يقوم كبير مسؤولي شؤون الإرهاب والاستخبارات المالية في وزارة الخزانة الأميركية بزيارة إلى أوروبا، لمناقشة جهود التمويل المشترك لمكافحة الإرهاب، والوضع القائم للاتفاق العالمي بشأن برنامج إيران النووي. وستكون المحادثات بشأن جهود التمويل واضحة بما فيه الكفاية، لكن تلك التي تتعلق بالبرنامج النووي الإيراني ربما تصبح وعرة. وفي غضون الأشهر القليلة الماضية، توجه بعض المستثمرين من أوروبا وآسيا إلى طهران، بغية البحث عن صفقات تلي رفع العقوبات، ولتعزيز الآمال الإيرانية بأن رفع العقوبات الدولية سيعود على البلاد باستثمارات كبيرة. وفي الوقت ذاته؛ يقدم مسؤولو وزارة الخزانة أخبارا متضاربة: إذ تستعد الولايات المتحدة للوفاء بالتزاماتها بشأن تخفيف العقوبات المرتبطة بتنفيذ الاتفاق النووي. ومع ذلك، ما تزال كثير من العقوبات الأميركية المتعلقة بدعم إيران للإرهاب وانتهاكات حقوق الإنسان والتصرفات السلبية الأخرى سارية المفعول. وبعد أيام من تصريحات رئيس البنك المركزي الإيراني في أكتوبر، قامت "فرقة العمل المعنية بالإجراءات المالية"، والتي تضع المعايير العالمية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، بإصدار تقرير آخر فيه توبيخ حاد لإيران بسبب "القصور الاستراتيجي" للبلاد. وقالت فرقة العمل، إن إيران وكوريا الشمالية فقط تطرحان خطر "غسل الأموال وتمويل الإرهاب المستمر"، ما يحتم على المجتمع الدولي تطبيق "تدابير مضادة" فاعلة لحماية النظام المالي العالمي. وينطوي الاستثمار في الأسواق النامية على مخاطر نموذجية؛ فيما يتعلق بإيران، وتشمل هذه المخاطر تفشي الفساد في قطاعي السياسة والأعمال. ثم يأتي الخطر الثاني، المتمثل في الاتفاق الإطار العالمي، بأنه إذا أخلّت إيران بالصفقة، فإن عقوبات "شرط الانقضاء" سيتم فرضها من جديد. ولكن تبرز مخاطر إضافية لممارسة الأعمال التجارية في إيران حتى بعد أن يوضع الاتفاق النووي حيز التنفيذ. ما تزال العقوبات المالية التي تركز على دعم إيران للإرهاب وانتهاكات حقوق الإنسان قائمة، بما في ذلك العقوبات الثانوية التي تؤثر على الشركات خارج نطاق سلطة الولايات المتحدة. فوفقا لتقرير وزارة الخارجية الأميركية حول الإرهاب 2014، ما تزال رعاية إيران للإرهاب، فأكثر من 200 من الشركات والأفراد المرتبطين بإيران ما زالوا مصنفين بأنهم يتصرفون بشكل غير مشروع، وما زالت العقوبات الثانوية المفروضة على "فيلق الحرس الثوري الإسلامي" قائمة، هذا "الحرس" الذي تؤدي زيادة سيطرته على الاقتصاد الإيراني إلى جعل الاستثمار في إيران يطرح إشكالا بشكل خاص. وزارة الخزانة الأميركية ترى أن "شركة النفط الوطنية الإيرانية" عميلة أو تابعة للحرس الثوري. فمن شبه المستحيل الانخراط في مجال الأعمال التجارية في إيران دون التعامل مع الحرس الثوري بشكل أو بآخر. بعد وقت قصير من وقوع الهجمات الإرهابية في باريس 13 نوفمبر، شدد قادة دول "مجموعة العشرين" على التزام المجموعة بـ"التصدي لقنوات تمويل الإرهاب" وعلى أهمية التطبيق السريع لمعايير فرقة العمل المعنية بالإجراءات المالية في جميع الاختصاصات". وجوهريا، التزمت الحكومات الأوروبية بالفعل بالعمل بجانب من جوانب الرسالة التي يوصلها مسؤولو وزارة الخزانة الأميركية هذا الأسبوع.