استوقفني الحديث الشريف : إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له الحديث واضح ولا يحتاج لتفسير فهو بشرى لجميع المسلمين فإن حرمت من الاولى والثانية بسبب عدم وجود ما تتركه كصدقة جارية وحتما أغلبنا ليس لديه أي علم ينتفع به البشر بعد موتنا فان الرسول (عليه الصلاة والسلام) ترك لنا الثالثة التي هي نتاج تربيتنا لأولادنا ليدعوا لنا بعد وفاتنا. وبما أننا في الخليج العربي نعتبر حكامنا آباء لنا لأنهم جعلونا - بفضل الله - نعيش في سعة ورغد وأمان وعدم حاجة للمساعدات من دول العالم فقد وجب علينا الدعاء لهم بعد مماتهم وانتقالهم رحمة بإذن الله تعالى. فلكل حاكم خليجي فضل على أبنائه من كل الخليجيين، وبالنسبة للكويتيين فلن ننسى مواقف حكام الخليج العربي من الغزو العراقي للكويت في سنة 1990 ميلادية وما زلنا ندعو لهم بالمغفرة لمن توفاه الله، وللحي منهم بطول العمر. منافع حكام الخليج لم تنقطع ولن تنقطع - بإذن الله - حتى بعد مماتهم، ففي الأسبوع الماضي حدث معي موقف غريب جلب لي منفعة بسبب أحد القادة الخليجيين رحمه الله. فقد دخلت محل ابن نخي الذي يعد من أرقى وأفخم محلات بيع الأقمشة الرجالية في الكويت والخليج العربي الذي يديره مالك المحل وهو شاب كويتي. لا أخفيكم سرا سعادتي حين أشاهد شابا خليجيا يعمل في محله وكما يقال في الخليج : راعي المال عينه على حلاله دواء لذلك فانني أحاول الشراء من أي محل يعمل به أحد شبابنا الخليجيين دعما لهم، وهذا ما أتمنى من الجميع أن يقوم به. لقد حاولت أن أدعمه بالشراء منه، لكن نوعية تلك الاقمشة وأسعارها جعلتني أطلب منه كوب الماء بسبب نشفان فمي وحينها أخبرني بأن لديه قطعا يفوق سعر القطعة راتبي التقاعدي بثلاثة اضعاف، وعندما شاهد مالك المحل دهشتي قال لي مازحا: سأعرض عليك قطعة فان عرفت من لبسها سأهديها لك. وما أن عرضها حتى قلت له : إن من لبسها هو الملك عبدالله بن عبدالعزيز - رحمه الله - حينها قال: تستاهلها فهي من نفس القماش الذي ارتداه المغفور له - بإذن الله - في لقاء مع أحد ضيوفه الغربيين. شكرت صاحب المحل على هديته، وخرجت وأنا أقول في نفسي: رحمك الله يا أبا متعب فقد نفعت الكثيرين وأنت حي ونفعتني بذكرك وأنت ميت، وأدعو الله أن يلبسك ثوبا من استبرق في الجنة كما ألبسني ذكرك ثوبا فاخرا في الدنيا. أدام الله عملكم بصلاح أبنائكم، ليدعوا لكم، ولا دام من كان فعله بالدنيا سببا في الدعاء عليه وهو في قبره.