×
محافظة الرياض

الجبير: قادة المجلس أكدوا تكثيف الجهود لمكافحة الإرهاب

صورة الخبر

تدرك الدول الغربية أن حربها ضد تنظيم الدولة الإسلامية طويلة وشاقة، خاصة وأن التنظيم الذي هددّ أمنها ونفّذ هجمات في عقر دارها، يواصل توسعه، وهذه المرة على مقربة من السواحل الأوروبية، وتحديدا في ليبيا التي يمزّقها الخلاف بين خصوم السياسة وأمراء الحرب. وفي حربهم هذه، اجتمع قادة دول عدّة تحت راية قتال عدّو واحد، ورغم اختلاف الرؤى كان قصف مواقع تنظيم الدولة في العراق وسوريا وإلحاق الهزيمة بمقاتليه هو الهدف الرئيسي للجميع. لكن هذا الأمر أثار مخاوف من أن تتحوّل وجهة مقاتلي التنظيم إلى ليبيا وتحديدا إلى سرت، التي قد لا تكون مجرد وجهة بديلة، بل عاصمة ثانية لـ"خليفة الدولة الإسلامية" أبو بكر البغدادي بعد الرقة السورية، خاصة بعد اشتداد الضربات الجوية وتواترها على معاقل التنظيم في العراق وسوريا. كيف لا، ومدينة سرت التي اقترن اسمها بالزعيم الليبي الراحل معمر القذافي في حياته ومماته، تحوّلت من عاصمة الرايات الخضر إلى عاصمة الرايات السود. فالمدينة الإستراتيجية الممتدة على سواحل البحر الأبيض المتوسط، التي تصل بين شرق ليبيا وغربها وبين شمالها وجنوبها، باتت تمثّل اليوم "حاضنة" للتنظيم الذي تشير معطيات كثيرة إلى توسعه وسعيه لتحقيق المزيد من المكاسب على الأرض، مستغلا بذلك حالة الفراغ الأمني، مما زاد حدّة مخاوف الدول الغربية. مخاوف وأولويات تتوسع المخاوف إذًا، ومعها تتغير الأولويات، فالملف الليبي الذي كان مغفلا لفترة سيعود على الأرجح إلى تصدّر واجهة الاهتمامات الغربية، خاصة في ظل توارد تقارير صحفية عن انتقال جانب من مقاتلي التنظيم من العراق وسوريا إلىسرت. رئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس أكد في تصريحات صحفية قبل أسبوع أن "ليبيا ستكون الملف الأبرز في الفترة المقبلة". الأمر ذاته جاء على لسان رئيس الحكومة الإيطالية ماتيو رينزي، الذي توقّع بعد هجمات باريس وتكثيف الضربات الجوية على تنظيم الدولة بسوريا أن تصبح ليبيا "القضية الملحّة المقبلة". وبحسب مصدر حكومي فرنسي فإن ليبيا التي قال إنها "غارقة في الفوضى والعنف منذ سقوط نظام معمر القذافي في 2011" تتحول "بشكل واضح إلى نقطة جذب للجهاديين مع ازدياد صعوبة الوصول إلى سوريا". وفي ظل غياب حلّ سياسي تتوسع هذه المخاوف، مما يجعل "انتصار تنظيم الدولة" أمرا غير مستبعد في نظر وزير الدفاع الفرنسي جان إيف لودريان، الذي توقّع أن يتضاعف عدد مقاتلي التنظيم في حال نجاح القصف على مواقع تنظيم الدولة في العراق وسوريا. مقاتلو فجر ليبيا يقصفون مقاتلي تنظيم الدولةفي مارس/آذار الماضي (رويترز) أرقام وتقديرات وتجد هذ المخاوف والتوقعات ما يبررها على أرض الواقع، فقد أشار تقرير نشرته الأمم المتحدة بداية الشهر الحالي إلى أن عدد مقاتلي تنظيم الدولة في ليبيا يعد بين ألفين وثلاثة آلاف بينهم 1500 عنصر في سرت. وعلى الرغم مما توضحه هذه الأرقام، فإن خبراء أمميين يؤكدون أن التنظيم الذي نجح في إقامة رأس جسر في ليبيا، يجد مصاعب في توسيع نفوذه في هذا البلد بسبب ما قالوا إنهامشاكل في التمويل، إضافة إلى عداء السكان له. هذا التوسّع العددي كانت له أسبابه القريبة والبعيدة، التي ساهمت في تهيئة ظروف ملائمة ليجد التنظيم موطئ قدم له على بعد مئات الكيلومترات فقط من السواحل الجنوبية لأوروبا. قوة ليبية تابعة للمؤتمر الوطني العاممتوجهة لقتال تنظيم الدولة بسرت قبل أشهر (الأوروبية) توسع وأسباب أحد هذه الأسباب يعود إلى حالة الفوضى التي أعقبت التدخل الغربي الذي أدى إلى سقوط نظام معمر القذافي قبل سنوات. الأستاذ لدى كلية جونس هوبكينس للدراسات الدولية المتقدمة والباحث بمعهد الشرق الأوسط دانيال سيرويريعتبر أن الدول الأوروبية لم تقم بشيء يذكر من أجل وقف العنف المتصاعد، في حين لم يقدّم حلف شمال الأطلسي (ناتو) أي مساعدات عسكرية لليبيا. ويضيف سيروير في تصريحاته لصحيفة يو أس آي توداي الأميركية أن"مستوى الالتزام الأميركي مع ليبيا كان متواضعا دائما، نحن نعتبر ليبيا مسؤولية أوروبية". وبينما بدا من الصعبحشد قوات ليبية في مواجهة التنظيم في ظل غياب تشكيل حكومة وحدة وطنية، يرى سيروير أن التنظيم "بارع جدا في ملء الفراغ". وبحسب صحيفة "20 مينوت" الفرنسية فإن تنظيم الدولة استغل الوضع السياسي المتأزم في البلاد، وجعله يعمل على التوسّع غربا نحو صبراتة، وشرقا نحو أجدابيا مع سعي لاستعادة مدينة درنة. وبينما يقدّر الباحث بالمعهد الفرنسي للبحوث الإستراتيجية والدولية قادر عبد الرحيم أن التنظيم يسيطر على خمس التراب الليبي، يؤكد مدير معهد الدراسات السياسية والاجتماعية -ومقره جنيف- رياض صيداويأن الوضع الليبي يهدد الدول المجاورة، خصوصا مصر وتونس والجزائر، وصولا إلى مالي والنيجير وتشاد في تصريحات للصحيفة الفرنسية ذاتها. تهديدات لا تخفى على دول الجوار والغرب على حد السواء، لكن سبل مواجهتها ما زالت طي الغموض، خاصة في ظل عدم تحقيق اتفاق سياسي وتوحّد الرؤى بين الفرقاء الليبيين.