×
محافظة المنطقة الشرقية

تحليل في الجول – كتالوج.. باكيتا يشرح قواعده الـ7: " وكيف تواجه فريقا اعتاد الفوز عليك "

صورة الخبر

قدر الدول المحورية أن تكون رافعة لإقليمها جاهزة للدفاع عنه في منشطها ومكرهها، بل وشماعة لتقصير دوله ونخبه وتحمل هفواتهم. فهي تتسامى فوق الخلافات الهامشية وتتجاوز بعض الأزمات العميقة في سبيل دفع ضرر خارجي يتهدد وجود الإقليم. النقاش في الدوحة يتسم بالكثير من الجلبة الإيجابية، وتُوفر مراكز الدراسات والمنتديات فرصا مواتية للعصف الذهني واستحلاب الأفكار مهما كان تباينها، وفي ظني أن منتدى دراسات الخليج والجزيرة العربية الذي نظمه هذا الأسبوع المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات حفل بالكثير من المعلومات والآراء التي تعد موجها للقرار الاستراتيجي والتكتيكي وإدارة الأزمات في الوقت ذاته. ويبقى السؤال كما طرحه أحد المعلقين: هل يستمع صناع القرار لمثل هذه الأفكار والمقترحات، أم أن النخب يسامرون أنفسهم منذ سنوات عديدة ويلدون أفكارا لا تجد طريقها للتنفيذ؟ جلسة العلاقات الدولية التي خصصت أولى حلقاتها للاتفاق النووي الإيراني وتداعياته على دول الخليج العربية وتسيد المشهد سواء على المنصة أو تعليقات الأشقاء من الكويت، وأدارها معالي الأستاذ عبدالله بشارة وصلتْ إلى خاتمة مزعجة تصور المملكة وكأنها تقف منفردة في وجه أي تفاهم مع إيران، وربما يكاد اتهامها بالخروج عن الإجماع الخليجي ينطق من بين السطور ونبرات الصوت من بعض المحاضرين، وإن كان الدكتور محمد الرميحي كعادته موضوعيا هادئا يشخص الحال بالكثير من العقلانية. مصطلحات صادمة - ليس لتفردها وغرابتها وإنما لتكرارها بصيغ عدة- منها تعظيم قدرة إيران، وإسرائيل، وتوازن العلاقات الإيرانية - العمانية، مع تحييد واضح للموقف القطري، ورهن الموقف الإماراتي للمصالح التجارية مع إيران ثم لايلبث المتحدثون أن يعودوا مرارا وتكرارا إلى الموقف الخليجي من إيران، مع توافق ضمني على أنه لايوجد موقف خليجي موحد. كما أنهم يصرون في غير رسالة إلى توازن العلاقات الإيرانية مع كل من عُمان والكويت؛ والتوازن -من وجهة نظري- ليس المصطلح المناسب لتوصيف العلاقة ذلك أن إيران لا تعترف بغير الهيمنة. ما رفع الضغط من بواكير النهار كان تعظيم انتصار إيران بتوقيع الاتفاق النووي، والتسليم بأن مستقبل دول الخليج أصبح بيدها، وكأن دول الخليج تدين بتأسيسها واستمرارها لأميركا أو غيرها. بل وباستدعاء صريح للفكر الاستهلاكي الذي يستورد كل شيء من المسلسلات التركية إلى لقمة العيش استنجد خطاب بعض المتحدثين بباكستان وتركيا، وتصوير أميركا وكأنها القوة القاهرة الوحيدة. لقد كان صباحا جميلا أفسده كثرة النواح على المستقبل وكأن إيران "العظمى" تدق أبواب مدننا الخليجية العامرة، ولم يبق أمامنا سوى القبول بها شريكا في حل مشكلة سورية واليمن، وفي حقولنا النفطية وقد تفرض علينا دفع الجزية، فقد سلمها الفكر الموغل في الانهزامية مقاليد الأمور كلها. الحلقة الثانية التي تناولت التحديات الأمنية والسياسية