لقد كان تصويت البرلمان البريطاني في 2 ديسمبر الجاري لمصلحة قرار يوسِّع العمليات القتالية ضد تنظيم "داعش"، خلال توسيع الضربات الجوية من العراق إلى سورية أمرا مهما. فمن وجهة نظر التحالف، فإن تجنيد الدعم العسكري البريطاني في سورية يتمتع بأهمية خاصة من ناحية الأسباب الملموسة المتعلقة بالقدرات والدوافع، ومن ناحية الأسباب الأقل القائمة على التضامن. القوات البريطانية نفذت بنجاح طلعات جوية من قبرص ضد أهداف تابعة لتنظيم "داعش" في العراق منذ سبتمبر 2014 على مدى 14 شهرا متتاليا ضمن إطار "عملية شادر"، وكانت بريطانيا تتصدر فرنسا وهولندا، والثانية بعد الولايات المتحدة في عدد الغارات الجوية ضد أهداف العدو. تقارير الصحافة البريطانية أشارت إلى أنه في حال وافق البرلمان على عملية التوسع هذه، فإن وزارة الدفاع ستضاعف عدد الطائرات المقاتلة المأهولة "طائرات مقاتلة من طراز تورنادو وتايفون" ليصل عددها إلى حوالى 16 طائرة، ليتم بعد ذلك توظيفها ضد أهداف في كل من سورية والعراق. لا شك أن هذا العدد عامل قد يُغيِّر قواعد اللعبة، إلا أنه سيعزز الآثار التكتيكية للتحالف. فهذه الطائرات، المجهزة بذخائر عالية الدقة مثل قنابل "بيفواي" الموجهة، ستزيد زمن الاستجابة، مما سيؤدي في نهاية المطاف إلى توسيع مجموعة الأهداف المحددة التابعة لتنظيم "داعش". كذلك، فإن إدراج هذه الطائرات ربما يخفف قليلا من عبء الخدمات اللوجستية والصيانة على الطائرات الأميركية، في وقت تخطط القيادة المركزية الأميركية لزيادة طلعاتها القتالية وعمليات إلقاء القنابل على الأهداف في سورية. صحيفة "نيويورك تايمز" أشارت إلى أن القوات الأميركية الجوية والبحرية قامت بما يقارب 95 % من مجموع الطلعات القتالية على سورية حتى الآن. ومع زيادة إيقاع الهجمات، فإن زيادة عدد، ولو قليل، من القوات البريطانية التي تتمتع بقدرات عالية ستعزز العمليات بشكل واضح، لا سيما بالنظر إلى النقص الحالي في حاملات الطائرات الأميركية في الخليج العربي. إلى جانب الفوائد التكتيكية المحتملة التي يُمكن أن تنشأ عن قرار البرلمان هذا، فإن هذا القرار سيوصل رسالة قوية، بطريقة أو بأخرى، إلى الحلفاء والخصوم على حد سواء. فعلى سبيل المثال، كيف سينظر الشركاء، مثل فرنسا وألمانيا، إلى التصويت "ضد" هذا التوسع والفرق الواضح في السياسة الذي سيشير إليها؟ ففي أعقاب الهجمات الإرهابية الأخيرة التي شهدتها باريس، تلتزم هاتان الدولتان بشدة في حملة مكافحة "داعش" في سورية، لذلك فإن تصويت بريطانيا سيكون له تأثير كبير في تحديد اللهجة المتبعة في هذا السياق. بالمثل، يمكن لوجهات النظر المختلفة المستمرة بين لندن وواشنطن حول الحرب ضد "داعش" أن تعزز الرواية التي تقول إن الولايات المتحدة وأوروبا تفترقان أكثر فأكثر، وهو تطور ستسعى موسكو إلى استغلاله.