القاهرة الشرق يتناول التقرير الثامن إحدى القضايا المصيريّة التي تهمّ الوطن العربي ومستقبله، وهي قضيّة التكامل العربي. فحينما قرّرت «المؤسّسة» تكريس تقريرها السنوي السابع حول «الربيع العربي»، الذي حمل آنذاك عنوان «العرب بين مآسي الحاضر وأحلام التغيير: أربع سنوات من الربيع العربيّ»، لم يكن هذا الخيار إلّا تعبيراً عن هاجس المؤسّسة من أحداث هذا الربيع الذي شغل العرب والشرق الأوسط والعالم. دعا التقرير الثامن إلى إعادة التفكّر بالعلاقة بين العروبة كانتماء ثقافي ولغوي تأكّدت عبر التاريخ من جهة، والقومية العربيّة كإيديولوجية تأثّرت بالأفكار القومية التي عرفتها أوروبا، وتمثّلت، من جهة ثانية، في أحزابٍ وتيّارات عدّة رفع بعضها شعارات الوحدة والحرّية والاشتراكية. وهي الشعارات التي أخفقت في تحقيقها. ولئن كانت الأيديولوجيّة القوميّة قد انهارت، إلّا أنّ العروبة، كانتماء تاريخي وثقافي ولغوي، ما زالت قائمة، ولا بدّ – بحسب ما جاء في التقرير- من تجديد الفكرة العربيّة، كهويّة تميّز العرب مثل هويّات الشعوب الأخرى، في ضوء المعطيات الواقعية. ولعلّ أبرز تلك المعطيات، هو الانطلاق من الواقع العربي الراهن، واحترام حدود الدول الأعضاء وسيادتها في جامعة الدول العربيّة، واعتبار الجامعة العربيّة المؤسّسة التي تحتاج إلى تطويرٍ لتستوعب مستجدّات الواقع بعد سبعين سنة من إنشائها. كما أنّ تجديد الفكرة العربيّة يجدر به أن يتأسّس على الوقائع التنموية والتكامل الاقتصادي، فضلاً عن إنماء اللغة والثقافة. ولعلّ ذلك ما يفسّر تنوّع أبواب التقرير والقضايا التي عالجها. من الهويّة إلى الجامعة العربيّة تناول التقرير 8 أبواب جاءت على النحو التالي الباب الأولّ «إشكاليّات الهويّة العربيّة وتحدّياتها»، الثاني: «التكامل العربيّ ومشروع الدولة الوطنيّة»، الرابع: «التكامل العربي: التعاون الأمني والعسكري في الوطن العربي»، الخامس بعنوان: «التكامل العربيّ.. الأبعاد الاقتصاديّة». أمّا الباب السادس والأخير من التقرير: «جامعة الدول العربيّة.. الواقع والمُرتجى»، الذي ركّز على المضامين الجديدة لعملية الإصلاح، محاولاً إبرازها، مثيراً مسألة تعديل ميثاق جامعة الدول العربيّة، وتحديث علاقتها بالشعوب العربيّة من خلال تأهيل المجتمع المدني، وتطوير البرلمان العربي، وإدخال مفاهيم التدخّل الإنساني والحماية الإنسانية والمسؤولية الإنسانية، والعدالة الانتقالية، والمصالحة، والحقيقة، ومسألة الجندر..إلخ، وذلك في إطار عَصْرنة القيم ذات الصلة بما يستدعيه النظام العربي من تجديدٍ للمفاهيم ومن استحداثٍ لها كمحفِّز لعملية الإصلاح.