الجميع يطلب منك عدم القلق طبيبك النفسي وطبيبك الجسدي وحتى أصدقاؤك. وأكاد أجزم أن كل من يطلب منك ذلك هو نفسه لا يستغني عن القلق فهو ملح الحياة، وإن كان معقولاً فهو حافز قوي على استمرار الحياة وقوة للإنجاز والتحصيل ولكن لو زاد على المعقول فهو عامل مدمر لنا ولسعادتنا. وكما قرأت مرة فإن لم تقلق فأنت قط. ولا أعلم لماذا القط بالذات دون الحيوانات الأخرى؟ للأسف القلق والتعب الجسدي قد يكونان من مستلزمات حياتنا اليومية رغم كل ما لهما من آثار مدمرة. فنحن نستيقظ وننام وربما نسترخي ولكننا أيضاً نفكر وتتجاذبنا الأفكار بين الماضي والحاضر والمستقبل. ومن وجهة نظري فإن التفكير والقلق فيهما بعض المنطق لو كانا عن الحاضر والمستقبل.. ولعلنا قد نملك بعض الآليات لتغيير بعض إستراتيجيات كلا الزمنين. ولكن التفكير في الماضي مؤلم خاصة في بعض أحداثه التي قد تثير لدى الفرد مشاعر من الحسرة والألم والندم. وما يزيد الأمور تعقيداً هو فقداننا القدرة على تغيير ما قد حدث. حقيقةً إن نظرتنا للماضي بكل أحداثه قد لا تفيدنا كثيرا ويكون مجرد القلق عليها مضيعة واستنزافا للصحة وللوقت. ويبقى السؤال قائماً هل نملك القدرة على إيقاف القلق في حياتنا؟ وهل يمكن ألا نفكر كثيراً بالذات فيما مضى؟ أعترف بأن العملية صعبة بل شبه مستحيلة وهي طبائع بشرية فكما نختلف في كثير من السمات فاننا نختلف في مدى كمية القلق لدينا. فالذاكرة كمجرى نهر دافق تتداخل أحداثه وتختلط بين ماض وحاضر ومستقبل. والتذكر عملية آلية بحتة تحصل لنا دون سابق إنذار، والتحكم فى فصلها زمنياً صعب جداً. فلو ركزت على تذكر حدث سار كرحلة للبر فإنك قد لاتنسى خبرة مريرة مررت بها ذلك اليوم كتعطل سيارتك على سبيل المثال، فالحياة حتى في مسراتها وأفراحها لا تخلو من المنغصات. فليس هناك صفاء دائم ولا حزن دائم، الحياة خليط من كل شيء ولولا الحزن والألم لما عرفنا معنى السعادة والراحة. وفى النهاية ما الحل؟ الحقيقة لا حل سوى التفكير المنطقي وعدم جعل الماضي يحتل مساحة كبيرة من حاضرنا ويفقدنا نعمة الاستمتاع باللحظة والتخطيط للمستقبل، فكروا في الماضي كخبرة نتعلم منها. ركزوا على المسرات والأفراح، عيشوا الحاضر وخططوا لمستقبل أفضل واتركوا الباقي على الله. لمراسلة الكاتب: hatallah@alriyadh.net