لدول مجلس التعاون الخليجي لم تنفك عن سيطرة الاتفاق النووي الغربي - الإيراني. لقد بدت أكثر توازنا بحيث قدمت إيران كدولة لها عناصر قوة وتعتريها عوامل ضعف كأي قوة في المنطقة. الدكتور خالد الدخيل استطاع أن يحبس أنفاس القاعة بورقته المعنونة: "إيران ودول الخليج من تصدير الثورة إلى تفكيك الدولة" والتي بدأها بسؤال استنكاري عن الثورة التي صدرتها إيران. فهو يعتبر أن نظام ولاية الفقيه سطاعلى ثورة الشعب الإيراني واستلبها، وأصبح التصدير من الجانب الإيراني يتمثل في المليشيات على غرار "بدر" و "حزب الله"، والعشرات من المليشيات الإيرانية في الدول العربية. أما منتج التصدير الثاني فهو الطائفية لان دستورها ينص في مادته الثانية عشرة على أن "الدين الرسمي لإيران هو الإسلام والمذهب الجعفري الاثنا عشر، ويبقى هذا المبدأ قائماً وغير قابل للتغيير إلى الأبد" ووفقا للدكتور الدخيل فإنها الدولة الوحيدة التي تقوم على المذهبية، ولذلك فلا غرو والحال هذه أن يكون وصف إيران بالطائفية حقيقة وليس زعما. وتطرق في جرأة إلى مسوغات اعتبار إيران دولة عدوة مقارنة بالكيان الصهيوني، ولم يجد غضاضة في اعتبارها عدوا لدول الجوار العربي بأفعالها التي تهدد الأمن والاستقرار والسلم الاجتماعي. وقد شجعني طرح الدكتور الدخيل لمراجعة الدستور الإيراني لأجد فيه أن رسالة القوات المسلحة الإيرانية تتمثل في "الجهاد في سبيل الله، والنضال لبسط حاكمية القانون الإلهي في العالم" ما يجعلني أتخيل كيف سيتصرف الغرب معنا لو نص دستورنا على ذلك. وقناعتي بخصوص الاتفاق النووي مع إيران سبق أن كتبت عنها في هذه الزاوية، وأن إيران وقعته مرغمة لأنه ببساطة يناقض الأساس الدستوري الذي قامت عليه الجمهورية الإسلامية في إيران وتعكسه الصرخات الشهيرة التي تردد في الدعوة بالموت على الأميركيين والإسرائيليين والبراءة من المشركين والشيطان الأصغر والأكبر؛ ولذلك فإن الحوار الذي كان مطلبا في الحلقة الأولى يمكن أن يكون بالتواصل مع الداخل الإيراني المتعطش للانفتاح على العالم وهو نقطة ضعف كبيرة يجب استثمارها. إيران غير مخيفة إلى الدرجة التي تثير العرب، وإنما نحن الذين عظمنا قوتها، وكل حروبها تمت بالوكالة عن طريق المليشيات العربية بكل أسف. كما أن عودة إيران لسوق النفط لاتمثل قلقا كبيرا وفقا للدكتور ممدوح سلامة الذي ذكر في ورقته حجم الكذب الذي انتهجه الساسة الإيرانيون للتأثير النفسي في خصومهم، فهي لا تملك 157 مليار برميل من الاحتياطيات النفطية وإنما أقل من 40 مليار برميل، كما أنها لن تتمكن في القريب المنظور من الوصول إلى تصدير 4.8 ملايين برميل يوميا، وقد تتجاوز 3.5 ملايين برميل في عام 2032م وحينها سيتضاعف حجم الطلب الداخلي على النفط والطاقة. لست مع فرعنة إيران ولا الاستهانة بها، ولكني ضد الاستسلام للحملات النفسية التي يروج لها المصلون في محرابها. كما أن السعودية لا تقف منفردة في مواجهة إيران، وإنما مدافعة عن الأمن الإقليمي والعربي، وإلى ركابها الشارع بكل طبقاته. لمراسلة الكاتب: aaltayer@alriyadh.net