سرد العائدون من جحيم الإرهاب تجاربهم أمام طلبة جامعة حائل أمس، مؤكدين زيف وخداع المتطرفين وحقدهم على هذا الوطن. وعرضوا كيفية استدراجهم إلى مواقع وبؤر الصراع في العالم، مشيرين إلى أنهم فوجئوا بعد كشفهم حقيقة التنظيمات الإرهابية، ورفضهم الانصياع لمطالبهم والإفصاح عن رغبتهم في العودة إلى الوطن، بقيام القائمين على هذه التنظيمات بتمزيق جوازات سفرهم وإيداعهم السجن. جاء ذلك خلال ندوة نظمتها جامعة حائل حول "جهود مركز الأمير محمد بن نايف للمناصحة والرعاية في حماية الفكر"، شارك فيها من المركز الدكتور علي بن عبدالله العفنان عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود، والدكتور خالد أبا الخيل، والدكتور محمد المطيري، والعقيد تركي الجلعود أعضاء مركز الأمير محمد بن نايف للمناصحة، وعائدان من غياهب الفكر المتطرف، هما: بدر بن عذال العنزي، والمهندس عبدالرحمن بن عيد الحويطي. تصحيح المفاهيم أكد الدكتور العفنان أن مركز المناصحة تأسس عام 2004 كلجان مناصحة بفكرة من قبل ولي العهد، نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير الداخلية الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز، ثم تحول إلى مركز مناصحة عام 2006. وفي عام 2008 أصبح مركز الأمير محمد بن نايف إدارة، لها فروع بمناطق المملكة. وأشاد بالدور الريادي الكبير للمركز في استيعاب المتورطين في الفكر المتطرف وإعادة دمجهم في المجتمع وتصحيح مفاهيمهم عن طريق الاستفادة من برامج المناصحة، التي يعمل عليها المركز من خلال عدة استراتيجيات ما بين المناصحة والتأهيل والرعاية، مشيرا إلى أن المركز يتعامل مع من تم إيقافهم أثناء محكومياتهم، وإكمال الأحكام القضائية الصادرة في حقهم. وقال العفنان إن هناك نسبة من الذين يخضعون لبرامج المناصحة يعودون إلى مناطق الصراع، واستشهد بكلمة الأمير محمد بن نايف عندما قال "لو خضع 100 شاب لبرامج المناصحة، ولم يندمج مع المجتمع إلا شاب واحد، فهذا مكسب للوطن"، موضحا أن 85 % من المستفيدين استجابوا لجلسات مركز المناصحة، وأن خروج طائرة خاصة إلى معتقل جوانتانامو لأخذ سجين سعودي، يعكس اهتمام قيادتنا الحكيمة بالمواطن وإعادته إلى جادة الصواب. برامج المناصحة أضاف الدكتور العفنان "يستفيد من برامج مركز المناصحة الموقوف وذووه، وذوو المطلوبين والهالكين، كما أن هناك برامج مناصحة نسوية جراء وقوع بعض النساء في هذا الفكر الضال. ويهتم المركز بتقديم برامج أسوة بالبرامج التي تقدم للرجال"، مبينا أن المركز قدم 15 ألف جلسة مناصحة، ولا يعني ذلك عدد الموقوفين، إلا أن نسبة من الموقوفين طالبوا بجلسات أكبر للنقاش مع المتخصصين بالمركز. وكشف الدكتور العفنان عن برامج المركز التي يقدمها وتشمل برامج تعليمية وعلاجية وهدايا للزواج بقيمة 50 ألف ريال، وبرنامج للحج للموقوف واثنين من ذويه. كما أن للمركز شراكات مع جهات حكومية عدة ومنها كرسي الأمير محمد بن نايف للدراسات الأمنية في جامعة حائل. وأوضح أن المركز أقام 2702 فعالية متنوعة داخل إطار المناصحة الفكرية، واستفاد من برامج المركز 3002 مستفيد، مبينا إلى أن أعمار المجندين ما بين 19 و25 عاما، وأن مصير أصحاب هذا الفكر الضال لا تخرج عن قاتل أو مقتول أو مطارد أو سجين. وبالمقابل كان عدد أعضاء مركز المناصحة نحو 262 عضوا. وحصد المركز عدة جوائز، وله مشاركات عالمية، وزاره عدد من الشخصيات العالمية. فكر متطرف روى بدر بن عذال العنزي، رب أسرة مكونة من خمسة أطفال، تجربته مع الفكر الضال وأثر الأحداث التي جرت في الدول المجاورة خلال دخول القوات الأميركية إلى العراق، حيث تحول حماسه لنصرة الدين باندفاعه تجاه الخروج إلى مناطق الصراع، والتقائه بعدد من الأشخاص من أصحاب الفكر الضال . وأضاف العنزي: بعدما عزمت على الخروج واستخراج جواز السفر، قُبض عليَّ من الجهات الأمنية، وحدثت صدمة نفسية لابنتي، وبعد خروجي من التوقيف خضعت لجلسات في مركز المناصحة، ولله الحمد اليوم أنا حاصل على درجة الماجستير، وأسعى إلى دراسة درجة الدكتوراه. أفكار الخوارج أكد المهندس عبدالرحمن الحويطي، أب لثلاثة أطفال ولديه زوجتان، أن حياته تجددت بعدما خضع لجلسات المناصحة، وعاد بالذاكرة إلى بدايات التحاقه بتنظيم القاعدة في اليمن عام 2005، بعدما تأثر بأفكار الخوارج واستماعه للأفلام المسماة بالأفلام الجهادية والأناشيد، التي كانت دافعا له للالتحاق بالتنظيم دون وجود خلفية دينية، وأضاف أنه تدرب بعد وصوله إلى اليمن متسللا على عدد من المهام العسكرية، وكانت الوجهة الذهاب إلى أفغانستان، ثم فوجئ بأن الوجهة تحولت إلى العودة للسعودية لتنفيذ عملية إرهابية، وهنا بدأ الاختلاف مع قيادات تنظيم القاعدة بأن مجتمعه مسلم، فحاولوا إقناعه ولم يستطيعوا، ثم قرر العودة، إلا أنهم أودعوه السجن ومزقوا جواز سفره، لأنه رفض قتال رجال الأمن وهددوه بالقتل، ولكنه تمكن من الخروج من مقر سجنه، وتاه في الحدود 17 يوما حتى وصل إلى مركز لحرس الحدود وسلم نفسه.