّث كلها، يبقى «الدثار» الذي كوّنته غازات التلوث منذ الثورة الصناعيّة في القرن التاسع عشر، ما يعني بقاء ظاهرة الاحتباس الحراري الخارج عن التوازن الطبيعي، مع ما يرافق تلك الظاهرة من كوارث بيئيّة ومناخيّة. وبذا، يكون مصطلح كـ «الخفض الطموح» أقل كثيراً مما تحمله رنين الكلمات، لأنه لا يزيد عن كونه خفضاً لغازات التلوّث (بمعنى أنها مستمرة)، بما يلجم الزيادة في حرارة الأرض عن مستواها حاضراً (وهو مرتفع ومخل بالتوازن الطبيعي)، بما يتراوح بين 2 و 1.5 درجة مئوية. خلاصة؟ ما يوصف بأنه خفض طموح، ليس طموحاً بالمرّة، بل هو مجرد محاولة لوضع مكابح على عربة تسير نحو الهاوية. وتتمثّل الخلاصة الثانية في أنّ مسؤوليّة الدول الصناعيّة الغربيّة عن المناخ ليست ضرباً من الخطاب السياسي ولا انحيازاً أيديولوجيّاً، بل هو وصف تقريري عن واقع حال المناخ. تأتي المسؤولية من أنّ القسم الأعظم من «دثار» غازات التلوّث المستقر حول الأرض، والمسؤول عن بقاء ظاهرة احترار الأرض حتى لو توقّف التلوث كليّاً، خرج من صناعة دول الغرب ومواصلاتها ومحطاتها الكهربائية وغيرها. ويعني ذلك أن تلك المسؤولية الثابتة هي المدخل لنقاش دور دول باتت تساهم في تلوّث الغلاف الجوي للأرض، خصوصاً الصين وبدرجة أقل الهند، لا أن يكون التلوّث الحديث العهد الآتي من تلك الدول هو المدخل لما سمّته دول الغرب الصناعي «المسؤولية المشتركة» عن المناخ!