لعل الحديث عن الفساد المالي والمادي ليس أكثر أهمية من الفساد العلمي، والأكاديمي. وبما أن حقوق الملكية الفكرية ليست متطورة لدينا، ولأن الأنظمة لا تنصف ضحايا السرقات العلمية، فإن هذه المقالة ستسلط الضوء على هذا النص من جهة، وعلى قصة حدثت ونشرتها الصحف من جهة أخرى. نحن أمام قصة مثيرة للاهتمام والجدل، فبحسب جريدة «الوطن» فإن الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد «نزاهة»، تلقت بلاغا ضد أحد مسؤوليها -تحتفظ الصحيفة باسمه- بدعوى سرقة مجهود علمي لكتاب وكاتب أجنبي، حيث زود مقدم الشكوى الهيئة بنسخة من ذلك الكتاب! الكتاب تم سحبه ومنع تدريسه في جامعة الملك سعود. لكن ليست هذه هي النهاية، بل بدأ رئيس «نزاهة» محمد الشريف في التحقق من هذا البلاغ الخطير. الفساد ليس نوعا واحدا وهو لا يتجزأ، فسرقة كتاب قد تكون أخطر من سرقة مال، والسرقة مثل الكذب والنميمة لا تتجزأ، فليست للسرقة درجات دون أخرى، فسرقة المليون مثل سرقة المليار، وسرقة كتاب مثل سرقة تغريدة أو مقال، كلها تدخل ضمن إطار «الجرم الأخلاقي» المتمثل بالسرقة، وعليه فإن من مهام الهيئة أن تفتح مجالا ضمن مجالاتها لتلقي البلاغات ذات الإطار الفكري والعلمي والأكاديمي والفني لحفظ الحقوق وإعادتها إلى الناس بعد أن أخفقت تجارب استرداد حقوق الملكية الفكرية بأكثر من حادثة خلال السنوات الماضية. هناك كتب تمت قرصنتها، وصور لفوتغرافيين سرقت، وانتحلت مقالات وكتب، ومع ذلك الكل ينجو للأسف، ولو أننا في بلدان صارمة بهذه المجالات لتمت المعاقبة، كما حدث مع كاتب كبير هو فريد زكريا والذي أوقفت زاويته وبرنامجه بعد (اقتباس) له في مقال أخذه من مصدر لم يشر إليه!