المعقِّب، هو الشخص الذي يقوم بإنجاز المعاملات في الدوائر الحكومية نيابة عن أصحابها، ويتحمَّل عناء الذهاب إلى الدوائر الحكومية ومراجعتها، والحصول على الأختام من كل إدارة، وفي الغالب يكون معظم ما يكسبه هو من المقيمين العرب. والمعقب، في الغالب، هو شخص قد لا يكون لديه مؤهل عالٍ، ولكنه يجيد الكتابة والقراءة، والأهم من ذلك أن لديه قدرة كبيرة على استغلال طلاقته في الحديث وصبره في مراجعة الدوائر الحكومية حتى إنجاز المعاملة. هذه هي الصورة النمطية، التي يعرفها الجميع عنه، ويُعرِّف به مسماه الوظيفي. إن إيجاد فرصة عمل، والبحث عن مصدر عيش من عرق جبينك لا يعني استغلال ذلك بشكل سيئ، فمن خلال القصص، التي سمعتها ممَّن أعرفهم من المقيمين، أكاد أجزم بأن هناك عملية اتجار بالبشر، ولكن بطريقة غير مباشرة أمام العيان، في حين أنها في الباطن تمثل فعلاً اتجاراً بالبشر من خلال المبالغ التي تُطلب لإتمام معاملة ما، رغم أنها بطبيعة الحال لا تُكلِّف أكثر من 5 % من المبلغ المطلوب منهم فعلياً. قانون العمل واضح وضوح الشمس، وشروط إصدار تأشيرة زيارة، أو إقامة لزوجة العامل في السعودية معروفة، لكن هناك مَنْ يتاجر بها «تحت الطاولة»، ويأخذ رشوة لإتمامها، رغم أنها «أي الرشوة» محرَّمة شرعاً، لكن هناك مَنْ يقدمها مضطراً لأنها شر لابد منه لإتمام المعاملة. العامل المسكين يعرف أن مَنْ يقدم الرشوة، ومَنْ يقبلها «ملعون»، ولكنه مغلوب على أمره حين يكون النظام المتعارف عليه لدى مَنْ يملكون الصلاحية هو الدفع مقابل إصدار تأشيرة الإقامة، أو الزيارة، وهذا الأمر ليس مستحدثاً، أو جديداً، بل هو المعمول به منذ أن كنت في «الثانوية»، أي قبل 12 عاماً تقريباً، وربما قبل ذلك، وبالتالي: كم عاملاً تحمَّل فوق طاقته، ودفع عشرات الآلاف لكي يجلب زوجته، أو والدته، أو أحد أقربائه من الدرجة الأولى؟! هل يعقل أن يدفع مبلغ 50000 ريال ثمناً لذلك، وهو يضع هللة فوق هللة، لا نهتم بها، يجمعها من أجل أن يصرف على أهل بعيدين عنه، ثم يأتي مَنْ يستغل حاجته فيسرق «شقاء عمره»؟! هذا المسكين تراه يتزوج بـ «الوكالة» لأنه لا يستطيع أن يذهب إلى بلده ويتزوج هناك لكيلا تزداد التكلفة عليه، ولكونه يجمع المال ليدفع للمعقب ثمن إصدار تأشيرة لها لجلبها إليه، كما أنه لا يستطيع أن يتزوج من البلد الذي يقيم ويعمل فيه لأن ذلك أيضاً مكلف من حيث شروط الموافقة، فيا ترى هل نجد مَنْ يرحم غربتهم وضعفهم؟! خمس سنوات والأزمة السورية مازالت دون حل، وكم من عامل سوري لزمته الظروف في بلاد العمل أن يجلب عائلته لأن الأزمة طالت، والخطر أصبح يحدق بأهله، ودفع للمعقبين، وموظفي إصدار تأشيرات الزيارة تحقيقاً لذلك، وبالتالي: كم جنى هؤلاء منهم ومن غيرهم من أبناء الجنسيات العربية؟! لست أحسد المعقب النزيه على كسبه، ولكني أرفض استغلال المعقبين حاجات مَنْ يأتون إليهم، خصوصاً حين نسمع وجع المغتربين، ونعلم أن الوزارات لا تعلم عما يقوم به بعض المعقبين فعلياً. في كندا التقيت بـ «صومالي كندي» سبق له العيش في السعودية قبل الهجرة إلى كندا، قال لي: لديكم مافيا اسمها المعقب.